دواء الشاكين وقامع المشككين ردود وبيانات في هيئة حلقات للشيخ عبدالرحمن القاضي 4

من طرف **AGILIEDI** الإثنين يناير 28, 2013 11:59 pm

دواء الشاكين
وقامع المشككين

(مجموعة مقالات لدفع بغي الشيطان وأعوانه)

لأبي عبد الله
عبد الرحمن القاضي الحسني
حفظه الله تعالى

(الحلقة الرابعة)

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله، نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا, من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله.
ثم أما بعد:
· وأما علم الجرح والتعديل وعلم الإسناد والرجال فهو من أجل العلوم الشرعية وهو من خصائص هذه الأمة دون سائر الأمم بل به قوام الملة وحفظ الشريعة من أن يدخل أهل الأهواء بدعهم وضلالاتهم فيها ولولا ذلك لقال من شاء ما شاء ولقُبل من كل قائلٍ كل ما يقول غير أنه يجب إعطاء القوس لباريها فلكل فن متخصصوه والمتمكنون منه وإمامهم بشهادة كبار علماء هذا الزمان هو العلامة الربيع -حفظه الله- فهو حامل راية الجرح والتعديل بحق في هذا الزمان كما شهد له بذلك الإمام الالباني -رحمه الله- وكذلك يفهم ذلك من إحالات شيخنا العلامة العثيمين عليه في هذا الفن ولا نقول أنه المتفرد بذلك فله إخوان من حراس الشريعة ومن تلاميذه أيضًا -حفظهم الله-, أما أن يدلو كل واحد بغير دلو ويدس أنفه بغير علم ولا حكمة من عامة الناس ولو قال أنه سلفي ولو كان معروفًا عند قومه وقريته أو كان يعد أعوام سلفيته فيراها كثيرة وكثرتها تخوله أن يتهور ويتعالم فهذا الذي عبته واستنكرته بحيث صار هؤلاء لا همَّ لهم ولا شاغل لهم إلا أن يصدروا أنفسهم لهذا الأمر الخطير فلا للعلم طلبوا ولألسنتهم كفوا عن إخوانهم من السلفيين بحق بل تصاعدوا في ذلك حتى طعنوا في طلبة العلم عندهم ممن مشهود له بحسن الطريقة وسلامة المنهج بأول ظن فاسد أو فهم سقيم أو تأويل ممجوج بدون الرجوع لأهل العلم مما ترتب على هذا من الظلم والقطيعة والاختلاف والتناحر مما هو معلوم مشهور لا ينكره إلا مكابر فهذا الذي استنكرناه واستعظمنا وقوعه والله أسأل أن يهدينا للصواب وإلا من يفصل بين العلم الشرعي ومشايخه وطلابه وبين الجرح والتعديل بحيث يقول أنه لا يشترط في المتكلم في هذا العلم أن يكون من أهل العلم فهذا في نظري منهج مبتدع يتذرع به أقوام للوصول للوجاهة والرئاسة والتسلط على أهل العلم بالتصيد والتجديع, واختصار هذا كله ما قاله غير واحد من العلماء حفظهم الله كالربيع والجابري والسحيمي (اعط القوس لباريها).
· وأما ما ذكر من الثلب علي لذكري أني على طريقة شيخنا الوالد الإمام العثيمين في التصريح بذكر أعيان المبتدعة فهذا طعن مبطن في الإمام -رحمه الله- لظن هؤلاء أن الشيخ على غير طريقة السلف في ذلك وهذا من جهلهم وإنما طريقة الإمام -رحمه الله- هي طريقة السلف وأئمة الحق قديمًا وحديثًا وأن الجرح لأهل البدع واجب شرعًا ولا تصان الشريعة إلا بذلك غير أن التصريح بأسماء أهل البدع على الملأ يرجع إلى المصلحة الشرعية في ذلك وعدم إثارة الفتن, وإليكم طرفًا من النقولات عن الإمام -رحمه الله-لكي يتبين منهجه في الجرح والتعديل ومنهجه في الأخذ عن أهل البدع لهؤلاء وغيرهم.
فقال في لقاء الباب المفتوح في معرض الجواب عن سؤال عن الرافضة فقال: (أما اجتماع الأمة لا شك أنه واجب، كما قال الله عز وجل: { وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا } [آل عمران:103] لكن واجب على أي شيء؟ على هدي النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه، ما هو على الأهواء، (اعتصموا بحبل الله) بدأ بالحبل قبل أن يقول: (جميعاً) وحبل الله هو دينه وشريعته، وأما أن نتفق بالمداهنة، فهذا غلط، ولهذا نجد العلماء رحمهم الله يردون على المبتدعة ويرون أن الواجب عليهم الرجوع إلى الحق.)
وقال رحمه الله في المنع من الأخذ عن أهل البدع في لقاء الباب المفتوح مجيبًا على هذا السؤال (فضيلة الشيخ حفظك الله: إذا كان هناك رجل عليه بعض الملاحظات، سواء كانت في العقيدة أو في غيرها، وفيه خير كثير، ما هو ضابط التعامل معه والاستفادة منه إذا كان صاحب قلم سيال، أو منصب مرموق، أو لديه من الطاقات ما ليس عند غيره؟
الجواب: إذا كان هذا الرجل مجاهرًا بما عنده من البدعة؛ فإنه لا ينبغي للإنسان أن يتعامل معه وأن يتردد عليه؛ لأنه وإن كان لا يتأثر به فقد يغتر به غيره، بمعنى: أن الناس ينخدعون ويظنون أن هذا المبتدع على حق، فالذي ينبغي ألا يتردد الإنسان على أهل البدع، مهما استفاد منهم ماليًّا أو علميًّا؛ لما في ذلك من التغرير بالآخرين.)
وأجاب في باب بطلان منهج الموازنات واعتبار المصالح والمفاسد في تسمية المبتدع:
السؤال (فضيلة الشيخ! إذا وقع الرجل في بدعة قد تكون خطيرة فناقشتُه فهل يلزمني ذكر محاسنِه، أو يجب عليَّ بيان تلك البدعة أو الخطأ فقط، أو يلزمني شيء آخر كذكر محاسنه؟
الجواب: (هذا فيه تفصيل: أما من أراد أن يقوم الرجل ويذكُر حياته، فالواجب أن يذكر حسناته وسيئاته.
وأما من أراد النصح والتحذير من بدعته وخطره فلا يذكر الحسنات؛ لأنه إذا ذكر الحسنات فهذا يرغِّب الناس بالاتصال به.
فالمسألة فيها تفصيل، فمثلاً إذا إنسان ابتدع بدعة وأردنا أن نتكلم نحذر من البدعة فإنا نذكره ولا بأس، وإن كان قد يكون من المصلحة ألا يُذكر باسمه.
وأما إذا كنا نريد أن نتكلم عن حياته فالواجب أن يُذكر ما له وما عليه.
فالمسألة فيها تفصيل.
الرسول عليه الصلاة والسلام ذكر أسماء معينة بأشخاصهم في مقام النصح كما في حديث فاطمة بنت قيس أنه خطبها أبو جهم و معاوية وأسامة بن زيد فذكر النبي صلى الله عليه وسلم عن أبي جهم وعن معاوية ما يقتضي ألا تتزوجهما وقال: (انكحي أسامة)، ولم يذكر محاسنهما مع أن محاسنه لا شك أنها كثيرة؛ لكنه سكت عن ذلك؛ لأن المقام يقتضي هذا، وأما الإنسان إذا كتب عن حياة شخص فيجب أن يقول العدل، ما له وما عليه.)
وأجاب رحمه الله في مسألة الهجر والسلام على أهل البدع .
السؤال المبتدع هل نسلم عليه؟
الجواب: ( المبتدع إن كان داعياً لبدعته وكان في هجره مصلحة لا تسلم عليه، وأما إذا لم يكن في هجره مصلحة فسلم، صاحب البدعة إذا هجرته اتخذك عدواً وأثار الناس عليك، ولا فائدة من هجره، ولكن إذا كان في هجره فائدة بأن كان الرجل كبيرًا في قومه وله منزلته، وصار هذا المبتدع إذا هجره هذا الرجل سوف يهتم بهذا؛ فلا بأس، وهذه قاعدة عامة، كل من كان على معصية ليست بكفر فلا يجوز هجره إلا إذا كان في ذلك مصلحة.)
بل تعلم هذا التفصيل العلمي من الإمام السلفي -رحمه الله- في الصلاة خلف المبتدع وكان هذا في سؤالات نور على الدرب:
السؤال ما حكم الصلاة خلف المبتدع؟
فأجاب -رحمه الله تعالى-: (الصلاة خلف المبتدع إن كان هذا مما يغري الناس به فيثقل ميزانه عند الناس وتقوى بدعته فلا يجوز أن يصلى معه مهما كانت البدعة وإن كان ذلك لا يؤثر فإن كانت بدعته مكفرة فإنه لا يصلى خلفه وإن كانت بدعته مفسقة فإنه يصلى خلفه كسائر العصاة ولكن إذا كان هذا يؤدي إلى اغتراره بنفسه واستمساكه ببدعته فإنه لا يجوز أن يصلى خلفه احتقارا له ولئلا يضل الناس ببدعته.)
واستمع لكلام الشيخ الإمام السلفي لزيادة الفائدة في فتح رب البرية في الرد علي أهل البدع :
واستمع أيضًا تعليقاته على اقتضاء الصراط المستقيم في التفريق بين قبول الحق ممن قاله والتتلمذ على أهل البدع وأن الأخذ عن أهل البدع ليس من باب قبول الحق من قائله ولذلك فهو ممنوع وفي كلامه -رحمه الله- إزالة لشبهة أهل الأهواء والبدع من الحزبيين وغيرهم في ذلك .
وختامًا لهذا المبحث فأسأل أن يعينني على جمع الفوائد المنهجية لعلمائنا الأئمة المعاصرين في هذا الباب وأنا بصدد كتابته بعون الله تعالى وإن كنت أعلم أن أكثر السلفيين يعرفون كلام الأئمة في هذا الباب لكن لعل هذا القليل يستفيد من ذلك .
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين

يتبع إن شاء الله

__________________
المعهد العلمي للدراسات الشرعية والعربية

التعديل الأخير تم بواسطة أبو يزيد علي بن محمد ; 28 - 11 - 2012 الساعة 11:30 PM