المواضيع الأخيرة
» [ Template ] كود اخر 20 موضوع و أفضل 10 أعضاء بلمنتدى و مع معرض لصور كالفي بيمن طرف naruto101 الجمعة ديسمبر 05, 2014 2:33 pm
» [Javascript]حصريا كود يقوم بتنبيه العضو بان رده قصير
من طرف احمد السويسي الخميس أغسطس 28, 2014 2:38 am
» نتائج شهادة البكالوريا 2014
من طرف menimeVEVO الثلاثاء يونيو 10, 2014 3:55 am
» من اعمالي موديلات جديدة وحصرية 2012
من طرف دفئ الشتاء الثلاثاء مارس 18, 2014 5:37 pm
» من ابداعات ساندرا،كما وعدتكم بعض من موديلاتها
من طرف دفئ الشتاء الثلاثاء مارس 18, 2014 4:49 pm
» قندوووووووورة جديدة تفضلواا
من طرف دفئ الشتاء الثلاثاء مارس 18, 2014 4:23 pm
» طلب صغير لو سمحتو
من طرف hothifa الإثنين ديسمبر 23, 2013 9:11 pm
» الان فقط وحصريا (استايل واند الالكتروني متعدد الالوان)
من طرف AGILIEDI الإثنين ديسمبر 23, 2013 8:34 pm
» جديد موديلات فساتين البيت بقماش القطيفة 2012 - تصاميم قنادر الدار بأشكال جديدة و قماش القطيفة - صور قنادر جزائرية
من طرف hadda32 الأحد ديسمبر 08, 2013 12:16 pm
» [Template] استايل منتدى سيدي عامر 2012
من طرف ßLẫĆҜ ĈĄŦ الأربعاء نوفمبر 20, 2013 6:46 pm
سحابة الكلمات الدلالية
فقه الوضوء وبعض ما يتعلق به من أحكام الجزء (3) إعداد : عبدرب الصالحين العتموني
صفحة 1 من اصل 1
فقه الوضوء وبعض ما يتعلق به من أحكام الجزء (3) إعداد : عبدرب الصالحين العتموني
--------------------------------------------------------------------------------
فقه الوضوء وبعض ما يتعلق به من أحكام
الجزء الثالث
إعداد / العبد الفقير إلى الله
أبو معاذ / عبدرب الصالحين أبوضيف العتموني
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله
وبعد
فرائض الوضوء
● الفرض الثالث : مسح الرأس :
اتفق الفقهاء على أن مسح الرأس في الوضوء من أركانه أو فروضه وقد دل على ذلك الكتاب والسنة والإجماع .
أما الكتاب فقوله تعالى : « وَامْسَحُواْ بِرُؤُوسِكُمْ »
وأما السنة فللأحاديث الواردة في وصف وضوئه صلى الله عليه وسلم وخاصة حديث عثمان رضي الله عنه وقوله ( ثم مسح برأسه ) .
وأما الإجماع فنقله خلق كثير نقله من الحنفية : الطحاوي .
ومن المالكية : ابن عبدالبر والحطاب وابن رشد والقرطبي والخرشي .
ومن الشافعية : النووي والماوردي .
ومن الحنابلة : ابن قدامة وابن مفلح والزركشي وغيرهم .
● حد الرأس :
قال الشيخ محمد بن صالح بن عثيمين رحمه الله : ( حد الرأس من منحنى الجبهة إلى منابت الشعر من الخلف طولاً ومن الأذن إلى الأذن عرضاً وعلى هذا فالبياض الذي بين الرأس والأذنين من الرأس ) أهـ .
● معنى المسح :
المسح لغة : تحرك العضو الماسح ملتصقاً بالعضو الممسوح ومنه القول : مسحت رأس اليتيم : إذا أمررت اليد على رأسه وهي ملتصقة به .
أما مسح الرأس في الوضوء فهو : إمرار اليد المبتلة بالماء على الرأس بلا تسييل أي تحرك اليد أو اليدين المبتلتين بالماء ملتصقتين بشعر الرأس .
قال الشيخ السيد سابق رحمه الله : ( والمسح معناه الاصابة بالبلل ولا يتحقق إلا بحركة العضو الماسح ملصقاً بالممسوح فوضع اليد أو الإصبع على الرأس أو غيره لا يسمى مسحاً ) أهـ .
● الفرق بين المسح والغسل :
قال الشيخ محمد بن صالح بن عثيمين رحمه الله : ( الفرق بين المسح والغسل : أن المسح لا يحتاج إلى جريان الماء بل يكفي أن يغمس يده في الماء ثم يمسح بها رأسه وإنما أوجب الله في الرأس المسح دون الغسل لأن الغسل يشق على الإنسان ولا سيما إذا كثر الشعر وكان في أيام الشتاء إذ لو غسل لنزل الماء على الجسم ولأن الشعر يبقى مبتلاً مدة طويلة وهذا يلحق الناس به العسر والمشقة والله إنما يريد بعباده اليسر ) أهـ .
● الحِكمة من المسح على الرأس دون الغسل :
الحكمة من مسح الرأس هو التخفيف من المشقة الحاصلة بغسله عند كل وضوء .
قال ابن القيم رحمه الله : ( ولما كان الرأس مجمع الحواس وأعلى البدن وأشرفه كان أحق بالنظافة لكن لو شرع غسله في الوضوء لعظمت المشقة واشتدت البلية فشرع مسح جميعه وأقامه مقام غسله تخفيفاً ورحمة كما أقام المسح على الخفين مقام غسل الرجلين ) أهـ .
● القدر الواجب مسحه من الرأس :
اختلف العلماء في المقدار الواجب مسحه من الرأس في حق الرجال والنساء :
فقيل : يكفي في مسح الرأس مقدار الناصية وهو ربع الرأس وهذا مذهب الحنفية .
وقيل : يجب مسح جميع الرأس وهو مذهب المالكية والمشهور من مذهب الحنابلة واختاره المزني من الشافعية .
وقيل : المفروض أقل ما يتناوله اسم المسح ولو شعرة وهو مذهب الشافعية .
● دليل من قال بجواز الاقتصار على الناصية في المسح وهم الحنفية :
● الدليل الأول :
ما رواه أحمد عن الحسن عن ابن المغيرة بن شعبة عن أبيه ( أن النبي صلى الله عليه وسلم توضأ فمسح بناصيته ومسح على الخفين والعمامة ) قال الشيخ شعيب الأرنؤوط : إسناده صحيح على شرط مسلم
● قالوا :
لما مسح النبي صلى الله عليه وسلم على الناصية كان مسحه عليه الصلاة والسلام على العمامة من باب الفضل لا من باب الوجوب إذ لا يمكن أن يجب مسح البدل ومسح الأصل في وقت واحد .
قال الطحاوي رحمه الله : ( في هذا الأثر أن الرسول صلى الله عليه وسلم مسح على بعض الرأس وهو الناصية وظهور الناصية دليل أن بقية الرأس حكمه حكم ما ظهر منه لأنه لو كان الحكم قد ثبت بالمسح على العمامة لكان كالمسح على الخفين فلم يكن إلا وقد غُيِّبت الرِّجلان فيهما ولو كان بعض الرِّجلين باديًا لما أجزأه أن يغسل ما ظهر منهما ويمسح على ما غاب منهما فجعل حكم ما غاب منهما مضمنًا بحكم ما بدا منهما فلما وجب غسلُ الظاهر وجب غسل الباطن فكذلك الرأس : لما وجب مسح ما ظهر منه ثبت أنه لا يجوز مسح ما بطن منه ليكون حكم كله حكمًا واحدًا كما كان حكم الرجلين إذا غيِّبت بعضها في الخفين حكمًا واحداً فلما اكتفى النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الأثر بمسح الناصية على مسح ما بقي من الرأس دل ذلك أن الفرض في مسح الرأس هو مقدار الناصية وأن ما فعله فيما جاوز به الناصية فيما سوى ذلك من الآثار كان دليلاً على الفضل لا على الوجوب حتى تستوي هذه الآثار ولا تتضاد فهذا حكم هذا الباب من طريق الآثار ) أهـ .
● وأُجيبَ عن ذلك :
بأنه لو جاز الاقتصار على مسح الناصية لما مسح على العمامة وإذا مسح على ناصيته وكمل الباقي بعمامته أجزأه بلا ريب .
قال ابن القيم رحمه الله : ( ولم يصح عنه في حديث واحد أنه اقتصر على مسح بعض رأسه ألبتة ولكن كان إذا مسح بناصيته كمل على العمامة ثم قال : وأما اقتصاره على الناصية مجردة فلم يحفظ عنه ) أهـ .
● الدليل الثاني :
ما رواه أبوداود عن أنس بن مالك قال : ( رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يتوضأ وعليه عمامة قطرية فأدخل يده من تحت العمامة فمسح مقدم رأسه ولم ينقض العمامة ) .
قال الشيخ الألباني رحمه الله : إسناده ضعيف من أجل أبي معقل فإنه مجهول اتفاقاً وقال ابن السكن : " لا يثبت إسناده " وقال الحافظ : في إسناده نظر ) .
قال ابن القيم رحمه الله : ( مقصود أنس به : أن النبي صلى الله عليه وسلم لم ينقض عمامته حتى يستوعب مسح الشعر كله ولم يَنفِ التكميل على العمامة وقد أثبته المغيرة بن شعبة وغيره فسكوت أنس عنه لا يدل على نفيه ) أهـ .
● الدليل الثالث :
ما رواه عبدالرزاق قال : عن ابن جريج قال : أخبرني عطاء قال : ( بلغني أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يتوضأ وعليه العمامة يؤخرها عن رأسه ولا يَحُلُّها ثم مسح برأسه فأشار الماء بكف واحد على اليافوخ قط ثم يعيد العمامة ) .
● الدليل الرابع :
فعل ابن عمر مع ما عُرف عنه من حرصه على متابعة السنة .
فقد روى عبدالرزاق عن معمر عن أيوب عن نافع : ( أن ابن عمر كان يُدخل يديه في الوضوء فيمسح بها مسحة واحدة اليافوخ قط ) .
● دليل من قال : يجزئ أقل ما يتناوله المسح وهم الشافعية :
● الدليل الأول :
قال تعالى : ( وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ ) فيتحقق مسح الرأس بمسح جزء من أجزائه كما تقول : ضربت رأسه وضربت برأسه فمن قال : إنه لا يكون ضاربًا لرأسه حقيقة إلا إذا وقع الضرب على كل جزء من أجزائه فقد جاء بما لا يفهمه أهل اللغة ولا يعرفونه ومثل هذا إذا قال القائل : مسحت الحائط ومسحت بالحائط فإن المعنى للمسح يوجد بمسح جزء من أجزاء الحائط ولا ينكر هذا إلا مكابر .
● الدليل الثاني :
ثبت في الدليل ( أن النبي صلى الله عليه وسلم مسح بناصيته ) فهذا يمنع وجوب الاستيعاب ويمنع التقدير بالثلث أو الربع أو النصف فإن الناصية دون الربع فيتعين أن الواجب ما يقع عليه اسم مسح .
● الدليل الثالث :
الباء في قوله تعالى : « وَامْسَحُواْ بِرُؤُوسِكُمْ » دالة على التبعيض وجهه : إذا دخلت الباء على فعل يتعدى بنفسه كانت للتبعيض كقوله تعالى : « وَامْسَحُواْ بِرُؤُوسِكُمْ » وإن لم يتعد فللإلصاق كقوله تعالى : ( وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ ) .
ورُد عليهم :
بأنه لم يثبت كونها للتبعيض وقد رده سيبويه في خمسة عشر موضعاً .
فإن قيل : فما فائدة دخول الباء مع أن الفعل يتعدى بنفسه ؟ .
قال ابن تيمية رحمه الله : إذا دخلت الباء على فعل يتعدى بنفسه أفادت قدراً زائداً فلو قال : "وامسحوا رؤوسكم أو وجوهكم" لم تدل على ما يلتصق بالمسح فإنك تقول : مسحت رأس فلان وإن لم يكن بيدك بلل فإذا قيل : وامسحوا برؤوسكم وبوجوهكم ضمن المسح معنى الإلصاق فأفاد أنكم تلصقون برؤوسكم وبوجوهكم شيئًا بهذا المسح .
● دليل من قال : يجب استيعاب جميع الرأس بالمسح وهم المالكية و الحنابلة :
● الدليل الأول :
ما رواه البخاري من طريق عمرو بن يحيى المازني عن أبيه أن رجلاً قال لعبدالله بن زيد وهو جد عمرو بن يحيى : أتستطيع أن تريني كيف كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتوضأ ؟ فقال عبدالله بن زيد : ( نعم فدعا بماء فأفرغ على يديه فغسل مرتين ثم مضمض واستنثر ثلاثاً ثم غسل وجهه ثلاثًا ثم غسل يديه مرتين مرتين إلى المرفقين ثم مسح رأسه بيديه فأقبل بهما وأدبر بدأ بمقدم رأسه حتى ذهب بهما إلى قفاه ثم ردهما إلى المكان الذي بدأ منه ثم غسل رجليه ) .
● وقالوا هذا الحديث فيه ما يلي :
1- بيان لما أجمل في آية المائدة من قوله تعالى : « وَامْسَحُواْ بِرُؤُوسِكُمْ » وإذا كان فعله صلى الله عليه وسلم بياناً لمجمل واجب كان مسحه كله واجباً فالله سبحانه وتعالى أمر بمسح الرأس وفعله صلى الله عليه وسلم خرج امتثالاً للأمر وتفسيراً للمجمل .
2- فيه أن الرسول صلى الله عليه وسلم مسح رأسه بيديه الاثنتين فأقبل بهما وأدبر بادئاً بمُقدَّم الرأس حتى وصل إلى قفاه ولم يكتف بذلك بل ردهما إلى مُقدَّم رأسه وهذا دليل على مسح جميع الرأس أي يشمل الكل .
- قال البخاري رحمه الله : ( سُئل مالك أيُجْزِيء أن يمسح بعض الرأس ؟ فاحتج بحديث عبدالله بن زيد )
ولذلك جعل البخاري في صحيحه باباً سماه ( باب مسح الرأس كله ) وساق حديث عبدالله بن زيد هذا
- قال ابن حجر رحمه الله : ( قوله وسئل مالك السائل له عن ذلك هو إسحاق بن عيسى بن الطباع بينه بن خزيمة في صحيحه من طريقه ولفظه سألت مالكاً عن الرجل يمسح مقدم رأسه في وضوئه أيجزئه ذلك فقال حدثني عمرو بن يحيى عن أبيه عن عبدالله بن زيد فقال مسح رسول الله صلى الله عليه وسلم في وضوئه من ناصيته إلى قفاه ثم رد يديه إلى ناصيته فمسح رأسه كله وهذا السياق أصرح للترجمة من الذي ساقه المصنف قبل وموضع الدلالة من الحديث والآية أن لفظ الآية مجمل لأنه يحتمل أن يراد منها مسح الكل على أن الباء زائدة أو مسح البعض على أنها تبعيضية فتبين بفعل النبي صلى الله عليه وسلم أن المراد الأول ولم ينقل عنه أنه مسح بعض رأسه إلا في حديث المغيرة أنه مسح على ناصيته وعمامته فإن ذلك دل على أن التعميم ليس بفرض فعلى هذا فالاجمال في المسند إليه لا في الأصل ) أهـ .
- قال الشوكاني رحمه الله : ( الحديث يدل على مشروعية مسح جميع الرأس وهو مستحب باتفاق العلماء قاله النووي وعلل ذلك بأنه طريق إلى استيعاب الرأس ووصول الماء إلى جميع شعره ... ) أهـ .
● الدليل الثاني :
احتج بعضهم لوجوب العموم في مسح الرأس بقوله تعالى : ( وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ ) وقالوا كما أنه لا يجوز الطواف ببعضه ( أي ببعض البيت ) فكذلك مسح الرأس لا يجوز مسح بعضه لقوله تعالى : « وَامْسَحُواْ بِرُؤُوسِكُمْ » .
● الدليل الثالث :
قالوا الباء في قوله سبحانه وتعالى : « وَامْسَحُواْ بِرُؤُوسِكُمْ » كالباء في قوله تعالى : ( فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ ) في التيمم فكما أنهم أجمعوا على أنه لا يجوز مسح بعض الوجه في التيمم فكذلك لا يجوز مسح بعض الرأس في الوضوء فالعامل واحد في الموضعين وهو قوله تعالى : ( وَامْسَحُواْ ) .
● الدليل الرابع :
قالوا إن الله سبحانه وتعالى ذكر مسح الرأس ومسمى الرأس حقيقة هو جميع الرأس فيقتضي وجوب مسح جميع الرأس وحرف الباء في قوله تعالى : « وَامْسَحُواْ بِرُؤُوسِكُمْ » لا يقتضي التبعيض لغة بل هو حرف إلصاق فيقتضي إلصاق الفعل بالمفعول وهو المسح بالرأس والرأس اسم لكله فيجب مسح كله .
فالباء هنا ليست للتبعيض وإنما هي للإلصاق ومعنى الإلصاق : أنه يجب أن يلتصق بالرأس شيء من الماء الذي يمسح به .
قال ابن برهان رحمه الله : ( من زعم أن ( الباء ) للتبعيض فقد جاء أهل اللغة بما لا يعرفونه ) .
● الدليل الخامس :
قال ابن عبدالبر رحمه الله : ( الفرائض لا تؤدى إلا بيقين واليقين ما أجمعوا عليه من مسح جميع الرأس فقد أجمعوا أن من مسح برأسه كله فقد أحسن وفعل أكمل ما يلزمه ) أهـ .
● الترجيح :
رجح شيخ الإسلام ابن تيمية وابن القيم والشيخ ابن باز وابن جبرين وابن عثيمين والفوزان وغيرهم من العلماء المحققين القول بوجوب مسح جميع الرأس لما له من أدلة قوية من حيث الأثر ومن حيث النظر فما ثبت من الأحاديث الصحيحة يدل على أن الرسول عليه الصلاة والسلام قد بين المسح الواجب في الآية وبيانه شرح للآية وأن المسح الواجب هو مسح الرأس كله ولم يُرْوَ عنه عليه الصلاة والسلام أنه مسح جزءاً من رأسه مطلقاً في حديث صحيح أو حسن وحيث أن الآية مجملة والسنة قد بينتها بمسح الكل وأن هذا الفعل لم يقع فيما زاد على الوضوء المُجْزِيء فإن ذلك كله قرينة على أن هذا المسح لجميع الرأس هو الواجب وهو المتعين .
فالآية ذكرت غسل الوجه { فاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ } والسنة جاءت تبين غسل الوجه كله فصار غسل الوجه كله واجباً لأنه بيان لمُجْمَلٍ واجبٍ في الآية ولم يقل أحد من الفقهاء قديماً وحديثاً إن غسل بعض الوجه مُجزيء وكان ينبغي عليهم أن لا يقولوا ذلك بخصوص مسح الرأس لأن الآية أجملت غسل الوجه كما أجملت مسح الرأس فلماذا يصار إلى إيجاب بيان السنة لغسل جميع الوجه دون ايجابها لمسح جميع الرأس ؟ الحال واحدة والحكم يجب أن يكون واحداً .
قال ابن علية رحمه الله : ( قد أمر الله بمسح الرأس في الوضوء كما أمر مسح الوجه في التيمم وأمر بغسله في الوضوء وقد أجمعوا أنه لا يجوز غسل بعض الوجه في الوضوء ولا مسح بعضه في التيمم فكذلك مسح الرأس ) أهـ .
قال الشيخ محمد بن صالح بن عثيمين رحمه الله : ( من مسح بناصيته فقط دون بقية الرأس فإنه لا يجزئه لقوله تعالى : « وَامْسَحُواْ بِرُؤُوسِكُمْ » ولم يقل : « ببعض رؤوسكم » وما ورد في حديث المغيرة بن شعبة ( أن النبي صلى الله عليه وسلم مسح بناصيته وعلى العمامة وعلى خفيه ) فإجزاء المسح على الناصية هنا لأنه مسح على العمامة معه فلا يدل على جواز المسح على الناصية فقط ) أهـ .
● مذاهب العلماء في كيفية مسح الرأس
● مذهب الحنفية
الأظهر في كيفية مسح الرأس عند الحنفية أن يضع كفيه وأصابعه على مقدم رأسه ويمدهما إلى القفا على وجه يستوعب جميع الرأس ثم يمسح أذنيه بإصبعيه والأذنان عندهم من الرأس فلا يثبت استعمال الماء قبل الانفصال .
● مذهب المالكية
عد المالكية من السنن رد المتوضئ مسح رأسه أي إلى حيث بدأ وإن لم يكن عليه شعر بأن يعمه بالمسح ثانياً بعد أن عمه أولاً ولا يحصل التعميم إذا كان الشعر طويلاً إلا بالرد الأول ثم يأتي بالسنة بعد ذلك بأن يعيد المسح والرد .
● مذهب الشافعية
قال الشافعية السنة في كيفية المسح أن يضع يديه على مقدم رأسه ويلصق سبابته بالأخرى وإبهاميه على صدغيه ثم يذهب بهما إلى قفاه ثم يردهما إلى المكان الذي ذهب منه إذا كان له شعر ينقلب وحينئذ يكون الذهاب والرد مسحة واحدة لعدم تمام المسحة بالذهاب .
● مذهب الحنابلة
قال الحنابلة الصفة المسنونة في مسح الرأس أنه يمر يديه من مقدمه إلى قفاه ثم يردهما إلى الموضع الذي بدأ منه لما رواه البخاري عن عبد الله بن زيد ( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مسح رأسه بيديه فأقبل بهما وأدبر بدأ بمقدم رأسه ثم ذهب بهما إلى قفاه ثم ردهما حتى رجع إلى المكان الذي بدأ منه ثم غسل رجليه ) .
● المحفوظ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في صفة مسح الرأس :
المحفوظ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذاك طرق ثلاث :
1 - مسح جميع الرأس وله صورتان :
الصورة الأولى : أن يضع يديه عند مقدمة رأسه ثم يرجع بهما إلى قفاه ثم يردهما حيث بدأ فعن عبد الله بن زيد رضي الله عنه ( أن النبي صلى الله عليه وسلم مسح رأسه بيديه فأقبل بهما وأدبر بدأ بمقدَّم رأسه ثم ذهب بهما إلى قفاه ثم ردهما إلى المكان الذي بدأ منه ) رواه البخاري .
الصورة الثانية : أن يضع يديه في أعلى رأسه عند مفرق الشعر ثم يمرر يديه حسب اتجاه الشعر فعن الربيع بنت معوذ رضي الله عنها ( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم توضأ عندها فمسح الرأس كله من قرن الشعر كل ناحية لمنصب الشعر لا يحرك الشعر عن هيئته ) رواه أبوداود وحسنه الشيخ الألباني رحمه الله .
2 - المسح على العمامة وحدها لحديث عمرو ابن أمية عن أبيه قال : ( رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يمسح على عمامته وخفيه ) رواه البخاري .
3 - المسح على الناصية والعمامة المحنّكة لحديث المغيرة بن شعبة رضي الله عنه : ( أن النبي صلى الله عليه وسلم توضأ فمسح بناصيته وعلى العمامة والخفين ) رواه مسلم .
هذا هو المحفوظ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يحفظ عنه الاقتصار على مسح بعض الرأس .
● كيف تمسح المرأة ومن له شعر طويل كشعرها :
سُئل الإمام أحمد رحمه الله كيف تمسيح المرأة ومن له شعر طويل كشعرها فقال : ( إن شاء مسح كما روي عن الربيع وذكر الحديث ... ثم قال هكذا ووضع يده على وسط رأسه ثم جرها إلى مقدمه ثم رفعها فوضعها حيث بدأ منه ثم جرها إلى مؤخره ) .
● حكم تكرار مسح الرأس :
اخُتلف في هذه المسألة على قولين :
أحدهما : يسن تثليث مسح الرأس كسائر الأعضاء وهو مذهب الشافعية ورواية في مذهب الحنابلة واحتجوا بما رواه أبوداود وصححه الشيخ الألباني رحمه الله عن شقيق بن سلمة قال ( رأيت عثمان بن عفان غسل ذراعيه ثلاثاً ثلاثاً ومسح رأسه ثلاثاً ثم قال رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فعل هذا ) .
قال الشيخ الألباني رحمه الله : « قد صح من حديث عثمان بن عفان أن النبي مسح رأسه ثلاثًا » أخرجه أبوداود بسندين حسنين وله إسناد ثالث حسن أيضًا وقد تكلمت على هذه الأسانيد بشيء من التفصيل في صحيح أبي داود وقد صحح الحافظ في الفتح هذه الزيادة وقال والزيادة من الثقة مقبولة ومال ابن الجوزي في كشف المشكل إلى تصحيح التكرير قلت أي الألباني وهو الحق لأن رواية المرة الواحدة وإن كثرت لا تعارض رواية التثليث إذ الكلام في أنه سنة ومن شأنها أن تُفعل أحياناً ) أهـ .
واحتجوا أيضاً بما رواه الكثير ممن وصفوا وضوء النبي صلى الله عليه وسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم توضأ ثلاثاً ثلاثاً .
ولأن الرأس أصل في الطهارة فسن تكرارها فيه كالوجه .
الثاني : لا يسن تثليث مسح الرأس والسنة أن يكون مسح الرأس مرة واحدة ولا يشرع تكرار مسحها لأنه بالتكرار يصير غسلاً والمأمور به المسح ولأن المسح مبني على التخفيف والتكرار لا تخفيف معه وهذا مذهب جمهور العلماء ( الحنفية والمالكية ورواية في مذهب الحنابلة ) .
قال ابن قدامة رحمه الله : ( وروي ذلك عن ابن عمر وابنه سالم والنخعي ومجاهد وطلحة بن مصرف والحكم قال الترمذي : والعمل عليه عند أكثر أهل العلم من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن بعدهم ... ) أهـ .
واحتجوا بما في الصحيحين من حديث عثمان وعبد الله بن زيد رضي الله عنهما في وصف وضوء رسول الله صلى الله عليه وسلم وفيه أنه مسح رأسه مرة واحدة مع ذكر تثليث غيره من الأعضاء .
وبما رواه النسائي وصححه الشيخ الألباني رحمه الله عن خالد بن علقمة عن عبد خير قال : ( أتينا علي بن أبي طالب رضي الله عنه وقد صلى فدعا بطهور فقلنا ما يصنع به وقد صلى ما يريد إلا ليعلمنا فأتى بإناء فيه ماء وطست فأفرغ من الإناء على يديه فغسلها ثلاثاً ثم تمضمض واستنشق ثلاثاً من الكف الذي يأخذ به الماء ثم غسل وجهه ثلاثاً وغسل يده اليمنى ثلاثاً ويده الشمال ثلاثاً ومسح برأسه مرة واحدة ثم غسل رجله اليمنى ثلاثاً ورجله الشمال ثلاثاً ثم قال من سره أن يعلم وضوء رسول الله صلى الله عليه وسلم فهو هذا ) .
ونحو هذا الوصف ذكره عبد الله بن أبي أوفى وابن عباس وسلمة بن الأكوع والربيع كلهم قالوا : ( ومسح برأسه مرة واحدة ) وحكايتهم لوضوء النبي صلى الله عليه وسلم إخبار عن الدوام ولا يداوم إلا على الأفضل الأكمل .
ولأنه مسح في طهارة فلم يسن تكراره كالمسح في التيمم والمسح على الجبيرة وسائر المسح .
قال الترمذي وكذا قال أبوداود : والعمل عليه عند أكثر أهل العلم لأن أكثر من وصف وضوء رسول الله صلّى الله عليه وسلم ذكر أنه مسح رأسه واحدة لأنهم ذكروا الوضوء ثلاثاً ثلاثاً وقالوا فيها : ( ومسح برأسه ) ولم يذكروا عدداً كما ذكروا في غيره .
وقال ابن القيم رحمه الله : ( الصحيح أنه لم يكرر مسح رأسه بل كان إذا كرر غسل الأعضاء أفرد مسح الرأس هكذا جاء عنه صريحاً ولم يصح عنه صلى الله عليه و سلم خلافه البتة بل ما عدا هذا إما صحيح غير صريح كقول الصحابي : توضأ ثلاثاً ثلاثاً وكقوله : مسح برأسه مرتين وإما صريح غير صحيح كحديث ابن البيلماني عن أبيه عن عمر أن النبي صلى الله عليه و سلم قال : ( من توضأ فغسل كفيه ثلاثاً ) ثم قال : ( ومسح برأسه ثلاثاً ) وهذا لا يحتج به وابن البيلماني وأبوه مضعفان وإن كان الأب أحسن حالاً وكحديث عثمان الذي رواه أبوداود أنه صلى الله عليه و سلم : ( مسح رأسه ثلاثاً ) وقال أبوداود : أحاديث عثمان الصحاح كلها تدل على أن مسح الرأس مرة ولم يصح عنه في حديث واحد أنه اقتصر على مسح بعض رأسه البتة ولكن كان إذا مسح بناصيته كمل على العمامة ... ) أهـ .
وقال الحافظ ابن حجر رحمه الله : ( ويحمل ما ورد من الأحاديث في تثليث المسح إن صحت على إرادة الاستيعاب بالمسح لا أنها مسحات مستقلة لجميع الرأس جمعا بين الأدلة ) .
● الترجيح :
رجح شيخ الإسلام ابن تيمية وابن القيم والشيخ ابن باز وابن جبرين وابن عثيمين والفوزان وغيرهم من العلماء المحققين قول الجمهور في أن السنة في مسح الرأس أن تكون مرة واحدة وذلك للدليل الأثري والنظري فأما الأثري فلما ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه " مسح برأسه فأقبل بيديه وأدبر مرة واحدة "
وأما النظري فلأن الرأس طهارته المسح وقد تقرر أن لا تكرار في الممسوح .
● حكم غسل الرأس بدلاً من مسحه :
اخُتلف في هذه المسألة على قولين :
الأول منهما : الإجزاء وهذا مذهب جمهور الفقهاء ( الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة على الصحيح من المذهب ) وقالوا إن غسل المتوضئ رأسه عوضاً عن مسحه أجزأه مع الكراهة لأنه مسح وزيادة والغسل أبلغ من المسح .
ولأنه لو كان جنباً فانغمس في ماء ينوي الطهارتين أجزأه مع عدم المسح فكذلك إذا كان الحدث الأصغر منفرداً .
الثاني : لا يجزئ وهو ما ذهب إليه بعض المالكية والشافعية والحنابلة في قول لأنه لا يسمى مسحاً ولأن الله تعالى أمر بالمسح والنبي صلى الله عليه وسلم مسح وأمر بالمسح لأنه أحد نوعي الطهارة فلم يجزئ عن النوع الآخر كالمسح عن الغسل .
قال الشيخ محمد بن صالح بن عثيمين رحمه الله : ( اختلف العلماء رحمهم الله فيما إذا غسل رأسه دون مسحه هل يجزئه أم لا ؟ على ثلاثة أقوال :
القول الأول : أنه يجزئه لأن الله إنما أسقط الغسل عن الرأس تخفيفاً لأنه يكون فيه شعر فيمسك الماء ويسيل إلى أسفل ولو كلف الناس غسله لكان فيه مشقة ولا سيما في أيام الشتاء والبرد فإذا غسله فقد اختار لنفسه ما هو أغلظ فيجزئه .
القول الثاني : أنه يجزئه مع الكراهة بشرط أن يمر يده على رأسه وإلا فلا وهذا هو المذهب لأنه إذا أمر يده فقد حصل المسح مع زيادة الماء بالغسل .
القول الثالث : أنه لا يجزئه لأنه خلاف أمر الله ورسوله قال تعالى : « وَامْسَحُواْ بِرُؤُوسِكُمْ » وإذا كان كذلك فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم من حديث عائشة : « من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد » .
ولا ريب أن المسح أفضل من الغسل وإجزاء الغسل مطلقاً عن المسح فيه نظر أما مع إمرار اليد فالأمر في هذا قريب ) أهـ .
قال الشيخ عبدالله الفقيه : ( المشروعُ في الوضوء هو مسح الرأس لا غسله لقوله تعالى : « وَامْسَحُواْ بِرُؤُوسِكُمْ » والمسحُ يكونُ بإمرارُ اليد مبللة بالماء على العضو الممسوح وأما الغسل فيكون بصب الماء على العضو المغسول ولكن لو غسل الرأس بدل مسحه أجزأه ذلك ) أهـ .
● حكم مسح ما نزل من شعر الرأس :
ذهب جمهور العلماء ( الحنفية والشافعية والحنابلة ) إلي أنه لا يجب مسح ما نزل عن الرأس من الشعر لعدم مشاركته الرأس في الترؤس ولا يجزئ مسحه عن الرأس وهذا ما رجحه شيخ الإسلام ابن تيمية والشيخ ابن باز وابن جبرين وابن عثيمين والفوزان وغيرهم من العلماء المحققين .
ونص المالكية على أنه يجب مسح ما استرخى من الشعر ولو طال جداً لأنه من شعر الرأس .
● أخي الحبيب :
● أكتفي بهذا القدر وللحديث بقية في الجزء الرابع إن شاء الله .
● وأسأل الله عز وجل أن يكون هذا البيان شافياً كافياً في توضيح المراد وأسأله سبحانه أن يرزقنا التوفيق والصواب في القول والعمل .
● وما كان من صواب فمن الله وما كان من خطأ أو زلل فمنى ومن الشيطان والله ورسوله منه بريئان
والله الموفق وصلي اللهم علي نبينا محمد وعلي آله وأصحابه أجمعين .
أخوكم : أبومعاذ / عبدرب الصالحين أبوضيف العتمونى .
ج . م . ع / محافظة سوهاج / مركز طما / قرية العتامنة .
فقه الوضوء وبعض ما يتعلق به من أحكام
الجزء الثالث
إعداد / العبد الفقير إلى الله
أبو معاذ / عبدرب الصالحين أبوضيف العتموني
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله
وبعد
فرائض الوضوء
● الفرض الثالث : مسح الرأس :
اتفق الفقهاء على أن مسح الرأس في الوضوء من أركانه أو فروضه وقد دل على ذلك الكتاب والسنة والإجماع .
أما الكتاب فقوله تعالى : « وَامْسَحُواْ بِرُؤُوسِكُمْ »
وأما السنة فللأحاديث الواردة في وصف وضوئه صلى الله عليه وسلم وخاصة حديث عثمان رضي الله عنه وقوله ( ثم مسح برأسه ) .
وأما الإجماع فنقله خلق كثير نقله من الحنفية : الطحاوي .
ومن المالكية : ابن عبدالبر والحطاب وابن رشد والقرطبي والخرشي .
ومن الشافعية : النووي والماوردي .
ومن الحنابلة : ابن قدامة وابن مفلح والزركشي وغيرهم .
● حد الرأس :
قال الشيخ محمد بن صالح بن عثيمين رحمه الله : ( حد الرأس من منحنى الجبهة إلى منابت الشعر من الخلف طولاً ومن الأذن إلى الأذن عرضاً وعلى هذا فالبياض الذي بين الرأس والأذنين من الرأس ) أهـ .
● معنى المسح :
المسح لغة : تحرك العضو الماسح ملتصقاً بالعضو الممسوح ومنه القول : مسحت رأس اليتيم : إذا أمررت اليد على رأسه وهي ملتصقة به .
أما مسح الرأس في الوضوء فهو : إمرار اليد المبتلة بالماء على الرأس بلا تسييل أي تحرك اليد أو اليدين المبتلتين بالماء ملتصقتين بشعر الرأس .
قال الشيخ السيد سابق رحمه الله : ( والمسح معناه الاصابة بالبلل ولا يتحقق إلا بحركة العضو الماسح ملصقاً بالممسوح فوضع اليد أو الإصبع على الرأس أو غيره لا يسمى مسحاً ) أهـ .
● الفرق بين المسح والغسل :
قال الشيخ محمد بن صالح بن عثيمين رحمه الله : ( الفرق بين المسح والغسل : أن المسح لا يحتاج إلى جريان الماء بل يكفي أن يغمس يده في الماء ثم يمسح بها رأسه وإنما أوجب الله في الرأس المسح دون الغسل لأن الغسل يشق على الإنسان ولا سيما إذا كثر الشعر وكان في أيام الشتاء إذ لو غسل لنزل الماء على الجسم ولأن الشعر يبقى مبتلاً مدة طويلة وهذا يلحق الناس به العسر والمشقة والله إنما يريد بعباده اليسر ) أهـ .
● الحِكمة من المسح على الرأس دون الغسل :
الحكمة من مسح الرأس هو التخفيف من المشقة الحاصلة بغسله عند كل وضوء .
قال ابن القيم رحمه الله : ( ولما كان الرأس مجمع الحواس وأعلى البدن وأشرفه كان أحق بالنظافة لكن لو شرع غسله في الوضوء لعظمت المشقة واشتدت البلية فشرع مسح جميعه وأقامه مقام غسله تخفيفاً ورحمة كما أقام المسح على الخفين مقام غسل الرجلين ) أهـ .
● القدر الواجب مسحه من الرأس :
اختلف العلماء في المقدار الواجب مسحه من الرأس في حق الرجال والنساء :
فقيل : يكفي في مسح الرأس مقدار الناصية وهو ربع الرأس وهذا مذهب الحنفية .
وقيل : يجب مسح جميع الرأس وهو مذهب المالكية والمشهور من مذهب الحنابلة واختاره المزني من الشافعية .
وقيل : المفروض أقل ما يتناوله اسم المسح ولو شعرة وهو مذهب الشافعية .
● دليل من قال بجواز الاقتصار على الناصية في المسح وهم الحنفية :
● الدليل الأول :
ما رواه أحمد عن الحسن عن ابن المغيرة بن شعبة عن أبيه ( أن النبي صلى الله عليه وسلم توضأ فمسح بناصيته ومسح على الخفين والعمامة ) قال الشيخ شعيب الأرنؤوط : إسناده صحيح على شرط مسلم
● قالوا :
لما مسح النبي صلى الله عليه وسلم على الناصية كان مسحه عليه الصلاة والسلام على العمامة من باب الفضل لا من باب الوجوب إذ لا يمكن أن يجب مسح البدل ومسح الأصل في وقت واحد .
قال الطحاوي رحمه الله : ( في هذا الأثر أن الرسول صلى الله عليه وسلم مسح على بعض الرأس وهو الناصية وظهور الناصية دليل أن بقية الرأس حكمه حكم ما ظهر منه لأنه لو كان الحكم قد ثبت بالمسح على العمامة لكان كالمسح على الخفين فلم يكن إلا وقد غُيِّبت الرِّجلان فيهما ولو كان بعض الرِّجلين باديًا لما أجزأه أن يغسل ما ظهر منهما ويمسح على ما غاب منهما فجعل حكم ما غاب منهما مضمنًا بحكم ما بدا منهما فلما وجب غسلُ الظاهر وجب غسل الباطن فكذلك الرأس : لما وجب مسح ما ظهر منه ثبت أنه لا يجوز مسح ما بطن منه ليكون حكم كله حكمًا واحدًا كما كان حكم الرجلين إذا غيِّبت بعضها في الخفين حكمًا واحداً فلما اكتفى النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الأثر بمسح الناصية على مسح ما بقي من الرأس دل ذلك أن الفرض في مسح الرأس هو مقدار الناصية وأن ما فعله فيما جاوز به الناصية فيما سوى ذلك من الآثار كان دليلاً على الفضل لا على الوجوب حتى تستوي هذه الآثار ولا تتضاد فهذا حكم هذا الباب من طريق الآثار ) أهـ .
● وأُجيبَ عن ذلك :
بأنه لو جاز الاقتصار على مسح الناصية لما مسح على العمامة وإذا مسح على ناصيته وكمل الباقي بعمامته أجزأه بلا ريب .
قال ابن القيم رحمه الله : ( ولم يصح عنه في حديث واحد أنه اقتصر على مسح بعض رأسه ألبتة ولكن كان إذا مسح بناصيته كمل على العمامة ثم قال : وأما اقتصاره على الناصية مجردة فلم يحفظ عنه ) أهـ .
● الدليل الثاني :
ما رواه أبوداود عن أنس بن مالك قال : ( رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يتوضأ وعليه عمامة قطرية فأدخل يده من تحت العمامة فمسح مقدم رأسه ولم ينقض العمامة ) .
قال الشيخ الألباني رحمه الله : إسناده ضعيف من أجل أبي معقل فإنه مجهول اتفاقاً وقال ابن السكن : " لا يثبت إسناده " وقال الحافظ : في إسناده نظر ) .
قال ابن القيم رحمه الله : ( مقصود أنس به : أن النبي صلى الله عليه وسلم لم ينقض عمامته حتى يستوعب مسح الشعر كله ولم يَنفِ التكميل على العمامة وقد أثبته المغيرة بن شعبة وغيره فسكوت أنس عنه لا يدل على نفيه ) أهـ .
● الدليل الثالث :
ما رواه عبدالرزاق قال : عن ابن جريج قال : أخبرني عطاء قال : ( بلغني أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يتوضأ وعليه العمامة يؤخرها عن رأسه ولا يَحُلُّها ثم مسح برأسه فأشار الماء بكف واحد على اليافوخ قط ثم يعيد العمامة ) .
● الدليل الرابع :
فعل ابن عمر مع ما عُرف عنه من حرصه على متابعة السنة .
فقد روى عبدالرزاق عن معمر عن أيوب عن نافع : ( أن ابن عمر كان يُدخل يديه في الوضوء فيمسح بها مسحة واحدة اليافوخ قط ) .
● دليل من قال : يجزئ أقل ما يتناوله المسح وهم الشافعية :
● الدليل الأول :
قال تعالى : ( وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ ) فيتحقق مسح الرأس بمسح جزء من أجزائه كما تقول : ضربت رأسه وضربت برأسه فمن قال : إنه لا يكون ضاربًا لرأسه حقيقة إلا إذا وقع الضرب على كل جزء من أجزائه فقد جاء بما لا يفهمه أهل اللغة ولا يعرفونه ومثل هذا إذا قال القائل : مسحت الحائط ومسحت بالحائط فإن المعنى للمسح يوجد بمسح جزء من أجزاء الحائط ولا ينكر هذا إلا مكابر .
● الدليل الثاني :
ثبت في الدليل ( أن النبي صلى الله عليه وسلم مسح بناصيته ) فهذا يمنع وجوب الاستيعاب ويمنع التقدير بالثلث أو الربع أو النصف فإن الناصية دون الربع فيتعين أن الواجب ما يقع عليه اسم مسح .
● الدليل الثالث :
الباء في قوله تعالى : « وَامْسَحُواْ بِرُؤُوسِكُمْ » دالة على التبعيض وجهه : إذا دخلت الباء على فعل يتعدى بنفسه كانت للتبعيض كقوله تعالى : « وَامْسَحُواْ بِرُؤُوسِكُمْ » وإن لم يتعد فللإلصاق كقوله تعالى : ( وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ ) .
ورُد عليهم :
بأنه لم يثبت كونها للتبعيض وقد رده سيبويه في خمسة عشر موضعاً .
فإن قيل : فما فائدة دخول الباء مع أن الفعل يتعدى بنفسه ؟ .
قال ابن تيمية رحمه الله : إذا دخلت الباء على فعل يتعدى بنفسه أفادت قدراً زائداً فلو قال : "وامسحوا رؤوسكم أو وجوهكم" لم تدل على ما يلتصق بالمسح فإنك تقول : مسحت رأس فلان وإن لم يكن بيدك بلل فإذا قيل : وامسحوا برؤوسكم وبوجوهكم ضمن المسح معنى الإلصاق فأفاد أنكم تلصقون برؤوسكم وبوجوهكم شيئًا بهذا المسح .
● دليل من قال : يجب استيعاب جميع الرأس بالمسح وهم المالكية و الحنابلة :
● الدليل الأول :
ما رواه البخاري من طريق عمرو بن يحيى المازني عن أبيه أن رجلاً قال لعبدالله بن زيد وهو جد عمرو بن يحيى : أتستطيع أن تريني كيف كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتوضأ ؟ فقال عبدالله بن زيد : ( نعم فدعا بماء فأفرغ على يديه فغسل مرتين ثم مضمض واستنثر ثلاثاً ثم غسل وجهه ثلاثًا ثم غسل يديه مرتين مرتين إلى المرفقين ثم مسح رأسه بيديه فأقبل بهما وأدبر بدأ بمقدم رأسه حتى ذهب بهما إلى قفاه ثم ردهما إلى المكان الذي بدأ منه ثم غسل رجليه ) .
● وقالوا هذا الحديث فيه ما يلي :
1- بيان لما أجمل في آية المائدة من قوله تعالى : « وَامْسَحُواْ بِرُؤُوسِكُمْ » وإذا كان فعله صلى الله عليه وسلم بياناً لمجمل واجب كان مسحه كله واجباً فالله سبحانه وتعالى أمر بمسح الرأس وفعله صلى الله عليه وسلم خرج امتثالاً للأمر وتفسيراً للمجمل .
2- فيه أن الرسول صلى الله عليه وسلم مسح رأسه بيديه الاثنتين فأقبل بهما وأدبر بادئاً بمُقدَّم الرأس حتى وصل إلى قفاه ولم يكتف بذلك بل ردهما إلى مُقدَّم رأسه وهذا دليل على مسح جميع الرأس أي يشمل الكل .
- قال البخاري رحمه الله : ( سُئل مالك أيُجْزِيء أن يمسح بعض الرأس ؟ فاحتج بحديث عبدالله بن زيد )
ولذلك جعل البخاري في صحيحه باباً سماه ( باب مسح الرأس كله ) وساق حديث عبدالله بن زيد هذا
- قال ابن حجر رحمه الله : ( قوله وسئل مالك السائل له عن ذلك هو إسحاق بن عيسى بن الطباع بينه بن خزيمة في صحيحه من طريقه ولفظه سألت مالكاً عن الرجل يمسح مقدم رأسه في وضوئه أيجزئه ذلك فقال حدثني عمرو بن يحيى عن أبيه عن عبدالله بن زيد فقال مسح رسول الله صلى الله عليه وسلم في وضوئه من ناصيته إلى قفاه ثم رد يديه إلى ناصيته فمسح رأسه كله وهذا السياق أصرح للترجمة من الذي ساقه المصنف قبل وموضع الدلالة من الحديث والآية أن لفظ الآية مجمل لأنه يحتمل أن يراد منها مسح الكل على أن الباء زائدة أو مسح البعض على أنها تبعيضية فتبين بفعل النبي صلى الله عليه وسلم أن المراد الأول ولم ينقل عنه أنه مسح بعض رأسه إلا في حديث المغيرة أنه مسح على ناصيته وعمامته فإن ذلك دل على أن التعميم ليس بفرض فعلى هذا فالاجمال في المسند إليه لا في الأصل ) أهـ .
- قال الشوكاني رحمه الله : ( الحديث يدل على مشروعية مسح جميع الرأس وهو مستحب باتفاق العلماء قاله النووي وعلل ذلك بأنه طريق إلى استيعاب الرأس ووصول الماء إلى جميع شعره ... ) أهـ .
● الدليل الثاني :
احتج بعضهم لوجوب العموم في مسح الرأس بقوله تعالى : ( وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ ) وقالوا كما أنه لا يجوز الطواف ببعضه ( أي ببعض البيت ) فكذلك مسح الرأس لا يجوز مسح بعضه لقوله تعالى : « وَامْسَحُواْ بِرُؤُوسِكُمْ » .
● الدليل الثالث :
قالوا الباء في قوله سبحانه وتعالى : « وَامْسَحُواْ بِرُؤُوسِكُمْ » كالباء في قوله تعالى : ( فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ ) في التيمم فكما أنهم أجمعوا على أنه لا يجوز مسح بعض الوجه في التيمم فكذلك لا يجوز مسح بعض الرأس في الوضوء فالعامل واحد في الموضعين وهو قوله تعالى : ( وَامْسَحُواْ ) .
● الدليل الرابع :
قالوا إن الله سبحانه وتعالى ذكر مسح الرأس ومسمى الرأس حقيقة هو جميع الرأس فيقتضي وجوب مسح جميع الرأس وحرف الباء في قوله تعالى : « وَامْسَحُواْ بِرُؤُوسِكُمْ » لا يقتضي التبعيض لغة بل هو حرف إلصاق فيقتضي إلصاق الفعل بالمفعول وهو المسح بالرأس والرأس اسم لكله فيجب مسح كله .
فالباء هنا ليست للتبعيض وإنما هي للإلصاق ومعنى الإلصاق : أنه يجب أن يلتصق بالرأس شيء من الماء الذي يمسح به .
قال ابن برهان رحمه الله : ( من زعم أن ( الباء ) للتبعيض فقد جاء أهل اللغة بما لا يعرفونه ) .
● الدليل الخامس :
قال ابن عبدالبر رحمه الله : ( الفرائض لا تؤدى إلا بيقين واليقين ما أجمعوا عليه من مسح جميع الرأس فقد أجمعوا أن من مسح برأسه كله فقد أحسن وفعل أكمل ما يلزمه ) أهـ .
● الترجيح :
رجح شيخ الإسلام ابن تيمية وابن القيم والشيخ ابن باز وابن جبرين وابن عثيمين والفوزان وغيرهم من العلماء المحققين القول بوجوب مسح جميع الرأس لما له من أدلة قوية من حيث الأثر ومن حيث النظر فما ثبت من الأحاديث الصحيحة يدل على أن الرسول عليه الصلاة والسلام قد بين المسح الواجب في الآية وبيانه شرح للآية وأن المسح الواجب هو مسح الرأس كله ولم يُرْوَ عنه عليه الصلاة والسلام أنه مسح جزءاً من رأسه مطلقاً في حديث صحيح أو حسن وحيث أن الآية مجملة والسنة قد بينتها بمسح الكل وأن هذا الفعل لم يقع فيما زاد على الوضوء المُجْزِيء فإن ذلك كله قرينة على أن هذا المسح لجميع الرأس هو الواجب وهو المتعين .
فالآية ذكرت غسل الوجه { فاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ } والسنة جاءت تبين غسل الوجه كله فصار غسل الوجه كله واجباً لأنه بيان لمُجْمَلٍ واجبٍ في الآية ولم يقل أحد من الفقهاء قديماً وحديثاً إن غسل بعض الوجه مُجزيء وكان ينبغي عليهم أن لا يقولوا ذلك بخصوص مسح الرأس لأن الآية أجملت غسل الوجه كما أجملت مسح الرأس فلماذا يصار إلى إيجاب بيان السنة لغسل جميع الوجه دون ايجابها لمسح جميع الرأس ؟ الحال واحدة والحكم يجب أن يكون واحداً .
قال ابن علية رحمه الله : ( قد أمر الله بمسح الرأس في الوضوء كما أمر مسح الوجه في التيمم وأمر بغسله في الوضوء وقد أجمعوا أنه لا يجوز غسل بعض الوجه في الوضوء ولا مسح بعضه في التيمم فكذلك مسح الرأس ) أهـ .
قال الشيخ محمد بن صالح بن عثيمين رحمه الله : ( من مسح بناصيته فقط دون بقية الرأس فإنه لا يجزئه لقوله تعالى : « وَامْسَحُواْ بِرُؤُوسِكُمْ » ولم يقل : « ببعض رؤوسكم » وما ورد في حديث المغيرة بن شعبة ( أن النبي صلى الله عليه وسلم مسح بناصيته وعلى العمامة وعلى خفيه ) فإجزاء المسح على الناصية هنا لأنه مسح على العمامة معه فلا يدل على جواز المسح على الناصية فقط ) أهـ .
● مذاهب العلماء في كيفية مسح الرأس
● مذهب الحنفية
الأظهر في كيفية مسح الرأس عند الحنفية أن يضع كفيه وأصابعه على مقدم رأسه ويمدهما إلى القفا على وجه يستوعب جميع الرأس ثم يمسح أذنيه بإصبعيه والأذنان عندهم من الرأس فلا يثبت استعمال الماء قبل الانفصال .
● مذهب المالكية
عد المالكية من السنن رد المتوضئ مسح رأسه أي إلى حيث بدأ وإن لم يكن عليه شعر بأن يعمه بالمسح ثانياً بعد أن عمه أولاً ولا يحصل التعميم إذا كان الشعر طويلاً إلا بالرد الأول ثم يأتي بالسنة بعد ذلك بأن يعيد المسح والرد .
● مذهب الشافعية
قال الشافعية السنة في كيفية المسح أن يضع يديه على مقدم رأسه ويلصق سبابته بالأخرى وإبهاميه على صدغيه ثم يذهب بهما إلى قفاه ثم يردهما إلى المكان الذي ذهب منه إذا كان له شعر ينقلب وحينئذ يكون الذهاب والرد مسحة واحدة لعدم تمام المسحة بالذهاب .
● مذهب الحنابلة
قال الحنابلة الصفة المسنونة في مسح الرأس أنه يمر يديه من مقدمه إلى قفاه ثم يردهما إلى الموضع الذي بدأ منه لما رواه البخاري عن عبد الله بن زيد ( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مسح رأسه بيديه فأقبل بهما وأدبر بدأ بمقدم رأسه ثم ذهب بهما إلى قفاه ثم ردهما حتى رجع إلى المكان الذي بدأ منه ثم غسل رجليه ) .
● المحفوظ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في صفة مسح الرأس :
المحفوظ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذاك طرق ثلاث :
1 - مسح جميع الرأس وله صورتان :
الصورة الأولى : أن يضع يديه عند مقدمة رأسه ثم يرجع بهما إلى قفاه ثم يردهما حيث بدأ فعن عبد الله بن زيد رضي الله عنه ( أن النبي صلى الله عليه وسلم مسح رأسه بيديه فأقبل بهما وأدبر بدأ بمقدَّم رأسه ثم ذهب بهما إلى قفاه ثم ردهما إلى المكان الذي بدأ منه ) رواه البخاري .
الصورة الثانية : أن يضع يديه في أعلى رأسه عند مفرق الشعر ثم يمرر يديه حسب اتجاه الشعر فعن الربيع بنت معوذ رضي الله عنها ( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم توضأ عندها فمسح الرأس كله من قرن الشعر كل ناحية لمنصب الشعر لا يحرك الشعر عن هيئته ) رواه أبوداود وحسنه الشيخ الألباني رحمه الله .
2 - المسح على العمامة وحدها لحديث عمرو ابن أمية عن أبيه قال : ( رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يمسح على عمامته وخفيه ) رواه البخاري .
3 - المسح على الناصية والعمامة المحنّكة لحديث المغيرة بن شعبة رضي الله عنه : ( أن النبي صلى الله عليه وسلم توضأ فمسح بناصيته وعلى العمامة والخفين ) رواه مسلم .
هذا هو المحفوظ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يحفظ عنه الاقتصار على مسح بعض الرأس .
● كيف تمسح المرأة ومن له شعر طويل كشعرها :
سُئل الإمام أحمد رحمه الله كيف تمسيح المرأة ومن له شعر طويل كشعرها فقال : ( إن شاء مسح كما روي عن الربيع وذكر الحديث ... ثم قال هكذا ووضع يده على وسط رأسه ثم جرها إلى مقدمه ثم رفعها فوضعها حيث بدأ منه ثم جرها إلى مؤخره ) .
● حكم تكرار مسح الرأس :
اخُتلف في هذه المسألة على قولين :
أحدهما : يسن تثليث مسح الرأس كسائر الأعضاء وهو مذهب الشافعية ورواية في مذهب الحنابلة واحتجوا بما رواه أبوداود وصححه الشيخ الألباني رحمه الله عن شقيق بن سلمة قال ( رأيت عثمان بن عفان غسل ذراعيه ثلاثاً ثلاثاً ومسح رأسه ثلاثاً ثم قال رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فعل هذا ) .
قال الشيخ الألباني رحمه الله : « قد صح من حديث عثمان بن عفان أن النبي مسح رأسه ثلاثًا » أخرجه أبوداود بسندين حسنين وله إسناد ثالث حسن أيضًا وقد تكلمت على هذه الأسانيد بشيء من التفصيل في صحيح أبي داود وقد صحح الحافظ في الفتح هذه الزيادة وقال والزيادة من الثقة مقبولة ومال ابن الجوزي في كشف المشكل إلى تصحيح التكرير قلت أي الألباني وهو الحق لأن رواية المرة الواحدة وإن كثرت لا تعارض رواية التثليث إذ الكلام في أنه سنة ومن شأنها أن تُفعل أحياناً ) أهـ .
واحتجوا أيضاً بما رواه الكثير ممن وصفوا وضوء النبي صلى الله عليه وسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم توضأ ثلاثاً ثلاثاً .
ولأن الرأس أصل في الطهارة فسن تكرارها فيه كالوجه .
الثاني : لا يسن تثليث مسح الرأس والسنة أن يكون مسح الرأس مرة واحدة ولا يشرع تكرار مسحها لأنه بالتكرار يصير غسلاً والمأمور به المسح ولأن المسح مبني على التخفيف والتكرار لا تخفيف معه وهذا مذهب جمهور العلماء ( الحنفية والمالكية ورواية في مذهب الحنابلة ) .
قال ابن قدامة رحمه الله : ( وروي ذلك عن ابن عمر وابنه سالم والنخعي ومجاهد وطلحة بن مصرف والحكم قال الترمذي : والعمل عليه عند أكثر أهل العلم من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن بعدهم ... ) أهـ .
واحتجوا بما في الصحيحين من حديث عثمان وعبد الله بن زيد رضي الله عنهما في وصف وضوء رسول الله صلى الله عليه وسلم وفيه أنه مسح رأسه مرة واحدة مع ذكر تثليث غيره من الأعضاء .
وبما رواه النسائي وصححه الشيخ الألباني رحمه الله عن خالد بن علقمة عن عبد خير قال : ( أتينا علي بن أبي طالب رضي الله عنه وقد صلى فدعا بطهور فقلنا ما يصنع به وقد صلى ما يريد إلا ليعلمنا فأتى بإناء فيه ماء وطست فأفرغ من الإناء على يديه فغسلها ثلاثاً ثم تمضمض واستنشق ثلاثاً من الكف الذي يأخذ به الماء ثم غسل وجهه ثلاثاً وغسل يده اليمنى ثلاثاً ويده الشمال ثلاثاً ومسح برأسه مرة واحدة ثم غسل رجله اليمنى ثلاثاً ورجله الشمال ثلاثاً ثم قال من سره أن يعلم وضوء رسول الله صلى الله عليه وسلم فهو هذا ) .
ونحو هذا الوصف ذكره عبد الله بن أبي أوفى وابن عباس وسلمة بن الأكوع والربيع كلهم قالوا : ( ومسح برأسه مرة واحدة ) وحكايتهم لوضوء النبي صلى الله عليه وسلم إخبار عن الدوام ولا يداوم إلا على الأفضل الأكمل .
ولأنه مسح في طهارة فلم يسن تكراره كالمسح في التيمم والمسح على الجبيرة وسائر المسح .
قال الترمذي وكذا قال أبوداود : والعمل عليه عند أكثر أهل العلم لأن أكثر من وصف وضوء رسول الله صلّى الله عليه وسلم ذكر أنه مسح رأسه واحدة لأنهم ذكروا الوضوء ثلاثاً ثلاثاً وقالوا فيها : ( ومسح برأسه ) ولم يذكروا عدداً كما ذكروا في غيره .
وقال ابن القيم رحمه الله : ( الصحيح أنه لم يكرر مسح رأسه بل كان إذا كرر غسل الأعضاء أفرد مسح الرأس هكذا جاء عنه صريحاً ولم يصح عنه صلى الله عليه و سلم خلافه البتة بل ما عدا هذا إما صحيح غير صريح كقول الصحابي : توضأ ثلاثاً ثلاثاً وكقوله : مسح برأسه مرتين وإما صريح غير صحيح كحديث ابن البيلماني عن أبيه عن عمر أن النبي صلى الله عليه و سلم قال : ( من توضأ فغسل كفيه ثلاثاً ) ثم قال : ( ومسح برأسه ثلاثاً ) وهذا لا يحتج به وابن البيلماني وأبوه مضعفان وإن كان الأب أحسن حالاً وكحديث عثمان الذي رواه أبوداود أنه صلى الله عليه و سلم : ( مسح رأسه ثلاثاً ) وقال أبوداود : أحاديث عثمان الصحاح كلها تدل على أن مسح الرأس مرة ولم يصح عنه في حديث واحد أنه اقتصر على مسح بعض رأسه البتة ولكن كان إذا مسح بناصيته كمل على العمامة ... ) أهـ .
وقال الحافظ ابن حجر رحمه الله : ( ويحمل ما ورد من الأحاديث في تثليث المسح إن صحت على إرادة الاستيعاب بالمسح لا أنها مسحات مستقلة لجميع الرأس جمعا بين الأدلة ) .
● الترجيح :
رجح شيخ الإسلام ابن تيمية وابن القيم والشيخ ابن باز وابن جبرين وابن عثيمين والفوزان وغيرهم من العلماء المحققين قول الجمهور في أن السنة في مسح الرأس أن تكون مرة واحدة وذلك للدليل الأثري والنظري فأما الأثري فلما ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه " مسح برأسه فأقبل بيديه وأدبر مرة واحدة "
وأما النظري فلأن الرأس طهارته المسح وقد تقرر أن لا تكرار في الممسوح .
● حكم غسل الرأس بدلاً من مسحه :
اخُتلف في هذه المسألة على قولين :
الأول منهما : الإجزاء وهذا مذهب جمهور الفقهاء ( الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة على الصحيح من المذهب ) وقالوا إن غسل المتوضئ رأسه عوضاً عن مسحه أجزأه مع الكراهة لأنه مسح وزيادة والغسل أبلغ من المسح .
ولأنه لو كان جنباً فانغمس في ماء ينوي الطهارتين أجزأه مع عدم المسح فكذلك إذا كان الحدث الأصغر منفرداً .
الثاني : لا يجزئ وهو ما ذهب إليه بعض المالكية والشافعية والحنابلة في قول لأنه لا يسمى مسحاً ولأن الله تعالى أمر بالمسح والنبي صلى الله عليه وسلم مسح وأمر بالمسح لأنه أحد نوعي الطهارة فلم يجزئ عن النوع الآخر كالمسح عن الغسل .
قال الشيخ محمد بن صالح بن عثيمين رحمه الله : ( اختلف العلماء رحمهم الله فيما إذا غسل رأسه دون مسحه هل يجزئه أم لا ؟ على ثلاثة أقوال :
القول الأول : أنه يجزئه لأن الله إنما أسقط الغسل عن الرأس تخفيفاً لأنه يكون فيه شعر فيمسك الماء ويسيل إلى أسفل ولو كلف الناس غسله لكان فيه مشقة ولا سيما في أيام الشتاء والبرد فإذا غسله فقد اختار لنفسه ما هو أغلظ فيجزئه .
القول الثاني : أنه يجزئه مع الكراهة بشرط أن يمر يده على رأسه وإلا فلا وهذا هو المذهب لأنه إذا أمر يده فقد حصل المسح مع زيادة الماء بالغسل .
القول الثالث : أنه لا يجزئه لأنه خلاف أمر الله ورسوله قال تعالى : « وَامْسَحُواْ بِرُؤُوسِكُمْ » وإذا كان كذلك فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم من حديث عائشة : « من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد » .
ولا ريب أن المسح أفضل من الغسل وإجزاء الغسل مطلقاً عن المسح فيه نظر أما مع إمرار اليد فالأمر في هذا قريب ) أهـ .
قال الشيخ عبدالله الفقيه : ( المشروعُ في الوضوء هو مسح الرأس لا غسله لقوله تعالى : « وَامْسَحُواْ بِرُؤُوسِكُمْ » والمسحُ يكونُ بإمرارُ اليد مبللة بالماء على العضو الممسوح وأما الغسل فيكون بصب الماء على العضو المغسول ولكن لو غسل الرأس بدل مسحه أجزأه ذلك ) أهـ .
● حكم مسح ما نزل من شعر الرأس :
ذهب جمهور العلماء ( الحنفية والشافعية والحنابلة ) إلي أنه لا يجب مسح ما نزل عن الرأس من الشعر لعدم مشاركته الرأس في الترؤس ولا يجزئ مسحه عن الرأس وهذا ما رجحه شيخ الإسلام ابن تيمية والشيخ ابن باز وابن جبرين وابن عثيمين والفوزان وغيرهم من العلماء المحققين .
ونص المالكية على أنه يجب مسح ما استرخى من الشعر ولو طال جداً لأنه من شعر الرأس .
● أخي الحبيب :
● أكتفي بهذا القدر وللحديث بقية في الجزء الرابع إن شاء الله .
● وأسأل الله عز وجل أن يكون هذا البيان شافياً كافياً في توضيح المراد وأسأله سبحانه أن يرزقنا التوفيق والصواب في القول والعمل .
● وما كان من صواب فمن الله وما كان من خطأ أو زلل فمنى ومن الشيطان والله ورسوله منه بريئان
والله الموفق وصلي اللهم علي نبينا محمد وعلي آله وأصحابه أجمعين .
أخوكم : أبومعاذ / عبدرب الصالحين أبوضيف العتمونى .
ج . م . ع / محافظة سوهاج / مركز طما / قرية العتامنة .
مواضيع مماثلة
» طريقة إعداد الكنافة الكذابة
» كيفية الوضوء؟
» فرائض الوضوء
» فرائض الوضوء
» .•:*¨`*:•.شااامل عن كل ما يتعلق بالميت .•:*¨`*:•.
» كيفية الوضوء؟
» فرائض الوضوء
» فرائض الوضوء
» .•:*¨`*:•.شااامل عن كل ما يتعلق بالميت .•:*¨`*:•.
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى