المواضيع الأخيرة
» [ Template ] كود اخر 20 موضوع و أفضل 10 أعضاء بلمنتدى و مع معرض لصور كالفي بيمن طرف naruto101 الجمعة ديسمبر 05, 2014 2:33 pm
» [Javascript]حصريا كود يقوم بتنبيه العضو بان رده قصير
من طرف احمد السويسي الخميس أغسطس 28, 2014 2:38 am
» نتائج شهادة البكالوريا 2014
من طرف menimeVEVO الثلاثاء يونيو 10, 2014 3:55 am
» من اعمالي موديلات جديدة وحصرية 2012
من طرف دفئ الشتاء الثلاثاء مارس 18, 2014 5:37 pm
» من ابداعات ساندرا،كما وعدتكم بعض من موديلاتها
من طرف دفئ الشتاء الثلاثاء مارس 18, 2014 4:49 pm
» قندوووووووورة جديدة تفضلواا
من طرف دفئ الشتاء الثلاثاء مارس 18, 2014 4:23 pm
» طلب صغير لو سمحتو
من طرف hothifa الإثنين ديسمبر 23, 2013 9:11 pm
» الان فقط وحصريا (استايل واند الالكتروني متعدد الالوان)
من طرف AGILIEDI الإثنين ديسمبر 23, 2013 8:34 pm
» جديد موديلات فساتين البيت بقماش القطيفة 2012 - تصاميم قنادر الدار بأشكال جديدة و قماش القطيفة - صور قنادر جزائرية
من طرف hadda32 الأحد ديسمبر 08, 2013 12:16 pm
» [Template] استايل منتدى سيدي عامر 2012
من طرف ßLẫĆҜ ĈĄŦ الأربعاء نوفمبر 20, 2013 6:46 pm
سحابة الكلمات الدلالية
درة اليقين في اسباب النصر والتمكين - (صلاح أول هذه الأمة بالزهد واليقين)
صفحة 1 من اصل 1
درة اليقين في اسباب النصر والتمكين - (صلاح أول هذه الأمة بالزهد واليقين)
صلاح أول هذه الأمة بالزهد واليقين
رحم
الله الإمام مالك بن أنس حين قال: لن يصلح آخر هذه الأمة إلا بما صلح به
أولها.. وقد بين رسول الله صلى الله عليه وسلم كيف صلح أول هذه الأمة
بقوله:
"صلاح أول هذه الأمة بالزهد واليقين، ويهلك آخرها بالبخل والأمل". [حسنه الألباني في صحيح الجامع]
وتلك كانت حال النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه من بعده رضوان الله
عليهم.. فإنه لما [بعث الله محمدا صلى الله عليه وسلم رحمة للإنسانية كلها؛
بعث معه أمة بأسرها؛ فكانت بعثة مقرونة. لم تكن بعثة مؤقتة أو محدودة؛
يُبعث نبي ويدعو إلى الله، ويفارق الحياة، ولا يخلِّف مَن يخلفه في دعوته.
إن الله سبحانه وتعالى لما قرر أن تكون هذه البعثة هي البعثة الأخيرة
الخالدة، والبعثة العالمية؛ بعث معه أمة بأسرها. والقرآن الكريم يؤثر هذا
التعبير: âكُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ
بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهá [آل
عمران:110]، لم تكن هذه الأمة حشائش طفيلية، ولا نابتة من النوابت، ولا
أشجارا في الغابة تنبت بنفسها ثم تنمو وتموت.. إنما كانت إخراجا من الله
القائل: âكُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِá.. إن هذه الأمة ما
خرجت؛ إنما (أُخرِجت).. وشتان بين الخروج وبين الإخراج..
وعندما خرجت كتائب الإيمان من مدينة الرسول صلى الله عليه وسلم وانطلقت؛
كانت مفاجأة من أكبر المفاجآت التي سجلها التاريخ.. خرج المسلمون بثيابهم
المرقعة وبنعالهم المخصوفة، وبغَرْزهم(1) المتقطع، وبسيوفهم البالية
الأجفان؛ من غير مدد يصل إليهم، ومن غير تموين منظم؛ خرجوا متوكلين على
الله.. فكان منهم جيش توجه إلى (إيران) الإمبراطورية الساسانية الكيانية
التي دامت قرونا عديدة، وتوزعت العالَم المتمدن المعمور مع منافستها
الإمبراطورية الرومانية البيزنطية.. فأرسل "رستم" قائد القواد لجيش إيران
-الذي كان يلي الإمبراطور "كسرى" في المنزلة والنفوذ والأهمية- إلى سعد بن
أبي وقاص رضي الله عنه قائد الجيش الإسلامي، وطلب منه أن يرسل إليه من
يستطيع أن يعرف منه الهدف من هذا الغزو العربي. وما كان يتصور أكثر من أن
هؤلاء الرحالين العرب الفقراء الصعاليك؛ إنما أخرجهم الجوع؛ ولهم الحق أن
يخرجوا.. فقد دفعهم الجوع وما كانوا فيه من ضيق العيش وقلة الموارد إلى هذه
المملكة الفارسية التي يسمعون عن ثروتها ونعيمها وبذخها وترفها.. هذا الذي
كان يصل إليه ذكاء "رستم"! فالأمر بسيط.. نزودهم بالميرة والمواد
الغذائية، ونقول لهم: ارجعوا إلى بلادكم، وسيصلكم المدد والتموين،
وسنتعهدكم بالطعام والكسوة.. هذا الذي كان يتصوره "رستم"..
واختار سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه رجلا من المسلمين اسمه "ربعي بن عامر" رضي الله عنه
ذهب ربعي إلى رستم؛ وقد زين رستم مجلسه بأكثر ما يمكن أن يزينه ملك من
الملوك؛ حتى يرهب هذا الرجل ويغلَب على أمره، ويقف مشدوها حائرا!
ولما تقدم ربعي قال له رستم: ما الذي جاء بكم؟ فقال من غير تردد: "الله ابتعثنا".. إنها الضربة الأولى الموجعة!
وهنا تلتقي القوة الإيمانية مع القدرة البيانية.. هنا الإيمان يتكلم..
الحكمة الإيمانية التي انتقلت إليهم من مجالس الرسول صلى الله عليه وسلم
ومن تربيته..
"الله ابتعثنا لنخرج مَن شاء مِن عبادة العباد إلى عبادة الله وحده"..
ما
أوسع هذه الكلمة وما أجمعها وما أبلغها! يتكلم العربي المسلم أمام رجل قد
استعبد الناس، وأمام أمة قد استعبدت الأمم، وأمام طبقة أرستقراطية قد
استعبدت الطبقات كلها..!
ثم قال: "ومن ضيق الدنيا إلى سعتها"..!
لو قال رضي الله عنه من ضيق الدنيا إلى سعة الآخرة.. لم يكن مستغربا؛
بل كان متوقعا ومقبولا.. ولكن قال: من ضيق الدنيا إلى سعتها..! نحن العرب
البدو نعيش في الخيام، ونأكل لحوم الإبل، ونعيش على التمر.. إنما جئنا
لنخرجكم أيها الفرس المنعمون من ضيق الدنيا إلى سعة الدنيا! فأي ضيق يا ترى
كان الفرس فيه؟! وأي سعة كان فيها العرب؟!
لولا أن التاريخ الأمين
حدثنا بذلك لما صدقنا أن بدويا اجترأ أن يقول ذلك لقائد قوات فارس العظيمة،
ووزير الدفاع في إمبراطورية كسرى! إنها معجزة من معجزات الهداية الإلهية
والصحبة النبوية..
العرب الذين كانوا يحسبون الكافور ملحا،
وعندما جربوا لأول مرة الخبز الرقاق حسبوها مناديل؛ فجعلوا يمسحون بها
أيديهم! ولكن اليقين الذي وهبه لهم الإيمان جعل ربعي بن عامر رضي الله عنه
في موقف القدوة إلى يومنا هذا، وسيظل كذلك إلى يوم الدين.. اليقين الذي
فقدناه اليوم؛ عندما يذهب شباب المسلمين إلى أوربا يأخذهم العجب، وتبهرهم
الحضارة، ويستهينون بأمتهم..!
ولكن هؤلاء الأعراب الذين دخلوا
في حدود "إيران" لم يسل لعابهم أبدا، ولم يأخذهم سحر الحضارة التي رقت
حواشيها.. إنكم إذا قرأتم أخبار (فرش بهار)(1) في تاريخ الطبري وتفاصيله؛
تصورتموه حكاية من حكايات الجن! كانوا يبسطونه في أيام الخريف ليستحضروا
ذكريات الربيع، ويستنشقوا أريج الربيع! إلى هذا الحد بلغت مدنية الفرس..
وتصوروا أن "كسرى يزدجرد" آخر ملوك الفرس لما خرج من "المدائن" وقد
أيقن أن ملكه زائل؛ أخذ معه ألف طاهٍ وألف مغنٍ وألف مربٍ للصقور، وكان
يرثي لنفسه ويقول: يا حسرتاه! ما أخذت شيئا، كيف أعيش في هذه القلة القليلة
من الخدم والحشم؟!! وإلى هذا الحد أيضا بلغت المدنية الفارسية المزورة
المصطنعة التي قامت على دماء الفقراء وعلى عرق الفلاحين..
إن
هؤلاء الصحابة الفقراء في هذا الجيش الإسلامي لم يسل لعابهم أمام هذه
المدنية، بل بالعكس ملأ جوانحهم الرثاء والرحمة لهؤلاء المنعمين المنكوبين،
المترفين المعذبين، الأشقياء البائسين؛ الذين كانوا يسمون (ملوكا)
و(أمراء).. هذه المدنية ملأت قلوب الصحابة بالرثاء والرحمة، وما تركت مكانا
في جوانحهم للغبطة والحسد..
إن "يزدجرد" لما غادر بلاده وعرف
أنه لا يرجع إليها، وأن الحكم للعرب المسلمين بإذن الله تعالى؛ لجأ إلى كوخ
عجوز فقيرة؛ فأصابه العطش فطلب الماء، وجاءت العجوز بالماء في كوب من خشب،
فقال: أأشرب من هذا؟! والله لو مت عطشا ما استطعت أن أشرب من هذا! وقدم
إليه طعام في هذه الجولة الاضطرارية، فقال: لا أستطيع أن أسيغ لقمة إلا إذا
سمعت الغناء والموسيقى!!(1)
وأي عبودية أعمق من هذه وأقوى؟!! الإنسان يموت عطشا ولا يشرب من كأس من خشب! هكذا استعبدتهم عاداتهم، استعبدتهم شهواتهم،
استعبدتهم أعرافهم، استعبدتهم تقاليدهم،
واستعبدتهم المعايير المصطنعة..
ولكن العرب كانوا (أحرارا) بمعنى الكلمة كله..] (1)
فاتباع الإتراف فيه فساد وإجرام؛ ذلك أن مثار الظلم والإجرام الموجب
لهلاك الأمم هو اتباع أكثرها لما أترفوا فيه من أسباب النعيم والشهوات
واللذات، والمترفون هم مفسدو الأمم ومهلكوها.
وقد علم هذا
المهتدون الأولون بالقرآن من الخلفاء الراشدين والسلف الصالحين؛ فكانوا
مثلا صالحا في الاعتدال في المعيشة، أو تغليب جانب الخشونة والشدة على
الإتراف والنعمة؛ ففتحوا الأمصار، وأقاموا دولة عز على التاريخ أن يقيم
مثلها باتباع هدي القرآن وبيان السنة له.. وبذلك خرجوا من ظلمات الجهالة
إلى نور العلم والعرفان، ثم أضاعها مَن خلف مِن بعدهم من متبعى الإتراف،
وكيف ضلوا بعد أن استفادوا الفنون والعلوم والملك والسلطان، ولله الأمر من
قبل ومن بعد. [تفسير المراغي]
وقد أدرك هذه الحقيقة أعداء الأمة؛
فبذلوا جهودهم لـ"إنشاء جيل همه الشهوات، ويعيش من أجل الشهوات، وفي سبيل
الشهوات يجود بأغلى ما يملك".(1)
يقول الشيخ/ محمد الغزالي /:
من أخلاق الضعة التي رمانا بها الاستعمار قديما الشره في طلب اللذائذ،
والرغبة في الراحة دون عمل، ونيل المغنم القريب من غير مغرم يبذل، وقعود
الهمم عن الآمال العراض والمطامح العظام، مع إدمان غريب للشهوات الدنيا،
وتتبع للعورات، وتصور ظالم للمرأة وأنواع المتع! إلى غير ذلك من ذرائع
الهزيمة التي لا تتاح معها نهضة، ولا ينجح في ظلالها سعي!
وفي
مصر يسَّر الاحتلال البريطاني -للعوام وللمثقفين على السواء- أن يرتعوا في
هذه الدنايا، وأن يحيوا داخل نطاقها كما يحيا يعض الحيوان داخل القوقع!
فانتشرت الحانات في قرى الريف وأحياء المدن، وأبيح البغاء..!
واحمرت الليالي أكثر العام بالسهر النجس وألوان الإثم التي يفتن فيها
الفارغون.. وانضم إلى ذلك -بل سبق ذلك- إخلاء الحياة العامة من رسالة تنتظم
فيها المشاعر، وتجند لها الجوارح، وينشغل الجميع بأعبائها، يفرحون لما
يصيبها من نصر، ويكتئبون لما يلحقها من انهزام..
لقد أصبح
الناس عبيدا لشهواتهم؛ لا همة لهم من الدنيا إلا أن يستجلبوا من اللذاذات
وصنوف المشتهيات ما لم يحلم به الغربيون الذين هم أهل كدح ولغوب وراء
معايشهم!! فصاروا بذلك أدوات في يد المستعمر يستخدمها متى يشاء، ويرميها أو
يكسرها إذا أحب!
إن هذه الحال من عشق الدنيا أقوى ذرائع الفتك في كياننا المريض.
وهي حال يشجعها الاستعمار الذي غزا الشرق بعقلية اللص! فليس يهمه أن يعامل مغفلين ذوي شهوات نزقة!
أترى الاستعمار يألم لأن الخديو إسماعيل أسس دار الأوبرا في القاهرة،
وأن تفكيره جرى إلى ذلك قبل أن يجري إلى تأسيس مصنع نافع؟ كلا.. إنه يهتم
بمثل هذا الحاكم، ويريد أن تسري روحه إلى كل فرد في الشعب! بل إنه سلط
زبانيته لدفع الشعوب العربية في هذه السبل القذرة! وحالف في هذه السبيل
الكتاب والصحفيين والمبشرين كي يبنوا المجتمع الإسلامي على هذه الدعائم
المنهارة، وكي يصوغوا أفكار الشباب وآماله؛ فإذا هي لا تعدو ذلك العبث
الصبياني في اصطياد امرأة وإجابة نزوة! هذه هي الأهداف المعنوية التي يسعى
الاستعمار لبثها..
ألا فلنحذر على ديننا ودنيانا هذه الميوعة الخسيسة التي اعتلَّت بها أمتنا!!
فهذه
أيام ينبغي أن يخشوشن فيها المنعَّم، وينتبه فيها الوسنان.. إن معركة
الإسـلام مع الاستعمار لم تنتهِ، ولها أعباء ثقال لن يستطيعها المختالون في
أزيائهم من الشبان الناعمين، ولا المشغوفون بلذاذاتهم من أشباه الرجال!
إن
الأجيال المنهزمة تلحقها علة واحدة. ولذلك تلحظ عليها أعراضًا متشابهة،
وإن اختلف المكان والزمان.. في زحف الصليبية القديم على الشرق الأوسط أمكن
المهاجمين أن ينفذوا أول الأمر إلى أحشاء الإسلام وصميم بلاده! لماذا..؟!
لأن القوم شُغلوا بالعيش الرخي والقعود اللين عن مغارم الكفاح المر..! فكان
أن
ضربهم الله بالذل، وسلط عليهم الأعداء.. (1)
فيا عباد الله..
دارت بنــا فتـنٌ أَعْمَتْ بَصَائـرَنــا **** فمـا وَعَيْنــا ! وعَـمَّ الـذلُّ والخـوَرُ
فـلا الفواجعُ، لا الأحداثُ تُـوقِظُنـا **** ولا المـواعــظُ والآيـــاتُ والعِبَــرُ
لا تَنْظُـرنَّ صلاحَ الديـنِ يُنقـذُنــا **** وكيف يُنقِــذُ مَنْ أردَى بهِم خَـوَرُ
ميدانُنا أنفسٌ يَطغى الهوى شططًـا **** فيها؛ فضاعت على أهـوائهـا الأثـرُ
أيقِظْ إذنْ أنْفسًـا حتى إذا انتصرَتْ **** على هـواهـا أتَى مِن بعدِهِ الظفَـرُ (2)
------------------
رحم
الله الإمام مالك بن أنس حين قال: لن يصلح آخر هذه الأمة إلا بما صلح به
أولها.. وقد بين رسول الله صلى الله عليه وسلم كيف صلح أول هذه الأمة
بقوله:
"صلاح أول هذه الأمة بالزهد واليقين، ويهلك آخرها بالبخل والأمل". [حسنه الألباني في صحيح الجامع]
وتلك كانت حال النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه من بعده رضوان الله
عليهم.. فإنه لما [بعث الله محمدا صلى الله عليه وسلم رحمة للإنسانية كلها؛
بعث معه أمة بأسرها؛ فكانت بعثة مقرونة. لم تكن بعثة مؤقتة أو محدودة؛
يُبعث نبي ويدعو إلى الله، ويفارق الحياة، ولا يخلِّف مَن يخلفه في دعوته.
إن الله سبحانه وتعالى لما قرر أن تكون هذه البعثة هي البعثة الأخيرة
الخالدة، والبعثة العالمية؛ بعث معه أمة بأسرها. والقرآن الكريم يؤثر هذا
التعبير: âكُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ
بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهá [آل
عمران:110]، لم تكن هذه الأمة حشائش طفيلية، ولا نابتة من النوابت، ولا
أشجارا في الغابة تنبت بنفسها ثم تنمو وتموت.. إنما كانت إخراجا من الله
القائل: âكُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِá.. إن هذه الأمة ما
خرجت؛ إنما (أُخرِجت).. وشتان بين الخروج وبين الإخراج..
وعندما خرجت كتائب الإيمان من مدينة الرسول صلى الله عليه وسلم وانطلقت؛
كانت مفاجأة من أكبر المفاجآت التي سجلها التاريخ.. خرج المسلمون بثيابهم
المرقعة وبنعالهم المخصوفة، وبغَرْزهم(1) المتقطع، وبسيوفهم البالية
الأجفان؛ من غير مدد يصل إليهم، ومن غير تموين منظم؛ خرجوا متوكلين على
الله.. فكان منهم جيش توجه إلى (إيران) الإمبراطورية الساسانية الكيانية
التي دامت قرونا عديدة، وتوزعت العالَم المتمدن المعمور مع منافستها
الإمبراطورية الرومانية البيزنطية.. فأرسل "رستم" قائد القواد لجيش إيران
-الذي كان يلي الإمبراطور "كسرى" في المنزلة والنفوذ والأهمية- إلى سعد بن
أبي وقاص رضي الله عنه قائد الجيش الإسلامي، وطلب منه أن يرسل إليه من
يستطيع أن يعرف منه الهدف من هذا الغزو العربي. وما كان يتصور أكثر من أن
هؤلاء الرحالين العرب الفقراء الصعاليك؛ إنما أخرجهم الجوع؛ ولهم الحق أن
يخرجوا.. فقد دفعهم الجوع وما كانوا فيه من ضيق العيش وقلة الموارد إلى هذه
المملكة الفارسية التي يسمعون عن ثروتها ونعيمها وبذخها وترفها.. هذا الذي
كان يصل إليه ذكاء "رستم"! فالأمر بسيط.. نزودهم بالميرة والمواد
الغذائية، ونقول لهم: ارجعوا إلى بلادكم، وسيصلكم المدد والتموين،
وسنتعهدكم بالطعام والكسوة.. هذا الذي كان يتصوره "رستم"..
واختار سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه رجلا من المسلمين اسمه "ربعي بن عامر" رضي الله عنه
ذهب ربعي إلى رستم؛ وقد زين رستم مجلسه بأكثر ما يمكن أن يزينه ملك من
الملوك؛ حتى يرهب هذا الرجل ويغلَب على أمره، ويقف مشدوها حائرا!
ولما تقدم ربعي قال له رستم: ما الذي جاء بكم؟ فقال من غير تردد: "الله ابتعثنا".. إنها الضربة الأولى الموجعة!
وهنا تلتقي القوة الإيمانية مع القدرة البيانية.. هنا الإيمان يتكلم..
الحكمة الإيمانية التي انتقلت إليهم من مجالس الرسول صلى الله عليه وسلم
ومن تربيته..
"الله ابتعثنا لنخرج مَن شاء مِن عبادة العباد إلى عبادة الله وحده"..
ما
أوسع هذه الكلمة وما أجمعها وما أبلغها! يتكلم العربي المسلم أمام رجل قد
استعبد الناس، وأمام أمة قد استعبدت الأمم، وأمام طبقة أرستقراطية قد
استعبدت الطبقات كلها..!
ثم قال: "ومن ضيق الدنيا إلى سعتها"..!
لو قال رضي الله عنه من ضيق الدنيا إلى سعة الآخرة.. لم يكن مستغربا؛
بل كان متوقعا ومقبولا.. ولكن قال: من ضيق الدنيا إلى سعتها..! نحن العرب
البدو نعيش في الخيام، ونأكل لحوم الإبل، ونعيش على التمر.. إنما جئنا
لنخرجكم أيها الفرس المنعمون من ضيق الدنيا إلى سعة الدنيا! فأي ضيق يا ترى
كان الفرس فيه؟! وأي سعة كان فيها العرب؟!
لولا أن التاريخ الأمين
حدثنا بذلك لما صدقنا أن بدويا اجترأ أن يقول ذلك لقائد قوات فارس العظيمة،
ووزير الدفاع في إمبراطورية كسرى! إنها معجزة من معجزات الهداية الإلهية
والصحبة النبوية..
العرب الذين كانوا يحسبون الكافور ملحا،
وعندما جربوا لأول مرة الخبز الرقاق حسبوها مناديل؛ فجعلوا يمسحون بها
أيديهم! ولكن اليقين الذي وهبه لهم الإيمان جعل ربعي بن عامر رضي الله عنه
في موقف القدوة إلى يومنا هذا، وسيظل كذلك إلى يوم الدين.. اليقين الذي
فقدناه اليوم؛ عندما يذهب شباب المسلمين إلى أوربا يأخذهم العجب، وتبهرهم
الحضارة، ويستهينون بأمتهم..!
ولكن هؤلاء الأعراب الذين دخلوا
في حدود "إيران" لم يسل لعابهم أبدا، ولم يأخذهم سحر الحضارة التي رقت
حواشيها.. إنكم إذا قرأتم أخبار (فرش بهار)(1) في تاريخ الطبري وتفاصيله؛
تصورتموه حكاية من حكايات الجن! كانوا يبسطونه في أيام الخريف ليستحضروا
ذكريات الربيع، ويستنشقوا أريج الربيع! إلى هذا الحد بلغت مدنية الفرس..
وتصوروا أن "كسرى يزدجرد" آخر ملوك الفرس لما خرج من "المدائن" وقد
أيقن أن ملكه زائل؛ أخذ معه ألف طاهٍ وألف مغنٍ وألف مربٍ للصقور، وكان
يرثي لنفسه ويقول: يا حسرتاه! ما أخذت شيئا، كيف أعيش في هذه القلة القليلة
من الخدم والحشم؟!! وإلى هذا الحد أيضا بلغت المدنية الفارسية المزورة
المصطنعة التي قامت على دماء الفقراء وعلى عرق الفلاحين..
إن
هؤلاء الصحابة الفقراء في هذا الجيش الإسلامي لم يسل لعابهم أمام هذه
المدنية، بل بالعكس ملأ جوانحهم الرثاء والرحمة لهؤلاء المنعمين المنكوبين،
المترفين المعذبين، الأشقياء البائسين؛ الذين كانوا يسمون (ملوكا)
و(أمراء).. هذه المدنية ملأت قلوب الصحابة بالرثاء والرحمة، وما تركت مكانا
في جوانحهم للغبطة والحسد..
إن "يزدجرد" لما غادر بلاده وعرف
أنه لا يرجع إليها، وأن الحكم للعرب المسلمين بإذن الله تعالى؛ لجأ إلى كوخ
عجوز فقيرة؛ فأصابه العطش فطلب الماء، وجاءت العجوز بالماء في كوب من خشب،
فقال: أأشرب من هذا؟! والله لو مت عطشا ما استطعت أن أشرب من هذا! وقدم
إليه طعام في هذه الجولة الاضطرارية، فقال: لا أستطيع أن أسيغ لقمة إلا إذا
سمعت الغناء والموسيقى!!(1)
وأي عبودية أعمق من هذه وأقوى؟!! الإنسان يموت عطشا ولا يشرب من كأس من خشب! هكذا استعبدتهم عاداتهم، استعبدتهم شهواتهم،
استعبدتهم أعرافهم، استعبدتهم تقاليدهم،
واستعبدتهم المعايير المصطنعة..
ولكن العرب كانوا (أحرارا) بمعنى الكلمة كله..] (1)
فاتباع الإتراف فيه فساد وإجرام؛ ذلك أن مثار الظلم والإجرام الموجب
لهلاك الأمم هو اتباع أكثرها لما أترفوا فيه من أسباب النعيم والشهوات
واللذات، والمترفون هم مفسدو الأمم ومهلكوها.
وقد علم هذا
المهتدون الأولون بالقرآن من الخلفاء الراشدين والسلف الصالحين؛ فكانوا
مثلا صالحا في الاعتدال في المعيشة، أو تغليب جانب الخشونة والشدة على
الإتراف والنعمة؛ ففتحوا الأمصار، وأقاموا دولة عز على التاريخ أن يقيم
مثلها باتباع هدي القرآن وبيان السنة له.. وبذلك خرجوا من ظلمات الجهالة
إلى نور العلم والعرفان، ثم أضاعها مَن خلف مِن بعدهم من متبعى الإتراف،
وكيف ضلوا بعد أن استفادوا الفنون والعلوم والملك والسلطان، ولله الأمر من
قبل ومن بعد. [تفسير المراغي]
وقد أدرك هذه الحقيقة أعداء الأمة؛
فبذلوا جهودهم لـ"إنشاء جيل همه الشهوات، ويعيش من أجل الشهوات، وفي سبيل
الشهوات يجود بأغلى ما يملك".(1)
يقول الشيخ/ محمد الغزالي /:
من أخلاق الضعة التي رمانا بها الاستعمار قديما الشره في طلب اللذائذ،
والرغبة في الراحة دون عمل، ونيل المغنم القريب من غير مغرم يبذل، وقعود
الهمم عن الآمال العراض والمطامح العظام، مع إدمان غريب للشهوات الدنيا،
وتتبع للعورات، وتصور ظالم للمرأة وأنواع المتع! إلى غير ذلك من ذرائع
الهزيمة التي لا تتاح معها نهضة، ولا ينجح في ظلالها سعي!
وفي
مصر يسَّر الاحتلال البريطاني -للعوام وللمثقفين على السواء- أن يرتعوا في
هذه الدنايا، وأن يحيوا داخل نطاقها كما يحيا يعض الحيوان داخل القوقع!
فانتشرت الحانات في قرى الريف وأحياء المدن، وأبيح البغاء..!
واحمرت الليالي أكثر العام بالسهر النجس وألوان الإثم التي يفتن فيها
الفارغون.. وانضم إلى ذلك -بل سبق ذلك- إخلاء الحياة العامة من رسالة تنتظم
فيها المشاعر، وتجند لها الجوارح، وينشغل الجميع بأعبائها، يفرحون لما
يصيبها من نصر، ويكتئبون لما يلحقها من انهزام..
لقد أصبح
الناس عبيدا لشهواتهم؛ لا همة لهم من الدنيا إلا أن يستجلبوا من اللذاذات
وصنوف المشتهيات ما لم يحلم به الغربيون الذين هم أهل كدح ولغوب وراء
معايشهم!! فصاروا بذلك أدوات في يد المستعمر يستخدمها متى يشاء، ويرميها أو
يكسرها إذا أحب!
إن هذه الحال من عشق الدنيا أقوى ذرائع الفتك في كياننا المريض.
وهي حال يشجعها الاستعمار الذي غزا الشرق بعقلية اللص! فليس يهمه أن يعامل مغفلين ذوي شهوات نزقة!
أترى الاستعمار يألم لأن الخديو إسماعيل أسس دار الأوبرا في القاهرة،
وأن تفكيره جرى إلى ذلك قبل أن يجري إلى تأسيس مصنع نافع؟ كلا.. إنه يهتم
بمثل هذا الحاكم، ويريد أن تسري روحه إلى كل فرد في الشعب! بل إنه سلط
زبانيته لدفع الشعوب العربية في هذه السبل القذرة! وحالف في هذه السبيل
الكتاب والصحفيين والمبشرين كي يبنوا المجتمع الإسلامي على هذه الدعائم
المنهارة، وكي يصوغوا أفكار الشباب وآماله؛ فإذا هي لا تعدو ذلك العبث
الصبياني في اصطياد امرأة وإجابة نزوة! هذه هي الأهداف المعنوية التي يسعى
الاستعمار لبثها..
ألا فلنحذر على ديننا ودنيانا هذه الميوعة الخسيسة التي اعتلَّت بها أمتنا!!
فهذه
أيام ينبغي أن يخشوشن فيها المنعَّم، وينتبه فيها الوسنان.. إن معركة
الإسـلام مع الاستعمار لم تنتهِ، ولها أعباء ثقال لن يستطيعها المختالون في
أزيائهم من الشبان الناعمين، ولا المشغوفون بلذاذاتهم من أشباه الرجال!
إن
الأجيال المنهزمة تلحقها علة واحدة. ولذلك تلحظ عليها أعراضًا متشابهة،
وإن اختلف المكان والزمان.. في زحف الصليبية القديم على الشرق الأوسط أمكن
المهاجمين أن ينفذوا أول الأمر إلى أحشاء الإسلام وصميم بلاده! لماذا..؟!
لأن القوم شُغلوا بالعيش الرخي والقعود اللين عن مغارم الكفاح المر..! فكان
أن
ضربهم الله بالذل، وسلط عليهم الأعداء.. (1)
فيا عباد الله..
دارت بنــا فتـنٌ أَعْمَتْ بَصَائـرَنــا **** فمـا وَعَيْنــا ! وعَـمَّ الـذلُّ والخـوَرُ
فـلا الفواجعُ، لا الأحداثُ تُـوقِظُنـا **** ولا المـواعــظُ والآيـــاتُ والعِبَــرُ
لا تَنْظُـرنَّ صلاحَ الديـنِ يُنقـذُنــا **** وكيف يُنقِــذُ مَنْ أردَى بهِم خَـوَرُ
ميدانُنا أنفسٌ يَطغى الهوى شططًـا **** فيها؛ فضاعت على أهـوائهـا الأثـرُ
أيقِظْ إذنْ أنْفسًـا حتى إذا انتصرَتْ **** على هـواهـا أتَى مِن بعدِهِ الظفَـرُ (2)
------------------
مواضيع مماثلة
» درة اليقين في اسباب النصر والتمكين - (فحق عليها القول)
» سورة النصر
» لماذا تخلف عنكم النصر؟!
» تخيير الأمة بالقراءة بأي حرف شاءت منها
» من ملوك هذه الأمة
» سورة النصر
» لماذا تخلف عنكم النصر؟!
» تخيير الأمة بالقراءة بأي حرف شاءت منها
» من ملوك هذه الأمة
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى