وقفة قصيرة :

هناك دعوات كثيرة إلى إتباع نظام الماكروبيوتيك الياباني في الشرق الأوسط لأنه يشفي من كثير من الأمراض كما هو وبدون أي تعديل لكي يلاءم هذا النظام منطقتنا العربية أو حتى لكي يلاءم حالة مرضية معينة. سبب ذلك هو الفهم السطحي لفكرة الجاذب والنابذ (الذكر والأنثى) وتكاملهما. في هذه الدعوة وعلى هذه الطريقة عدة أخطاء وأخطار.
أولا. بعض الأغذية التي تشكل جزءا من نظام الماكروبيوتيك مثل الميسو والأوميبوشي والجوماشيو غير متوفرة في منطقتنا أو متوفرة بسعر باهظ. نحن لدينا في الشرق الأوسط أغذية ذات فوائد تكافئ فوائد هذه الأغذية اليابانية مثل المخللات التي تكافئ الميسو والزيتون الذي يكافئ الأوميبوشي والزعتر المطحون الغني بالسمسم الذي يكافئ الجوماشيو. هذه الأغذية المحلية رخيصة الثمن ومتوفرة في كل مكان ويمكنها أن تعوض كليا عن الأغذية اليابانية المذكورة.
ثانياً. نظام الماكروبيوتيك نظام واسع ومتنوع يحتوي بشكل رئيسي على الحبوب الكاملة والخضار. وهذا جيد في حال كون الشخص الذي يرغب بإتباعه لا يعاني من الأمراض. أما في حال وجود مرض ما فلا بد من تعديل هذا النظام ليلاءم الحالة المرضية الموجودة. مثلا: مريض مصاب بالتهاب أمعاء مثل التفؤيد لن يتمكن من تناول القمح المسلوق أو أغلب أنواع الخضار مثل البقدونس وغيره ولا بد من إتباع نظام غذائي دقيق حتى تتحسن حالة المريض وعندئذ يتم تعديل النظام الغذائي وتوسيعه حسب الحالة.
ثالثاً. عند تصنيف الأغذية والأمراض وغيرهم على أساس الجاذب والنابذ يجب مراعاة النسبية في تصنيف كل شيء. فنوع معين من الخضار قد يكون جاذبا مقارنة مع نوع آخر من الخضار ولكن نابذا مقارنة مع نوع ثالث. أيضا من المعادن الجاذبة مثلا الصوديوم والكالسيوم. فكلا هذين المعدنين يحمل قوة جاذبة ولكن الصوديوم يحمل قوة جاذبة أضعف من الكالسيوم لذلك فالصوديوم مقارنة مع الكالسيوم هو نابذ, والأمراض التي تنتج عن نقص مزمن لمعدن الصوديوم مثل مختلف أنواع الحساسية والالتهابات وغيرهم تختلف كليا عن الأمراض التي تنتج عن نقص مزمن لمعدن الكالسيوم مثل سرطان العظام ونخر الأسنان ونقص المناعة المفرط. كما أن شكل وكثافة الخضار الغنية بالصوديوم يختلف كليا عن شكل وكثافة الخضار الغنية بالكالسيوم. حيث أن الخضار الغنية بالصوديوم تميل للطراوة مثل الكوسا بينما تميل الخضار الغنية بالكالسيوم للقساوة والجفاف مثل الفجل واللفت.
لذلك هناك خطر في تقديم نصائح عامة عشوائية لأي شخص مهما كانت حالته الصحية بأن يتبع نظام الماكروبيوتيك العام كما هو وبدون تعديل. يجب أخذ الوقت الكافي مع كل مريض لشرح ما أمكن من معلومات تفيده وترشده بهدوء واحترام ومحاولة إيصاله إلى نقطة يصبح فيها هو حكيم نفسه. فالمريض الذي يبحث عن نصائح غذائية يحتاج لإعطائه روح الثقة والطمأنينة لأنه في أغلب الأحيان حائر وضائع. فلو لم يكن حائرا وضائعا لما كان مريضا.
الهرم الغذائي ليس لمعالجة الأمراض
الهرم الغذائي يتضمن نصائح عامة فقط. ولن يفيد في معالجة مرض معين. فالهرم يذكر أن الخضار مهمة. ولكن هل البقدونس مثل اليقطين أو مثل الزهرة؟ وهل الرز الكامل مثل القمح الروسي؟ وأي أعشاب بحرية مفيدة للالتهابات وأيها مفيدة للكولسترول المرتفع؟
في تقرير نشر مؤخرا على الإنترنت من الولايات المتحدة الأمريكية ورد التالي:
الحكومة الفدرالية حاولت تقديم أحدث العلوم في نصائح التغذية. ولكن ضغوط الشركات الكبرى عكّرت هذه الجهود. من المتفق عليه الآن أن الهرم الغذائي باطل ويقول الباحث دن جيفورد المقيم في بوسطن: "الهرم الغذائي هو مصيبة. والبرهان على ذلك هو الأوبئة التي نعاني منها".
في حال وجود مرض ما، يجب تعديل نظام الماكروبيوتيك حسب الحالة المرضية حتى يتم الشفاء لأن هذا الهرم الغذائي لن يفيدك؟
وهل سيفيدك معرفة أن نوع ما من الخضار يحتوي على فيتامينات ب أو كالسيوم أو غيره؟
هذه المعلومات تسبب الضياع أكثر من الفائدة لأنها لا تعطي الجواب الشافي لسؤال بسيط يسأله معظمكم:
أنا عندي مرض معين، ماذا يجب أن آكل لأشفى من مرضي؟
ستجد الشرح والحل في صفحات هذا الموقع.
لذلك هناك خطر في تقديم نصائح عامة عشوائية لأي شخص مهما كانت حالته الصحية بأن يتبع الهرم الغذائي في نظام الماكروبيوتيك العام كما هو وبدون تعديل.
يجب تعديل هذا النظام حسب الحالة الصحية. قد تكون الحالة لا تسمح بتناول بعض الأغذية المذكورة هنا.
مثلا: قد يكون هناك حساسية عند المريض لبعض الأغذية المذكورة في الهرم أو يكون هناك التهاب أمعاء أو نفخة كولون أو ورم خبيث .... الخ.
من بين الأسئلة التي تسألونا إياها هي التالية:
سؤال: ما هي الأغذية المذكورة في نظام الماكروبيوتيك التي تناسب حالتي الصحية؟
جواب. لكل مرض معين نظام غذائي معين. مثال: البقدونس مفيد جدا لمرضى فقر الدم والسكري وغيرهم الكثير من الأمراض ولكنه مؤذي لمرضى التفؤيد والحساسية وغيرهم. والحل هو أن يكون الإنسان على معرفة بفوائد كل نوع من أغذيته وعندئذ يصبح حكيم نفسه أو يمكنه استشارة خبير غذائي للحصول على نظام غذائي مناسب لحالته المرضية.
سؤال: لدي مرض معين وأظن أن بعض أغذية الماكروبيوتيك قد تؤذيني، فبأي أنواع من هذه الأغذية أبدأ؟
جواب. بالفعل نظام الماكروبيوتيك هو نظام واسع ومتنوع. إذا لم يكن لديك أي مشاكل صحية (الحساسية, الالتهابات المختلفة, النزيف, أورام, اضطرابات هضمية, أورام الخ) فيمكنك إتباع النظام العام والتنويع بين أغذيته. أما إذا كان لديك حالة مرضية معينة ولا تستطيع التقرير أي من أغذية الماكروبيوتيك مناسبة لك فاسأل من يعلم.
كما يجب أخذ الوقت الكافي مع كل مريض وبهدوء وأدب شرح ما أمكن من معلومات تفيده وترشده ومحاولة إيصاله إلى نقطة يصبح فيها هو حكيم نفسه. فالمريض الذي يبحث عن نصائح غذائية يحتاج لإعطائه روح الثقة والطمأنينة لأنه في أغلب الأحيان حائر وضائع. فلو لم يكن حائرا وضائعا لما كان مريضا.