المواضيع الأخيرة
» [ Template ] كود اخر 20 موضوع و أفضل 10 أعضاء بلمنتدى و مع معرض لصور كالفي بيمن طرف naruto101 الجمعة ديسمبر 05, 2014 2:33 pm
» [Javascript]حصريا كود يقوم بتنبيه العضو بان رده قصير
من طرف احمد السويسي الخميس أغسطس 28, 2014 2:38 am
» نتائج شهادة البكالوريا 2014
من طرف menimeVEVO الثلاثاء يونيو 10, 2014 3:55 am
» من اعمالي موديلات جديدة وحصرية 2012
من طرف دفئ الشتاء الثلاثاء مارس 18, 2014 5:37 pm
» من ابداعات ساندرا،كما وعدتكم بعض من موديلاتها
من طرف دفئ الشتاء الثلاثاء مارس 18, 2014 4:49 pm
» قندوووووووورة جديدة تفضلواا
من طرف دفئ الشتاء الثلاثاء مارس 18, 2014 4:23 pm
» طلب صغير لو سمحتو
من طرف hothifa الإثنين ديسمبر 23, 2013 9:11 pm
» الان فقط وحصريا (استايل واند الالكتروني متعدد الالوان)
من طرف AGILIEDI الإثنين ديسمبر 23, 2013 8:34 pm
» جديد موديلات فساتين البيت بقماش القطيفة 2012 - تصاميم قنادر الدار بأشكال جديدة و قماش القطيفة - صور قنادر جزائرية
من طرف hadda32 الأحد ديسمبر 08, 2013 12:16 pm
» [Template] استايل منتدى سيدي عامر 2012
من طرف ßLẫĆҜ ĈĄŦ الأربعاء نوفمبر 20, 2013 6:46 pm
سحابة الكلمات الدلالية
القضية سورية والحل الإسلامي
2 مشترك
صفحة 1 من اصل 1
القضية سورية والحل الإسلامي
من النافذة القرآنية نستلهم مفهومنا للظاهرة القومية من حيث كونها ظاهرة اجتماعية وفطرة إنسانية مشروعة في حدودها التي شرعها الله لها.
وإذا كان الإسلام قد اعترف بالفطرة الجنسية، والفطرة العائلية، وفطرة التملك، ووضع لكل فطرة قوانينها وضوابطها، فهل يعقل وهو دين الفطرة الإنسانية أن ينكر الفطرة الاجتماعية واللغوية التي اصطلح على تسميتها بالقومية؟
فالقومية ظاهرة اجتماعية ولغوية لكنها ليست عقيدة، و لابدَّ لها من عقيدة تستلهمها وتستهدي بها، وعندما تتحول هي بذاتها إلى عقيدة تقضي على نفسها كما فعلت النازية.
وكل قومية مسلمة تستوعب الروح الإسلامية الحقة يمكن أن تحقق ذاتها، وتفجر طاقاتها، وتأخذ امتدادها الطبيعي، دون أن تقع في محذور القوميات العصبية العنصرية الفاشية النازية، أو القوميات الإلحادية والعلمانية.
فالخطأ الذي وقع فيه القوميون في العالم الإسلامي هو استخدامهم تعبير العقيدة القومية، فاصطدموا مع الإسلام عقيدة ونظاماً وسلوكاً، وخاضوا معارك خاسرة في هذا الميدان، وأصبحت شعاراتهم وطروحاتهم في الساحة الإسلامية شيكات بدون رصيد، لأنها تتعارض مع العقيدة ومع الفطرة، وهي في الأصل شيكات مزورة.
وأنت اليوم إذا سألت الإنجليزي أو الروسي أو الألماني: ما هي عقيدتك؟
لا يقول لك: الإنجليزية أو الروسية أو الألمانية، إنما يقول لك: الليبرالية أو الماركسية، أو الديمقراطية المسيحية، أو ما إلى ذلك من عقائد.
وإذا كان القوميون قد أخطأوا بتحويل القومية من ظاهرة إلى عقيدة، فإن بعض الإسلاميين يخطئون أيضاً عندما يذهبون إلى تجاوز الحقيقة، فيلغون القومية نهائياً كأنها لم تكن، ويضعون الإسلام في حرب معها دون مبرر، وخلافاً لمنطق الإسلام نفسه الذي اعترف بهذه الظاهرة، وتحدث القرآن عنها في العديد من آياته البينات.
قال تعالى:[ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللهِ أَتْقَاكُمْ] {الحجرات:13}. ويمكن أن نستنبط من هذه الآية الكريمة وغيرها نظرية تعارف القوميات أو الحضارات، ولذلك لا يمكن إلغاء القومية كظاهرة لغوية اجتماعية، وإلا فلماذا لم يستعرب الترك والفرس والكرد والهنود خلال تاريخنا الإسلامي؟ز
ولماذا ينقسم تاريخ الإسلام نفسه إلى فترة أولى قادها العرب، وفترة تالية قادها الكرد، وغيرها قادها الترك، وهكذا؟.
فمن المفهوم أن تتصدى الحقيقة الإسلامية للماركسية والليبرالية وغيرهما، أما تصدِّيها للقومية في مفهومها الذي أوضحناه فغير صحيح.
و لابدَّ من التفريق بين قوميتين، القومية الجنسية كظاهرة اجتماعية لغوية، والقومية العصبية كظاهرة سلبية في المجتمع الإنساني، فأما الأولى فقد اعترف بها الإسلام، وأما الثانية فقد حاربها الإسلام، وقال عنها الرسول صلى الله عليه وسلم:"دعوها فإنها منتنة".
لابدَّ من توحيد كل قومية في إطارها الطبيعي، ثم التطلع إلى تكوين رابطة إسلامية أعم مع القوميات الشقيقة الأخرى في إطار دار الإسلام، الولايات الإسلامية المتحدة التي هي أرحب من أي نظام سياسي.
هذا هو الحل حتى لا نعود إلى تجارب جديدة يشلها صراع القوميات من جديد.
إن الحركة الإسلامية المعاصرة لن تتمكن من مباشرة توحيد الأمة إذا ظلت تحاول القفز فوق ظاهرة القومية، ولم تدرك البعد الكردي في المد الإسلامي في المنطقة.
وأخشى إذا ظلت الحركة الإسلامية منشغلة عن هذه القضية المحورية بأمور أخرى، أن تأتي حركة أخرى لتستلم عنها تحقيق المهمة، لأن حركة التاريخ، لا تتوقف كثيراً في المنعطفات الحاسمة.
وأعتقد أن النصوص القرآنية وأحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم، ومسيرة التاريخ الإسلامي يمكن أن تحسم الجدل حول هذا الموضوع الذي دار حوله خلاف كبير وخطير في الحياة الإسلامية اليوم، ومازال يثير الخلافات والمشاكل ويعرقل سير هذه الأمة في طريق التطور السليم.
فكما أن الله خلق الثنائية بين الذكر والأنثى لحفظ النوع البشري من خلال التزاوج والتناسل، فإنه خلق التعددية بين الشعوب والقبائل لتيسير غاية الانتماء الفردي للإنسان إلى جماعة طبيعية تحمية وتنمي شخصيته، ثم لتحقق غاية التعارف بين مختلف الجماعات في إطار الرابطة الإنسانية والرابطة الإلهية، حيث يتقرر التمايز والتفاضل بين جماعة وأخرى بمدى اقترابها من المثل العليا، فيكون الخالق قد أوجد تعدديَّة الشعوب والقبائل بحكمة منه، وفعل "جعلكم" فعل إلهي لا رادَّ له، لتحقيق التعاون"لتعارفوا" بدل الحروب والنزاعات، وللتنافس إلى الهدف السامي هدف السبق إلى المثل العليا:[ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللهِ أَتْقَاكُمْ] {الحجرات:13}.
قال تعالى:[وَمِنْ آَيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلَافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ] {الرُّوم:22}.،: [وَلَوْ شَاءَ اللهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً] {النحل:93}.
ما الذي يمنع أصحاب كل فطرة اجتماعية عامة من المسلمين أن ينظموا شئونهم المشتركة على أساس الإسلام، ثم يلتقوا مع إخوانهم في الدين من أبناء القوميات الأخرى، في إطار الرابطة الإسلامية الشاملة.
أليس في هذه الرؤية ما يوفق بين القومية والدين، ويؤدي إلى تجنب الصراعات القومية واللغوية المتداخلة، التي أدت إلى تفكيك الخلافة الإسلامية.
اختلاف اللغات يشير إلى جوهر التباين القومي، بالإضافة إلى هذا فإن اختلاف الألوان يشير إلى التباين الطبيعي بين الأقوام.
إن الوجود القومي لأية أمة من الأمم من حيث هو وجود اجتماعي تاريخي شيء وتحويل القومية إلى عقيدة وأديولوجية وشعوبية شيء آخر.
والغريب في الأمر أن الأكراد في القرن العشرين وبعده فقط يتعرضون للحرب والدعاية دون غيرهم من القوميات الأخرى، فلا يطلب من الفارسي أو الهندي أو التركي أو العربي أن يقرر ويختار بين اثنين: إما أن يكون مسلماً، وإما أن يكون فارسياً أو هندياً أو تركياً، بينما غيره فارسي مسلم، وهندي مسلم، وتركي مسلم، وعربي مسلم، أما الكردي بالذات فيطلب منه أن يقرر ويختار بين أن يكون مسلماً أو كردياً.
طبعاً يصدر هذا من بعض من يدعون إلى الإسلام بنية طيبة لأن الكردية عنده تتعارض مع الإسلام، أما الوجه المظلم للطرح فهو أن يكون الكردي تركياً في تركيا، وفارسياً في إيران، وعربياً في عربستان، وإلا فهو عميل انفصالي خائن ضد وحدة الأمة.
فكلمة كردية والأكراد، تعني في قاموس الأدبيات المطروحة في الساحة: الانفصالي العنصري، القومي، العميل.... الخ. من المصطلحات في قواميس الأنظمة القومية.
وفي المقابل لا يتصدى أحد لهذا الظلم الواقع على الأكراد في تركيا وسوريا والعراق وإيران وكأن ما يحصل من موبقات ضدهم ضرورة تقتضيها الوحدة الوطنية، ووحدة الأرض بينما العكس هو الصحيح.
لابدَّ إذاً من الرجوع إلى جذور القضية، ووضع قواعد صحيحة لحلها، وبالتالي لابدَّ من طرح صحيح يخالف كل الأدبيات المزيفة بعد تقسيم سايكس...بيكو.
2ـ كردستان ظاهرة جغرافية:
في سياق توزيع تركة الرجل المريض مزقت المنطقة الكردية إلى كيانات متعددة، وتحولت هذه القسمة إلى خطوط وحدود دولية معلنة ضمن اتفاقية سايكس بيكو، وخلف الرجل العثماني المريض جسماً كردياً ممزقاً وموزعة أشلاؤه على خمس دول، وظل همَّ الدول الخمس هو صهر الأكراد في بوتقة الدولة القومية الجديدة، وظل التحدي الكبير الذي يواجه الأكراد هو كيفية صد تلك المحاولات، والحفاظ على شخصيتهم وكيانهم،وبين محاولات الصهر وردود الصد دارت رحى العذابات التي تتابعت على الأكراد طول القرن العشرين، والتي راح ضحيتها مئات الألوف.
وبكلمة مختصرة فإن المشكلة الكردية وُجدت بأيدي المستعمرين، ورعاها وكلاؤهم في الأنظمة القومية التي قامت وفق مخطط (سايكس بيكو)، فمسحت اسم كردستان من الجغرافيا ومن التاريخ في أكبر عملية زيف يقع على شعب مسلم آمن.
إن المشكلة الكردية باختصار هي مشكلة مظلوم مع ظالم، مشكلة حقوق مهضومة وكرامة مطموسة، وحرية مقتولة، هي مشكلة انتهاك أعراض، وسبي نساء وأطفال في عمليات الأنفال، هي مشكلة تدمير آلاف القرى في تركيا والعراق وإيران وتشريد مئات الآلاف.
ونتيجة للظروف المأساوية رفع بعض الأكراد شعار العلمانية والشيوعية، واتجهوا نحو الغرب والشرق، نحو سيد هذه الأنظمة القومية، لينافسوهم على العمالة، ولكن الدول الاستعمارية لا تعمل إلا لمصالحها الخاصَّة، ولا تزن الأمور إلا من خلال إيديولوجيتها، فلا استفاد من الأكراد من عمالتهم، كما لم تستفد منها الأنظمة القومية، فالجميع يدفعون الثمن، ولن يكون هناك حل إلا وفق هوى المستعمرين.
واليوم نجد الدعاية الشديدة ضد الأكراد في العراق بالذات، وتسليط الضوء عليهم وكأنهم عملاء للاستعمار، دون تميز بين العميل والمخلص، وهذه الدعاية تنصبُّ عليهم من منطلق قومي، وهي تترك في النفوس جراحات عميقة لا تندمل بسرعة.
ولقد وقف المسلمون في الماضي من الأكراد موقفاً سلبياً، وكان لهذا الموقف السلبي نتائجه الخطيرة، سواء كانت في معتقداتهم، أو كيانهم الشخصي، وقد ضيع المسلمون فرصاً كثيرة كان بالإمكان الاستفادة منها، والتخفيف من الويلات والكوارث التي حلت وتحل بإخوانهم وأخواتهم من هذا الشعب المسلم، والآن هذه هي الفرصة تمر أمام المسلمين فلنر ماذا سيعملون؟ أليس المسلمون أولى بإخوانهم الأكراد من الغربيين؟
هذه هي مأساة المشكلة الكردية، إنها بحاجة إلى سماع الصوت الإسلامي ف يكل مكان يدافع عن حق الأكراد في الحياة.
نجد كاتباً تركيا وهو إسماعيل بشكجي يدافع عن القضية الكردية بجميع أبعادها ويقول: يجب كتابة تاريخ الشرق الأوسط من جديد، إن الأكراد فقط هم القادرون على كتابتها، لأن الأكراد هم أكثر المتضررين حسب الكتابات الموجودة حالياً.
إن الكتابة من جديد ستأخذ الوزن السياسي والاجتماعي الكردي، والمصالح الكردية بعين الاعتبار.
ويقول عن تهمة الانفصال: نعم يطلقون صفة" الانفصاليين" و"خونة الوطن" عليهم، يا لها من مفاهيم خاطئة، إن إطلاق كلمة الانفصالي على الأكراد خطأ فادح، لأن الأكراد لا يجزؤن وطن الأتراك تركيا، بل إنهم يدافعون ويحمون وطنهم كردستان.
واضح إذن أن الانفصاليين الأوائل كانوا الفرنسيين والإنجليز والكماليين وغيرهم، وهؤلاء هم الانفصاليون الحقيقيون، لقد قدموا المساعدة لبعضهم البعض وجزأوا كردستان فيما بينهم.
" لقد اتهم العلمانيون الأتراك الأكراد بالانفصاليين، لكي يحجبوا التاريخ عن الأنظار، إن الأنظمة الحاكمة في كردستان أضاعت وأتلفت الوثائق التي تنير التاريخ، وبالتالي أنكروا وجود الأكراد من ناحية أخرى، استخدموا كافة الأساليب من أجل إمحاء تاريخ الكرد وكردستان، ولذلك يجب كتابة الشروق الأوسط من جديد".
يقول أحد دعاة الأتراك لبني جنسه:"لماذا تتحدقون عن قضية البوسة والهرسك وتصرخون لأجلها، وهناك بوسنة وهرسك في شرق تركيا، تسكتون عليها ولا تحركون ساكناً"؟!!.
3ـ نحو فهم صحيح للقضية الكردية والعمل الإسلامي في كردستان:
يزداد الانتقاد للتيار الإسلامي الكردي بولائه للعرب وعدم استقلاليته، وقد أضعف هذا النقد من قوة الإسلاميين في الساحة إلى حد ما.
لقد فوجئ الخميني في الأيام الأولى للثورة بأن الأسماء الثمانية من القادة الإسلاميين الذين رشحوا لتشكيل هيئة قيادية لسد الفراغ الذي تركه محمد باقر الصدر كانت من أصول إيرانية، فاعترض الخميني قائلاً:"ابحثوا عن علماء عراقيين لهذه المهمة".
والأكراد من أكثر المتحمسين للمشروع الإسلامي، لكن أين القيادات الإسلامية الكردية في الساحة؟ وأين مشروعهم السياسي؟ وأين صوتهم في خضم هذه الأحداث؟
إلى الآن لم يأخذ التيار الإسلامي الكردي ضوءاً أخضر من التيارات الإسلامية في المنطقة، لأنه إلى الآن لم تأخذ هذه التيارات القضية الكردية بشكل جدي، وإنما تمر عليها مرور الكرام، بل قد يتصرف بعض هذه التيارات بمواقف يكون لها أثر خطير على الإسلاميين في ساحة كردستان.
ولا زالت تقتصر أدبيات الإسلاميين من غير الأكراد إلى طرح المشاكل ووضع الحلول لها في الساحة الكردية،ولعل ذلك نابع من تلك الحساسية المفرطة لبعض الإسلاميين إزاء ما هو كردي لأسباب كبيرة.
إن الإسلاميين لم ينتهوا بعد، بل لعلهم لم يشرعوا بعد في تقديم عرض جديد ـ ما عدا المشروع السياسي لسوريا المستقبل ـ لمعنى الوطن بالطريقة الأخرى التي يقبلها الآخرون.
إن الخطاب الإسلامي بصدوده عن القضية الكردية ومشكلاتها وتجاوزه لمفرداتها، إنما يتجاوز واقعاً مرسوماً ومنحوتاً في الجغرافيا والتاريخ.
وفي حالة كهذه فالهارب منها ـ الخطاب والواقع ـ هو صاحب الخطاب، وعندما تهرب حركة سياسية من رؤية الواقع، فإن شرطاً أساسياً من شروط حياتها واستمرارها ونجاحها سيكون مفقوداً.
لكن هذا الموقف، أو هذه العلاقة بين الخطاب الإسلامي والواقع لم تبن على فراغ، وإن كان أصحاب الخطاب سيعاني من فراغ يمتد من الحاضر إلى الماضي.
إن صدود الخطاب الإسلامي عن القضية الكردية يستند أصلاً على نسخ فكري عندما تفهم القضية الكردية بمعنى القومية العنصرية، وهو الفهم المتداول، ولذلك لابدَّ من إثارة الوعي للتفريق بين الإيجابي والسلبي.
إن كلمة كردستان والأكراد في الأدبيات السياسية في المنقطة تحولت بفعل الدعاية إلى ما يشبه الشتيمة في السابق والحاضر، ولا بد من إزالة هذا الركام من أذهان الناس.
الموت القومي أخذ مداه العنصري كاملاً في كردستان في القرن العشرين، والسلطة القومية للأنظمة العلمانية تسوق معلوماتها فتتحول حرب الإبادة ضد الأكراد إلى حروب وحدوية، يدخلها القادة دفاعاً عن وحدة التراب، وقد يكون لهذا السبب فإن الرأي العام لا يحمل الكثير من المعلومات البريئة عن الأكراد، وصار بعض الناس في المنطقة يعتقد أن أرومته القومية ستكون في وضع أفضل بمقدار ما يصبه على الأكراد من تعصب وغضب، حتى إذا تطوعت مؤسسات عالمية للدفاع عن حقوق الأكراد، وتبنت الصحافة الغربية إعلامياً بعض قضايا الأكراد، تحول الأكراد إلى أدوات للاستعمار، وصارت كردستان بما فيها من جبال وغابات ومنابع وبترول وبشر مجرد جيب عميل في مصطلح الصحافة التي تردده مؤسسات إعلامية عربية.
إن الموت القومي في كردستان خلال القرن العشرين كان تعبيراً عن القانون القومي التي تسنده النظرية القومية وإيديولوجية أحزابها وحركاتها في الدول التي تضطهد الأكراد.
كتب الأستاذ فهمي الهويدي عن القضية الكردية قائلا:" يلازمني خجل وحزن شديدان منذ قرأت أن السيدة دانيا ميتران قرينة الرئيس الفرنسي تبنت ورأست في باريس مؤتمراً يدافع عن حقوق المسلمين الأكراد، قلت: هل ضاقت صدور المسلمين وديارهم وشغل كل رجالهم حتى بادر إلى مناصرة الأكراد بعض رجالات الغرب، وعلى رأسهم تلك السيدة التي ينبغي أن نقدر لها موقفها ذاك أعجبتنا أم لم تعجبنا!!.
وسألت: أليس المسلمون أولى بإخوانهم الأكراد من غيرهم؟ وإذا لم يقفوا إلى جوارهم في محنتهم فمتى يقف المسلم مع أخيه المسلم؟.
ثم أليس المسلمون أولى الجميع بالدفاع عن حقوق الإنسان في كل مكان، باعتبار أن عقيدتهم كانت أول دفاع رسالي عن كرامة الإنسان؟
لكن الخجل والحزن الأشد انتابني لما طالعت الصحف البريطانية قصة الأكراد المسلمين الذين هربوا تباعاً من تركيا إلى انجلترا طالبين اللجوء السياسي،... ثم لاحظت أن ذلك النزوح أحدث مشكلة في بريطانيا التي لم تكن مستعدة لمنحهم اللجوء والإقامة فيها، فاحتجزت مائتين منهم في السجون، وقامت بترحيل آخرين.
انفجرت المشكلة عندما أقدم اثنان من الشبان الأكراد المحتجزين على الانتحار بإشعال النار في أنفسهم، مفضِّلين الموت على العودة إلى العنف الذي هربوا منه.
كانت منظمة الحقوق والعدالة البريطانية المعنية بحقوق الإنسان هي التي تصدت للدفاع عن الأكراد المسلمين.
وبينما الجدل مستمر في لندن حول المشكلة فإن أطرافها الأصليين من المسلمين والعرب كانوا ولا يزالون بعيدين تماماً عن الإحاطة بها، فضلاً عن التحرك للتعامل معها، وعلى سبيل التأييد والتعاطف الكلامي، مثلما يحصل مع السود في جنوب أفريقيا، أو ضحايا الاضطهاد في نيكاراجوا وشيلي!.
في تلك الظروف تلقيت دعوة لحضور مؤتمر عن القضية الكردية من المنظور الإسلامي دعا إليه عدد من الباحثين الأكراد يدرسون ويعملون في أوربا وأمريكا وكندا، قبلت الدعوة مرحباً بغير تردد لسببين:
أولهما: أنني اعتبرتها فرصة للقاء المباشر مع أكراد الشتات الذين توزعوا في الأصل على خمس دول آسيوية ـ تركيا، إيران، العراق، سورية، روسيا.
ثم كتبت على أبنائهم أن يتوزعوا مرة ثانية على أرجاء المعمورة فراراً من الظلم.
السبب الثاني: أن تلك الدعوة كانت المرة الأولى التي أسمع فيها عن مناقشة القضية من منظور إسلامي، فقد كان عهدنا بالقيادات والفرق السياسية الكردية أنها كانت دائمة الانطلاق إما عن عصبية قومية، أو من منطلقات ماركسية، وبرغم أن حزبين إسلاميين على الأقل ظهرا في السنوات العشر الماضية ـ أي في الثمانينات ـ أحدهما: بارتيا إسلامي ـ باك.
والثاني: الحركة الإسلامي في كردستان العراق ـ حاك.
إلا أن الصوت الأعلى ظل مسموعاً في الخارج على الأقل ظل من نصيب الأحزاب القومية والماركسية، حتى بدا وكأن الإسلاميين غائبون عن الساحة إلى أن فؤجئت بأن الأمر على خلاف ما تصورت، وأن المد الإسلامي الذي تقدمت موجاته في بقاع كثيرة من بلاد المسلمين كانت له شواهده وتفاعلاته في الساحة الكردية، وكان ذلك المؤتمر من بين أصدائه وثماره.
قبل السفر استخرجت ملف الأكراد من خزانة أحزان المسلمين في مكتبتي، كان بعض صفحاته حافلة بعلامات الأصالة والمجد، بينما بعضها الآخر غارقة في الدم.
فذلك الشعب العريق الذي كان حاضراً في تاريخ وسط آسيا منذ ما قبل الميلاد، والذي كانت له حكومته وحضارته وصراعاته ضد الآثوريين والفرس، والذي تحول إلى قوة ضاربة وكتيبة للشجعان في جيوش المسلمين، هو ذاته الذي يبحث الآن عن نصير في ديار الإسلام، فلا يكاد يجد، وهو ذاته الذي يبحث الآن عن ملجأ يلوذ به بعيداً عن القهر والظلم، ولكن أيضاً لا يكاد يجد.
لقد كان ظهور الصراعات في الصف الإسلامي، ثم إلغاء الخلافة الإسلامية، مقدمة لطي صفحة المجد في التاريخ الكردي، وبدء صفحة جديدة مليئة بمشاهد العنف والهوان...
ومما لاحظته أيضاً أن ثمة قدراً غير قليل من العتب من جانب شباب الأكراد على عامة العرب بوجه أخص، والسبب في ذلك في رأيهم: أن العرب سكتوا على كل ما وقع للأكراد من عنف وقهر وظلم.
غير أن أكثر ما لفت نظري هو ذلك الرفض القاطع الذي عبر عنه مختلف الباحثين الأكراد للفطرة القومية... وقد سمعت من أحدهم قوله: إن دعوة القومية العربية تؤدي بالضرورة إلى نفي غير العرب، ولكن دعوة الإسلام هي وحدها التي يمكن أن تشكل عنصراً جامعاً بين مختلف القوميات والأعراق.
ولهذا السبب فإن الحديث عن الوحدة الإسلامية كان يشكل مرتكزاً مهماً في خطاب المؤتمر...".
وكتب الأٍستاذ أحمد السيوفي عن مأساة الأكراد في الدول الخمس وقال:"ولا شك أن الله سبحانه سيحاسبنا على جريمة الصمت عن هذه الكارثة.
إن الذي يقرأ تاريخ مأساة الأكراد في خمس دول يطرح تساؤلاً هاماً وهو: لماذا الأكراد بالذات الذين يقع لهم كل هذا ؟!!!.
وقد يصعب على الإنسان المحايد أن يصل إلى إجابة واضحة، ولكن هناك تساؤلات أخرى طرحها الباحثون تحمل في داخلها الإجابة، ولعل البحث الذي قدمه الدكتور فهمي الشناوي قد طرح مثل هذه التساؤلات فقال:
إن الاستعمار عندما رسم حدود الدويلات الإٍسلامية داخل هذه الأمة، كان ينزع إلى تكوين دويلات طائفية وعرقية، فلماذا في الحالة الكردية وهي حالة من هذا النوع لم يلجأ الاستعمار إلى تكوين دولة كردية؟.
الواقع يقول: إن الاستعمار انتقاماً من ألمانيا حولها إلى قسمين، وأيضاً فإن تاريخ الأكراد لم يجعل الاستعمار يقسمهم إلى دويلتين، وإنما قسمهم إلى خمسة أقسام، بل وجعل كل قسم تابع لدولة لتأجيج الصراع بين هذه الدول، وبين هذه الأقسام الصغيرة، بحيث تتوفر كل وسائل القمع أولاً بأول إذا أراد هذا الشعب أن يرفع رأسه.
"والواقع أننا من خلال قراءة التاريخ الكردي نجد تحت أيدينا منطلقات معقولة ومقبولة لإبادة هذا الشعب، وهي أن هناك عقدة تاريخية يحملها الاستعمار ورجاله من صلاح الدين الأيوبي ومن أحفاده، وبالتالي فإن هذا البعد التاريخي لم يغب عن الاستعمار".
لقد تم إقصاء الأكراد قسراً عن وحدة الشعب العراقي والتركي والإيراني عندما حرموهم من حقوقهم الإنسانية، وفرضوا عليهم لغة وثقافة قسرية، وبالتالي معاكسة ثقافية ما بين الكردية من جانب والعربية والتركية والفارسية من جانب آخر.
وإذا كان الإسلام قد اعترف بالفطرة الجنسية، والفطرة العائلية، وفطرة التملك، ووضع لكل فطرة قوانينها وضوابطها، فهل يعقل وهو دين الفطرة الإنسانية أن ينكر الفطرة الاجتماعية واللغوية التي اصطلح على تسميتها بالقومية؟
فالقومية ظاهرة اجتماعية ولغوية لكنها ليست عقيدة، و لابدَّ لها من عقيدة تستلهمها وتستهدي بها، وعندما تتحول هي بذاتها إلى عقيدة تقضي على نفسها كما فعلت النازية.
وكل قومية مسلمة تستوعب الروح الإسلامية الحقة يمكن أن تحقق ذاتها، وتفجر طاقاتها، وتأخذ امتدادها الطبيعي، دون أن تقع في محذور القوميات العصبية العنصرية الفاشية النازية، أو القوميات الإلحادية والعلمانية.
فالخطأ الذي وقع فيه القوميون في العالم الإسلامي هو استخدامهم تعبير العقيدة القومية، فاصطدموا مع الإسلام عقيدة ونظاماً وسلوكاً، وخاضوا معارك خاسرة في هذا الميدان، وأصبحت شعاراتهم وطروحاتهم في الساحة الإسلامية شيكات بدون رصيد، لأنها تتعارض مع العقيدة ومع الفطرة، وهي في الأصل شيكات مزورة.
وأنت اليوم إذا سألت الإنجليزي أو الروسي أو الألماني: ما هي عقيدتك؟
لا يقول لك: الإنجليزية أو الروسية أو الألمانية، إنما يقول لك: الليبرالية أو الماركسية، أو الديمقراطية المسيحية، أو ما إلى ذلك من عقائد.
وإذا كان القوميون قد أخطأوا بتحويل القومية من ظاهرة إلى عقيدة، فإن بعض الإسلاميين يخطئون أيضاً عندما يذهبون إلى تجاوز الحقيقة، فيلغون القومية نهائياً كأنها لم تكن، ويضعون الإسلام في حرب معها دون مبرر، وخلافاً لمنطق الإسلام نفسه الذي اعترف بهذه الظاهرة، وتحدث القرآن عنها في العديد من آياته البينات.
قال تعالى:[ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللهِ أَتْقَاكُمْ] {الحجرات:13}. ويمكن أن نستنبط من هذه الآية الكريمة وغيرها نظرية تعارف القوميات أو الحضارات، ولذلك لا يمكن إلغاء القومية كظاهرة لغوية اجتماعية، وإلا فلماذا لم يستعرب الترك والفرس والكرد والهنود خلال تاريخنا الإسلامي؟ز
ولماذا ينقسم تاريخ الإسلام نفسه إلى فترة أولى قادها العرب، وفترة تالية قادها الكرد، وغيرها قادها الترك، وهكذا؟.
فمن المفهوم أن تتصدى الحقيقة الإسلامية للماركسية والليبرالية وغيرهما، أما تصدِّيها للقومية في مفهومها الذي أوضحناه فغير صحيح.
و لابدَّ من التفريق بين قوميتين، القومية الجنسية كظاهرة اجتماعية لغوية، والقومية العصبية كظاهرة سلبية في المجتمع الإنساني، فأما الأولى فقد اعترف بها الإسلام، وأما الثانية فقد حاربها الإسلام، وقال عنها الرسول صلى الله عليه وسلم:"دعوها فإنها منتنة".
لابدَّ من توحيد كل قومية في إطارها الطبيعي، ثم التطلع إلى تكوين رابطة إسلامية أعم مع القوميات الشقيقة الأخرى في إطار دار الإسلام، الولايات الإسلامية المتحدة التي هي أرحب من أي نظام سياسي.
هذا هو الحل حتى لا نعود إلى تجارب جديدة يشلها صراع القوميات من جديد.
إن الحركة الإسلامية المعاصرة لن تتمكن من مباشرة توحيد الأمة إذا ظلت تحاول القفز فوق ظاهرة القومية، ولم تدرك البعد الكردي في المد الإسلامي في المنطقة.
وأخشى إذا ظلت الحركة الإسلامية منشغلة عن هذه القضية المحورية بأمور أخرى، أن تأتي حركة أخرى لتستلم عنها تحقيق المهمة، لأن حركة التاريخ، لا تتوقف كثيراً في المنعطفات الحاسمة.
وأعتقد أن النصوص القرآنية وأحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم، ومسيرة التاريخ الإسلامي يمكن أن تحسم الجدل حول هذا الموضوع الذي دار حوله خلاف كبير وخطير في الحياة الإسلامية اليوم، ومازال يثير الخلافات والمشاكل ويعرقل سير هذه الأمة في طريق التطور السليم.
فكما أن الله خلق الثنائية بين الذكر والأنثى لحفظ النوع البشري من خلال التزاوج والتناسل، فإنه خلق التعددية بين الشعوب والقبائل لتيسير غاية الانتماء الفردي للإنسان إلى جماعة طبيعية تحمية وتنمي شخصيته، ثم لتحقق غاية التعارف بين مختلف الجماعات في إطار الرابطة الإنسانية والرابطة الإلهية، حيث يتقرر التمايز والتفاضل بين جماعة وأخرى بمدى اقترابها من المثل العليا، فيكون الخالق قد أوجد تعدديَّة الشعوب والقبائل بحكمة منه، وفعل "جعلكم" فعل إلهي لا رادَّ له، لتحقيق التعاون"لتعارفوا" بدل الحروب والنزاعات، وللتنافس إلى الهدف السامي هدف السبق إلى المثل العليا:[ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللهِ أَتْقَاكُمْ] {الحجرات:13}.
قال تعالى:[وَمِنْ آَيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلَافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ] {الرُّوم:22}.،: [وَلَوْ شَاءَ اللهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً] {النحل:93}.
ما الذي يمنع أصحاب كل فطرة اجتماعية عامة من المسلمين أن ينظموا شئونهم المشتركة على أساس الإسلام، ثم يلتقوا مع إخوانهم في الدين من أبناء القوميات الأخرى، في إطار الرابطة الإسلامية الشاملة.
أليس في هذه الرؤية ما يوفق بين القومية والدين، ويؤدي إلى تجنب الصراعات القومية واللغوية المتداخلة، التي أدت إلى تفكيك الخلافة الإسلامية.
اختلاف اللغات يشير إلى جوهر التباين القومي، بالإضافة إلى هذا فإن اختلاف الألوان يشير إلى التباين الطبيعي بين الأقوام.
إن الوجود القومي لأية أمة من الأمم من حيث هو وجود اجتماعي تاريخي شيء وتحويل القومية إلى عقيدة وأديولوجية وشعوبية شيء آخر.
والغريب في الأمر أن الأكراد في القرن العشرين وبعده فقط يتعرضون للحرب والدعاية دون غيرهم من القوميات الأخرى، فلا يطلب من الفارسي أو الهندي أو التركي أو العربي أن يقرر ويختار بين اثنين: إما أن يكون مسلماً، وإما أن يكون فارسياً أو هندياً أو تركياً، بينما غيره فارسي مسلم، وهندي مسلم، وتركي مسلم، وعربي مسلم، أما الكردي بالذات فيطلب منه أن يقرر ويختار بين أن يكون مسلماً أو كردياً.
طبعاً يصدر هذا من بعض من يدعون إلى الإسلام بنية طيبة لأن الكردية عنده تتعارض مع الإسلام، أما الوجه المظلم للطرح فهو أن يكون الكردي تركياً في تركيا، وفارسياً في إيران، وعربياً في عربستان، وإلا فهو عميل انفصالي خائن ضد وحدة الأمة.
فكلمة كردية والأكراد، تعني في قاموس الأدبيات المطروحة في الساحة: الانفصالي العنصري، القومي، العميل.... الخ. من المصطلحات في قواميس الأنظمة القومية.
وفي المقابل لا يتصدى أحد لهذا الظلم الواقع على الأكراد في تركيا وسوريا والعراق وإيران وكأن ما يحصل من موبقات ضدهم ضرورة تقتضيها الوحدة الوطنية، ووحدة الأرض بينما العكس هو الصحيح.
لابدَّ إذاً من الرجوع إلى جذور القضية، ووضع قواعد صحيحة لحلها، وبالتالي لابدَّ من طرح صحيح يخالف كل الأدبيات المزيفة بعد تقسيم سايكس...بيكو.
2ـ كردستان ظاهرة جغرافية:
في سياق توزيع تركة الرجل المريض مزقت المنطقة الكردية إلى كيانات متعددة، وتحولت هذه القسمة إلى خطوط وحدود دولية معلنة ضمن اتفاقية سايكس بيكو، وخلف الرجل العثماني المريض جسماً كردياً ممزقاً وموزعة أشلاؤه على خمس دول، وظل همَّ الدول الخمس هو صهر الأكراد في بوتقة الدولة القومية الجديدة، وظل التحدي الكبير الذي يواجه الأكراد هو كيفية صد تلك المحاولات، والحفاظ على شخصيتهم وكيانهم،وبين محاولات الصهر وردود الصد دارت رحى العذابات التي تتابعت على الأكراد طول القرن العشرين، والتي راح ضحيتها مئات الألوف.
وبكلمة مختصرة فإن المشكلة الكردية وُجدت بأيدي المستعمرين، ورعاها وكلاؤهم في الأنظمة القومية التي قامت وفق مخطط (سايكس بيكو)، فمسحت اسم كردستان من الجغرافيا ومن التاريخ في أكبر عملية زيف يقع على شعب مسلم آمن.
إن المشكلة الكردية باختصار هي مشكلة مظلوم مع ظالم، مشكلة حقوق مهضومة وكرامة مطموسة، وحرية مقتولة، هي مشكلة انتهاك أعراض، وسبي نساء وأطفال في عمليات الأنفال، هي مشكلة تدمير آلاف القرى في تركيا والعراق وإيران وتشريد مئات الآلاف.
ونتيجة للظروف المأساوية رفع بعض الأكراد شعار العلمانية والشيوعية، واتجهوا نحو الغرب والشرق، نحو سيد هذه الأنظمة القومية، لينافسوهم على العمالة، ولكن الدول الاستعمارية لا تعمل إلا لمصالحها الخاصَّة، ولا تزن الأمور إلا من خلال إيديولوجيتها، فلا استفاد من الأكراد من عمالتهم، كما لم تستفد منها الأنظمة القومية، فالجميع يدفعون الثمن، ولن يكون هناك حل إلا وفق هوى المستعمرين.
واليوم نجد الدعاية الشديدة ضد الأكراد في العراق بالذات، وتسليط الضوء عليهم وكأنهم عملاء للاستعمار، دون تميز بين العميل والمخلص، وهذه الدعاية تنصبُّ عليهم من منطلق قومي، وهي تترك في النفوس جراحات عميقة لا تندمل بسرعة.
ولقد وقف المسلمون في الماضي من الأكراد موقفاً سلبياً، وكان لهذا الموقف السلبي نتائجه الخطيرة، سواء كانت في معتقداتهم، أو كيانهم الشخصي، وقد ضيع المسلمون فرصاً كثيرة كان بالإمكان الاستفادة منها، والتخفيف من الويلات والكوارث التي حلت وتحل بإخوانهم وأخواتهم من هذا الشعب المسلم، والآن هذه هي الفرصة تمر أمام المسلمين فلنر ماذا سيعملون؟ أليس المسلمون أولى بإخوانهم الأكراد من الغربيين؟
هذه هي مأساة المشكلة الكردية، إنها بحاجة إلى سماع الصوت الإسلامي ف يكل مكان يدافع عن حق الأكراد في الحياة.
نجد كاتباً تركيا وهو إسماعيل بشكجي يدافع عن القضية الكردية بجميع أبعادها ويقول: يجب كتابة تاريخ الشرق الأوسط من جديد، إن الأكراد فقط هم القادرون على كتابتها، لأن الأكراد هم أكثر المتضررين حسب الكتابات الموجودة حالياً.
إن الكتابة من جديد ستأخذ الوزن السياسي والاجتماعي الكردي، والمصالح الكردية بعين الاعتبار.
ويقول عن تهمة الانفصال: نعم يطلقون صفة" الانفصاليين" و"خونة الوطن" عليهم، يا لها من مفاهيم خاطئة، إن إطلاق كلمة الانفصالي على الأكراد خطأ فادح، لأن الأكراد لا يجزؤن وطن الأتراك تركيا، بل إنهم يدافعون ويحمون وطنهم كردستان.
واضح إذن أن الانفصاليين الأوائل كانوا الفرنسيين والإنجليز والكماليين وغيرهم، وهؤلاء هم الانفصاليون الحقيقيون، لقد قدموا المساعدة لبعضهم البعض وجزأوا كردستان فيما بينهم.
" لقد اتهم العلمانيون الأتراك الأكراد بالانفصاليين، لكي يحجبوا التاريخ عن الأنظار، إن الأنظمة الحاكمة في كردستان أضاعت وأتلفت الوثائق التي تنير التاريخ، وبالتالي أنكروا وجود الأكراد من ناحية أخرى، استخدموا كافة الأساليب من أجل إمحاء تاريخ الكرد وكردستان، ولذلك يجب كتابة الشروق الأوسط من جديد".
يقول أحد دعاة الأتراك لبني جنسه:"لماذا تتحدقون عن قضية البوسة والهرسك وتصرخون لأجلها، وهناك بوسنة وهرسك في شرق تركيا، تسكتون عليها ولا تحركون ساكناً"؟!!.
3ـ نحو فهم صحيح للقضية الكردية والعمل الإسلامي في كردستان:
يزداد الانتقاد للتيار الإسلامي الكردي بولائه للعرب وعدم استقلاليته، وقد أضعف هذا النقد من قوة الإسلاميين في الساحة إلى حد ما.
لقد فوجئ الخميني في الأيام الأولى للثورة بأن الأسماء الثمانية من القادة الإسلاميين الذين رشحوا لتشكيل هيئة قيادية لسد الفراغ الذي تركه محمد باقر الصدر كانت من أصول إيرانية، فاعترض الخميني قائلاً:"ابحثوا عن علماء عراقيين لهذه المهمة".
والأكراد من أكثر المتحمسين للمشروع الإسلامي، لكن أين القيادات الإسلامية الكردية في الساحة؟ وأين مشروعهم السياسي؟ وأين صوتهم في خضم هذه الأحداث؟
إلى الآن لم يأخذ التيار الإسلامي الكردي ضوءاً أخضر من التيارات الإسلامية في المنطقة، لأنه إلى الآن لم تأخذ هذه التيارات القضية الكردية بشكل جدي، وإنما تمر عليها مرور الكرام، بل قد يتصرف بعض هذه التيارات بمواقف يكون لها أثر خطير على الإسلاميين في ساحة كردستان.
ولا زالت تقتصر أدبيات الإسلاميين من غير الأكراد إلى طرح المشاكل ووضع الحلول لها في الساحة الكردية،ولعل ذلك نابع من تلك الحساسية المفرطة لبعض الإسلاميين إزاء ما هو كردي لأسباب كبيرة.
إن الإسلاميين لم ينتهوا بعد، بل لعلهم لم يشرعوا بعد في تقديم عرض جديد ـ ما عدا المشروع السياسي لسوريا المستقبل ـ لمعنى الوطن بالطريقة الأخرى التي يقبلها الآخرون.
إن الخطاب الإسلامي بصدوده عن القضية الكردية ومشكلاتها وتجاوزه لمفرداتها، إنما يتجاوز واقعاً مرسوماً ومنحوتاً في الجغرافيا والتاريخ.
وفي حالة كهذه فالهارب منها ـ الخطاب والواقع ـ هو صاحب الخطاب، وعندما تهرب حركة سياسية من رؤية الواقع، فإن شرطاً أساسياً من شروط حياتها واستمرارها ونجاحها سيكون مفقوداً.
لكن هذا الموقف، أو هذه العلاقة بين الخطاب الإسلامي والواقع لم تبن على فراغ، وإن كان أصحاب الخطاب سيعاني من فراغ يمتد من الحاضر إلى الماضي.
إن صدود الخطاب الإسلامي عن القضية الكردية يستند أصلاً على نسخ فكري عندما تفهم القضية الكردية بمعنى القومية العنصرية، وهو الفهم المتداول، ولذلك لابدَّ من إثارة الوعي للتفريق بين الإيجابي والسلبي.
إن كلمة كردستان والأكراد في الأدبيات السياسية في المنقطة تحولت بفعل الدعاية إلى ما يشبه الشتيمة في السابق والحاضر، ولا بد من إزالة هذا الركام من أذهان الناس.
الموت القومي أخذ مداه العنصري كاملاً في كردستان في القرن العشرين، والسلطة القومية للأنظمة العلمانية تسوق معلوماتها فتتحول حرب الإبادة ضد الأكراد إلى حروب وحدوية، يدخلها القادة دفاعاً عن وحدة التراب، وقد يكون لهذا السبب فإن الرأي العام لا يحمل الكثير من المعلومات البريئة عن الأكراد، وصار بعض الناس في المنطقة يعتقد أن أرومته القومية ستكون في وضع أفضل بمقدار ما يصبه على الأكراد من تعصب وغضب، حتى إذا تطوعت مؤسسات عالمية للدفاع عن حقوق الأكراد، وتبنت الصحافة الغربية إعلامياً بعض قضايا الأكراد، تحول الأكراد إلى أدوات للاستعمار، وصارت كردستان بما فيها من جبال وغابات ومنابع وبترول وبشر مجرد جيب عميل في مصطلح الصحافة التي تردده مؤسسات إعلامية عربية.
إن الموت القومي في كردستان خلال القرن العشرين كان تعبيراً عن القانون القومي التي تسنده النظرية القومية وإيديولوجية أحزابها وحركاتها في الدول التي تضطهد الأكراد.
كتب الأستاذ فهمي الهويدي عن القضية الكردية قائلا:" يلازمني خجل وحزن شديدان منذ قرأت أن السيدة دانيا ميتران قرينة الرئيس الفرنسي تبنت ورأست في باريس مؤتمراً يدافع عن حقوق المسلمين الأكراد، قلت: هل ضاقت صدور المسلمين وديارهم وشغل كل رجالهم حتى بادر إلى مناصرة الأكراد بعض رجالات الغرب، وعلى رأسهم تلك السيدة التي ينبغي أن نقدر لها موقفها ذاك أعجبتنا أم لم تعجبنا!!.
وسألت: أليس المسلمون أولى بإخوانهم الأكراد من غيرهم؟ وإذا لم يقفوا إلى جوارهم في محنتهم فمتى يقف المسلم مع أخيه المسلم؟.
ثم أليس المسلمون أولى الجميع بالدفاع عن حقوق الإنسان في كل مكان، باعتبار أن عقيدتهم كانت أول دفاع رسالي عن كرامة الإنسان؟
لكن الخجل والحزن الأشد انتابني لما طالعت الصحف البريطانية قصة الأكراد المسلمين الذين هربوا تباعاً من تركيا إلى انجلترا طالبين اللجوء السياسي،... ثم لاحظت أن ذلك النزوح أحدث مشكلة في بريطانيا التي لم تكن مستعدة لمنحهم اللجوء والإقامة فيها، فاحتجزت مائتين منهم في السجون، وقامت بترحيل آخرين.
انفجرت المشكلة عندما أقدم اثنان من الشبان الأكراد المحتجزين على الانتحار بإشعال النار في أنفسهم، مفضِّلين الموت على العودة إلى العنف الذي هربوا منه.
كانت منظمة الحقوق والعدالة البريطانية المعنية بحقوق الإنسان هي التي تصدت للدفاع عن الأكراد المسلمين.
وبينما الجدل مستمر في لندن حول المشكلة فإن أطرافها الأصليين من المسلمين والعرب كانوا ولا يزالون بعيدين تماماً عن الإحاطة بها، فضلاً عن التحرك للتعامل معها، وعلى سبيل التأييد والتعاطف الكلامي، مثلما يحصل مع السود في جنوب أفريقيا، أو ضحايا الاضطهاد في نيكاراجوا وشيلي!.
في تلك الظروف تلقيت دعوة لحضور مؤتمر عن القضية الكردية من المنظور الإسلامي دعا إليه عدد من الباحثين الأكراد يدرسون ويعملون في أوربا وأمريكا وكندا، قبلت الدعوة مرحباً بغير تردد لسببين:
أولهما: أنني اعتبرتها فرصة للقاء المباشر مع أكراد الشتات الذين توزعوا في الأصل على خمس دول آسيوية ـ تركيا، إيران، العراق، سورية، روسيا.
ثم كتبت على أبنائهم أن يتوزعوا مرة ثانية على أرجاء المعمورة فراراً من الظلم.
السبب الثاني: أن تلك الدعوة كانت المرة الأولى التي أسمع فيها عن مناقشة القضية من منظور إسلامي، فقد كان عهدنا بالقيادات والفرق السياسية الكردية أنها كانت دائمة الانطلاق إما عن عصبية قومية، أو من منطلقات ماركسية، وبرغم أن حزبين إسلاميين على الأقل ظهرا في السنوات العشر الماضية ـ أي في الثمانينات ـ أحدهما: بارتيا إسلامي ـ باك.
والثاني: الحركة الإسلامي في كردستان العراق ـ حاك.
إلا أن الصوت الأعلى ظل مسموعاً في الخارج على الأقل ظل من نصيب الأحزاب القومية والماركسية، حتى بدا وكأن الإسلاميين غائبون عن الساحة إلى أن فؤجئت بأن الأمر على خلاف ما تصورت، وأن المد الإسلامي الذي تقدمت موجاته في بقاع كثيرة من بلاد المسلمين كانت له شواهده وتفاعلاته في الساحة الكردية، وكان ذلك المؤتمر من بين أصدائه وثماره.
قبل السفر استخرجت ملف الأكراد من خزانة أحزان المسلمين في مكتبتي، كان بعض صفحاته حافلة بعلامات الأصالة والمجد، بينما بعضها الآخر غارقة في الدم.
فذلك الشعب العريق الذي كان حاضراً في تاريخ وسط آسيا منذ ما قبل الميلاد، والذي كانت له حكومته وحضارته وصراعاته ضد الآثوريين والفرس، والذي تحول إلى قوة ضاربة وكتيبة للشجعان في جيوش المسلمين، هو ذاته الذي يبحث الآن عن نصير في ديار الإسلام، فلا يكاد يجد، وهو ذاته الذي يبحث الآن عن ملجأ يلوذ به بعيداً عن القهر والظلم، ولكن أيضاً لا يكاد يجد.
لقد كان ظهور الصراعات في الصف الإسلامي، ثم إلغاء الخلافة الإسلامية، مقدمة لطي صفحة المجد في التاريخ الكردي، وبدء صفحة جديدة مليئة بمشاهد العنف والهوان...
ومما لاحظته أيضاً أن ثمة قدراً غير قليل من العتب من جانب شباب الأكراد على عامة العرب بوجه أخص، والسبب في ذلك في رأيهم: أن العرب سكتوا على كل ما وقع للأكراد من عنف وقهر وظلم.
غير أن أكثر ما لفت نظري هو ذلك الرفض القاطع الذي عبر عنه مختلف الباحثين الأكراد للفطرة القومية... وقد سمعت من أحدهم قوله: إن دعوة القومية العربية تؤدي بالضرورة إلى نفي غير العرب، ولكن دعوة الإسلام هي وحدها التي يمكن أن تشكل عنصراً جامعاً بين مختلف القوميات والأعراق.
ولهذا السبب فإن الحديث عن الوحدة الإسلامية كان يشكل مرتكزاً مهماً في خطاب المؤتمر...".
وكتب الأٍستاذ أحمد السيوفي عن مأساة الأكراد في الدول الخمس وقال:"ولا شك أن الله سبحانه سيحاسبنا على جريمة الصمت عن هذه الكارثة.
إن الذي يقرأ تاريخ مأساة الأكراد في خمس دول يطرح تساؤلاً هاماً وهو: لماذا الأكراد بالذات الذين يقع لهم كل هذا ؟!!!.
وقد يصعب على الإنسان المحايد أن يصل إلى إجابة واضحة، ولكن هناك تساؤلات أخرى طرحها الباحثون تحمل في داخلها الإجابة، ولعل البحث الذي قدمه الدكتور فهمي الشناوي قد طرح مثل هذه التساؤلات فقال:
إن الاستعمار عندما رسم حدود الدويلات الإٍسلامية داخل هذه الأمة، كان ينزع إلى تكوين دويلات طائفية وعرقية، فلماذا في الحالة الكردية وهي حالة من هذا النوع لم يلجأ الاستعمار إلى تكوين دولة كردية؟.
الواقع يقول: إن الاستعمار انتقاماً من ألمانيا حولها إلى قسمين، وأيضاً فإن تاريخ الأكراد لم يجعل الاستعمار يقسمهم إلى دويلتين، وإنما قسمهم إلى خمسة أقسام، بل وجعل كل قسم تابع لدولة لتأجيج الصراع بين هذه الدول، وبين هذه الأقسام الصغيرة، بحيث تتوفر كل وسائل القمع أولاً بأول إذا أراد هذا الشعب أن يرفع رأسه.
"والواقع أننا من خلال قراءة التاريخ الكردي نجد تحت أيدينا منطلقات معقولة ومقبولة لإبادة هذا الشعب، وهي أن هناك عقدة تاريخية يحملها الاستعمار ورجاله من صلاح الدين الأيوبي ومن أحفاده، وبالتالي فإن هذا البعد التاريخي لم يغب عن الاستعمار".
لقد تم إقصاء الأكراد قسراً عن وحدة الشعب العراقي والتركي والإيراني عندما حرموهم من حقوقهم الإنسانية، وفرضوا عليهم لغة وثقافة قسرية، وبالتالي معاكسة ثقافية ما بين الكردية من جانب والعربية والتركية والفارسية من جانب آخر.
رد: القضية سورية والحل الإسلامي
جزاك الله كل خير
روح الأسد- عدد المساهمات : 149
نقاط : 175
السٌّمعَة : 2
تاريخ التسجيل : 09/05/2012
العمر : 34
مواضيع مماثلة
» تعرف على قانون الطوارئ في سورية
» كلام الشيخ ابن باز- رحمه الله- في (أحداث سورية) – بين الماضي والحاضر-
» ليش تكتبي في القسم الإسلامي !!
» من مونتاج مركز وذكِّر الإسلامي
» تأمّلات في الفتح الإسلامي للجزائر
» كلام الشيخ ابن باز- رحمه الله- في (أحداث سورية) – بين الماضي والحاضر-
» ليش تكتبي في القسم الإسلامي !!
» من مونتاج مركز وذكِّر الإسلامي
» تأمّلات في الفتح الإسلامي للجزائر
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى