المواضيع الأخيرة
» [ Template ] كود اخر 20 موضوع و أفضل 10 أعضاء بلمنتدى و مع معرض لصور كالفي بيمن طرف naruto101 الجمعة ديسمبر 05, 2014 2:33 pm
» [Javascript]حصريا كود يقوم بتنبيه العضو بان رده قصير
من طرف احمد السويسي الخميس أغسطس 28, 2014 2:38 am
» نتائج شهادة البكالوريا 2014
من طرف menimeVEVO الثلاثاء يونيو 10, 2014 3:55 am
» من اعمالي موديلات جديدة وحصرية 2012
من طرف دفئ الشتاء الثلاثاء مارس 18, 2014 5:37 pm
» من ابداعات ساندرا،كما وعدتكم بعض من موديلاتها
من طرف دفئ الشتاء الثلاثاء مارس 18, 2014 4:49 pm
» قندوووووووورة جديدة تفضلواا
من طرف دفئ الشتاء الثلاثاء مارس 18, 2014 4:23 pm
» طلب صغير لو سمحتو
من طرف hothifa الإثنين ديسمبر 23, 2013 9:11 pm
» الان فقط وحصريا (استايل واند الالكتروني متعدد الالوان)
من طرف AGILIEDI الإثنين ديسمبر 23, 2013 8:34 pm
» جديد موديلات فساتين البيت بقماش القطيفة 2012 - تصاميم قنادر الدار بأشكال جديدة و قماش القطيفة - صور قنادر جزائرية
من طرف hadda32 الأحد ديسمبر 08, 2013 12:16 pm
» [Template] استايل منتدى سيدي عامر 2012
من طرف ßLẫĆҜ ĈĄŦ الأربعاء نوفمبر 20, 2013 6:46 pm
سحابة الكلمات الدلالية
الأمر والنهي في سورة النساء
معهد الدعم العربي :: ديننا الاسلام :: ۩۞۩ :: المنتديات الشرعية:: ۩۞۩ :: ۩ منتدى القرآن الكريم وعلومة ۩
صفحة 1 من اصل 1
الأمر والنهي في سورة النساء
الأمر والنهى فى سورة النساء
زخم من أفعال الأمر يطالعنا لدى الشروع فى قراءة سورة النساء, وتظل معنا هذه الأفعال حتى نِهاية السورة, تأمرنا بكل صالح لديننا ودنيانا وتنهانا عن كل ما يفسد حاتنا, بل إن الآيات التى تتضمن أحد أفعال الأمر أو النهى فى سورة النساء يُمكن أن تكوّن فيما بينها دستور حياة, يرقى بالمجتمع الإنسانى, وتتلاشى فيه أسباب التدنى والانحطاط التى تُهدد الناس فى حياتِهم وأرزاقهم وأعراضهم, وقد حاولت فى هذه العجالة الوقوف على هذه الأفعال وتقديمها مجتمعة على هذا النحو, حتى تكون نبراسا لكل من يريد أن يتحلى بالخلق الإسلامى الرفيع, ويرجو لقاء ربه بالأعمال الصالحة,
تبدأ السورة بأمر بتقوى الله, وقد ورد بلفظين؛ (اتَّقُوا رَبَّكُمُ) و (اتَّقُوا اللَّهَ), قال تعالى [يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا (1) ], أما لفظ (اتَّقُوا رَبَّكُمُ) فقد ورد فى القرآن الكريم فى ثلاثة مواضع غير هذا الموضع, فقد ورد فى سورة الحج فى قوله تعالى [يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ (1)], وفى سورة لقمان فى قوله تعالى [يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ وَاخْشَوْا يَوْمًا لَا يَجْزِي وَالِدٌ عَنْ وَلَدِهِ وَلَا مَوْلُودٌ هُوَ جَازٍ عَنْ وَالِدِهِ شَيْئًا إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلَا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ (33)] وفى سورة الزمر فى قوله تعالى [قُلْ يَا عِبَادِ الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا رَبَّكُمْ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةٌ وَأَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةٌ إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ (10)] وأما لفظ (اتَّقُوا اللَّهَ) فقد ورد فى أكثر من أربعين موضع, نعود إليها بشىء من التفصيل فى موضع آخر إن شاء الله. ولكننا هنا نقول إن الأمر بتقوى الله فى هذه الآية اقترن بالأمر بتقوى الأرحام, وتقوى الأرحام تكون بعدم قطعها, على قول أغلب المفسرين, وتصدير السورة بالأمر بتقوى الله يعد توطئة لما سوف يأمرنا به الله بعد ذلك, فبعد أن أوصانا بالرحم أن نصلها ولا نقطعها, أمرنا أن نؤتى اليتامى أموالهم قال تعالى [وَآَتُوا الْيَتَامَى أَمْوَالَهُمْ وَلَا تَتَبَدَّلُوا الْخَبِيثَ بِالطَّيِّبِ وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَهُمْ إِلَى أَمْوَالِكُمْ إِنَّهُ كَانَ حُوبًا كَبِيرًا (2)] والحوب هو الإثم, واليتامى هم الذين فقدوا آباءهم وهم صغار, فإن كبروا لم يعودوا يتامى, فالمقصود هنا الذين كانوا يتامى وكان هناك أوصياء على أموالهم, وهم الذين يوجه إليهم الخطاب فى الآية, وقد أمر الحق تبارك وتعالى أن ترد أموال اليتامى إليهم دون انتقاص ودون تبديل, فقد تسول النفس للوصى أن يستبدل بِما هو حق لليتيم شيئا آخر أقل منه قيمة, فيكون ما أخذه الوصى من مال اليتيم فى حكم الحرام وما فعله إثْما كبيرا. أما قوله تعالى [وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أَدْنَى أَلَّا تَعُولُوا (3)] فهو – كما جاء فى التفسير- خاص باليتيمة تكون فى كنف وليها, ثم يريد أن يتزوجها, فأمر أن يعطيها صداقا كالذى يعطيها غيره إذا أراد أن يتزوجها, وذلك من باب العدل, وهذا الحكم يُمكن تعميمه على أمر الزواج إذ لابد من أن تأخذ المرأة صداقها المفروض لها مهما كانت الظروف التى تكتنف الزواج, ولابد من ناحية أخرى أن يكون التصرف فى مال اليتيم من قبل الوصى بالعدل, أى يجوز أن يشترى الوصى من مال اليتيم لنفسه, ويبيع من نفسه من غير محاباة. فإن خشى الولى أن يظلم اليتيمة التى رباها فله أن يتزوج من غيرها على ألا يزيد عن أربع, فلا يكون هناك ظلم أو جور. ثم يأتى قوله تعالى [وَآَتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَرِيئًا (4) ] بأمر آخر فى هذا الصدد, وهو أن أن تعطى المرأة مهرها لا يأخذه وليها ولا يغمطها إياه الزوج, فالخطاب فى الآية يُمكن أن يكون للزواج, ويُمكن أن يكون للأولياء. أما السفهاء ففى قوله تبارك وتعالى [وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَامًا وَارْزُقُوهُمْ فِيهَا وَاكْسُوهُمْ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلًا مَعْرُوفًا (5)] نَهىٌ عن أن يكون لهم أموال يبددونَها دون تقدير للعواقب, والسفيه هو من لا يعقل لصغره أو لفقد عقله بالجنون ونحوه, واليتامى الصغار لا يجوز أن يعطيهم الأوصياء عليهم أموالهم لأنّهم لا يحسنون تصريف أمورهم وسوف يبددونَها فيما لا يفيد, لذا وجب على الوصى أن يحفظ مال اليتيم حتى يكبر ويصبح قادرا على مجابَهة الحياة بعقل وحكمة, فى الوقت ذاته أمر الحق تبارك وتعالى ألا يُحرم السفاء ما يلزمهم من ضرورات الحياة, فأمر بإطعامهم وكسوتِهم والقيام على تأديبهم وتَهذيبهم بالقول المعروف. الأمر التالى خاص باليتامى, قال تعالى[وَابْتَلُوا الْيَتَامَى حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ فَإِنْ آَنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ وَلَا تَأْكُلُوهَا إِسْرَافًا وَبِدَارًا أَنْ يَكْبَرُوا وَمَنْ كَانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَنْ كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ فَإِذَا دَفَعْتُمْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ فَأَشْهِدُوا عَلَيْهِمْ وَكَفَى بِاللَّهِ حَسِيبًا (6)] الأمر هنا بابتلاء اليتامى أى اختبارهم فى مواقف مختلفة, حتى يتبين لهم أنّهم أصبحوا قادرين على تصريف أمورهم بأنفسهم, حينذاك يعيدون إليهم أموالهم ويشهدون عليهم, فالمعاملات المالية والمادية فى الشريعة الإسلامية تقوم على توثيق كل الأمور حتى لا يكون هناك مجال للإنكار وحتى لا يكون النسيان سببا فى خلاف ينشأ بين المتعاملين. على أن يترسخ فى قلوب المؤمنين أن الله هو الحسيب, حتى لا يكون هناك مجالللتلاعب أو للمغالطات أو الافتراءات.
[يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا (29) ٍ] ينهى الحق تبارك وتعالى عن تجاوز حدود الحق فى المعاملات التجارية كما بينتها الشريعة الإسلامية, مما يطول الحديث فيه, ويُمكن الرجوع إليه فى كتب الفقه المختلفة, وفى نفس الآية نَهى عن قتل أنفسنا, كأن تجاوز حدود الحق فى المعملات التجارية بِمثابة قتل للنفس, فالذى يستهين بحدود الله فى معاملاته يلقى بنفسه فى التهلكة يوم القيامة, والنهى هنا عام عن قتل النفس فى كل الأحوال, جاء فى تفسير القرطبى {وأجمع أهل التأويل على أن المراد بِهذه الآية النهي أن يقتل بعض الناس بعضا. ثم لفظها يتناول أن يقتل الرجل نفسه بقصد منه للقتل في الحرص على الدنيا وطلب المال بأن يحمل نفسه على الغرر المؤدي إلى التلف. ويحتمل أن يقال: «ولا تقتلوا أنفسكم» في حال ضجر أو غضب؛ فهذا كله يتناول النهي} انتهى,
[وَلَا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبُوا وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبْنَ وَاسْأَلُوا اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا (32)] فى أسباب النزول أن أم سلمة قالت "يغزو الرجال ولا يغزو النساء, ولنا نصف الميراث" فنزلت هذه الآية, فهذه إذاً خصوصية الآية التى يُمكن أن نخرج بِها إلى عموم الحال إذ لا ينبغى لأحد أن يتمنى ما لغيره, فهذا فضل الله يؤتيه من يشاء, والإسلام ينهى عن الحسد, إلا فى اثنتين القيام بالقرآن آناء الليل وأطراف النهار, والانفاق فى سبيل الله, كما ورد فى حديث الرسول , أما الغبطة فغير منهى عنها وهى أن يتمنى الرجل أن يكون له مثل حال صاحبه إلا أنه لا يتمنى زواله,
[الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّفَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا (34) ] فى هذه الآية أمر صريح فى حالة نشوز المرأة بعظتها ثم هجرها فى المضاجع ثم ضربِها, وقد قدم الحق تبارك وتعالى هذا الأمر بإثبات قوامة الرجل على المرأة, وأتبعه بأمر الإصلاح بين الزوجين فى حالة الخوف من وقوع شقاق بينهما [وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا إِنْ يُرِيدَا إِصْلَاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا خَبِيرًا (35)]
[وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَنْ كَانَ مُخْتَالًا فَخُورًا (36)], هذا أمر يشتمل على وصايا تضمن للمرء السعادة فى الدنيا وحسن ثواب الآخرة, وقد وردت هذه الوصايا فى أكثر من موضع فى القرآن الكريم, مما يطول الحديث فى تفصيله.
[يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوًّا غَفُورًا (43)] فى هذه الآية نَهى عن أن يقرب الصلاة من ليس يعى ما يقول, أى يكون تحت تأثير الخمر ونحوها, كذلك نَهى أن يقربَها ذو جنابة قبل أن يتطهر, والتطهر يكون بالماء أو بالتيمم إذا تعذر وجود الماء الطهور. أما نَهى السكارى عن الصلاة فقد نسخ بتحريم الخمر, قال تعالى فى سورة المائدة [يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (90)]
[ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا (58)] فى هذه الآية يأمرنا الحق تبارك وتعالى أن نؤدي الأمانة إلى أهلها لا ننكرها ولا ننقصها ولا نبدلها وقرن ذلك بأن يكون الحكم بين الناس قائما على العدل المطلق الذى تشوبه شائبة من ظلم, ولا يكون ذلك فى الأمور المادية فقط ولكن فى كل الأمور, سواء كانت مادية أو معنوية. وقد تلا ذلك أمر بطاعة الله وطاعة الرسول وأولى الأمر, كما أمرنا الله أن يكون فض المنازعات مستندا إلى الأحكام التى وردت فى كتابه الكريم وفى سنة نبيه صلوات الله وسلامه عليه, هذا إن تحقق الإيمان بالله واليوم الآخر فى القلوب والعقول, قال تعالى [يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا (59)],
[يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا خُذُوا حِذْرَكُمْ فَانْفِرُوا ثُبَاتٍ أَوِ انْفِرُوا جَمِيعًا (71)] ثباتٍ جمع ثبة وهى الجماعة, أى على المسلمين أن ينفروا جماعات, أو ينفرو جميعا وأن يأخذوا حذرهم فى كل الحالات, أما الذين يتصدون لمهمة القتال فى سبيل الله فقد حددهم قوله تعالى [فَلْيُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يَشْرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا بِالْآَخِرَةِ وَمَنْ يُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيُقْتَلْ أَوْ يَغْلِبْ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا (74)], وفى قوله تعالى [فَقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ لَا تُكَلَّفُ إِلَّا نَفْسَكَ وَحَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَكُفَّ بَأْسَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَاللَّهُ أَشَدُّ بَأْسًا وَأَشَدُّ تَنْكِيلًا (84)] أمر بالقتال فى سبيل الله, وأمر بتحريض المؤمنين على القتال فى سبيل الله. والتنكيل أن يعاقب المجرم بِما يصبح عبرة لغيره, نقول نكّل به أى جعله نكالا وعبرة لغيره.
[وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَسِيبًا (86)] أمرنا الحق تبارك وتعالى أن نرد التحية بأحسن منها أو بِمثلها, وفى ذلك ارتقاء بالمجتمع الإسلامى وإشاعة للود بين أفراده.
[وَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ كَمَا كَفَرُوا فَتَكُونُونَ سَوَاءً فَلَا تَتَّخِذُوا مِنْهُمْ أَوْلِيَاءَ حَتَّى يُهَاجِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَخُذُوهُمْ وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَلَا تَتَّخِذُوا مِنْهُمْ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا (89)] نَهى الحق تبارك وتعالى فى هذه الآية عن أن يتخذ المسلمين من المنافقين أولياء, وأمر أن يأخذوهم ويقتلوهم إذا أصروا على مواقفهم المتعنتة من المسلمين. على أن الأمر بالقتال قيده المولى عز وجل بأن على المسلمين أن يتبينوا ويتحققوا ممن يقاتلونَهم, فمن يلقى السلام مؤمن لا يجوز قتاله, قال تعالى [يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَتَبَيَّنُوا وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلَامَ لَسْتَ مُؤْمِنًا تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَعِنْدَ اللَّهِ مَغَانِمُ كَثِيرَةٌ كَذَلِكَ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلُ فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْكُمْ فَتَبَيَّنُوا إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا (94)], وفى قوله تعالى[ وَلَا تَهِنُوا فِي ابْتِغَاءِ الْقَوْمِ إِنْ تَكُونُوا تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمُونَ وَتَرْجُونَ مِنَ اللَّهِ مَا لَا يَرْجُونَ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا (104)] أمر المسلمين ألا يضعفوا فى محاربة أعدائهم لأن أعداءهم يألمون كما يألمون ولكنهم لا يرجون ثوابا من الله كالذى يرجون.
[يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ إِنْ يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيرًا فَاللَّهُ أَوْلَى بِهِمَا فَلَا تَتَّبِعُوا الْهَوَى أَنْ تَعْدِلُوا وَإِنْ تَلْوُوا أَوْ تُعْرِضُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا (135) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا آَمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي نَزَّلَ عَلَى رَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي أَنْزَلَ مِنْ قَبْلُ وَمَنْ يَكْفُرْ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا بَعِيدًا (136)] فى هاتين الآيتين أمرٌ للمؤمنين أن يقوموا بالعدل بل يتكرر قيامهم بالعدل وتكون شهادتُهم لله, ونَهىٌ عن أن يتبعوا الهوى فى أحكامهم حتى يكون العدل طريقهم فى حياتِهم, فتستقيم الحياة وتبعد عن طريق الضلال.
[يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَتُرِيدُونَ أَنْ تَجْعَلُوا لِلَّهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَانًا مُبِينًا (144)] فى هذه الآية نَهى للمؤمنين عن أن يتخذوا الكافرين أولياء من دون المؤمنين, ليشمل النهى عمن يُتخذ منهم أولياء الكفار والمنافقين وأهل الكتاب كما بينا فى مواضع أخرى.
هذه هى جل الأحكام التى وردت فى صورة أوامر ونواهى فى سورة النساء, وهى كما أوضحنا تُمثل القيم الأخلاقية, والمثل العليا, والأسس التى يقوم عليها الدين الإسلامى, والمواثيق التى تحكم العلاقات فى المجتمعات الإسلامية, وتحدد علاقة المسلمين بغيرهم ممن لا يتخذون من الإسلام دينا لهم. وقد تضمنت دعوة صريحة لتطبيق الشريعة الإسلامية كشرط لإثبات الإيمان بالله واليوم الآخر, والله أسأل أن ينفعنا بالقرآن ويجعله ربيع قلوبنا, وأن يعيننا على العمل بِما ورد فيه من أحكام, فنمتثل لما أمرنا به وننتهى عما نَهانا عنه.
زخم من أفعال الأمر يطالعنا لدى الشروع فى قراءة سورة النساء, وتظل معنا هذه الأفعال حتى نِهاية السورة, تأمرنا بكل صالح لديننا ودنيانا وتنهانا عن كل ما يفسد حاتنا, بل إن الآيات التى تتضمن أحد أفعال الأمر أو النهى فى سورة النساء يُمكن أن تكوّن فيما بينها دستور حياة, يرقى بالمجتمع الإنسانى, وتتلاشى فيه أسباب التدنى والانحطاط التى تُهدد الناس فى حياتِهم وأرزاقهم وأعراضهم, وقد حاولت فى هذه العجالة الوقوف على هذه الأفعال وتقديمها مجتمعة على هذا النحو, حتى تكون نبراسا لكل من يريد أن يتحلى بالخلق الإسلامى الرفيع, ويرجو لقاء ربه بالأعمال الصالحة,
تبدأ السورة بأمر بتقوى الله, وقد ورد بلفظين؛ (اتَّقُوا رَبَّكُمُ) و (اتَّقُوا اللَّهَ), قال تعالى [يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا (1) ], أما لفظ (اتَّقُوا رَبَّكُمُ) فقد ورد فى القرآن الكريم فى ثلاثة مواضع غير هذا الموضع, فقد ورد فى سورة الحج فى قوله تعالى [يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ (1)], وفى سورة لقمان فى قوله تعالى [يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ وَاخْشَوْا يَوْمًا لَا يَجْزِي وَالِدٌ عَنْ وَلَدِهِ وَلَا مَوْلُودٌ هُوَ جَازٍ عَنْ وَالِدِهِ شَيْئًا إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلَا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ (33)] وفى سورة الزمر فى قوله تعالى [قُلْ يَا عِبَادِ الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا رَبَّكُمْ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةٌ وَأَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةٌ إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ (10)] وأما لفظ (اتَّقُوا اللَّهَ) فقد ورد فى أكثر من أربعين موضع, نعود إليها بشىء من التفصيل فى موضع آخر إن شاء الله. ولكننا هنا نقول إن الأمر بتقوى الله فى هذه الآية اقترن بالأمر بتقوى الأرحام, وتقوى الأرحام تكون بعدم قطعها, على قول أغلب المفسرين, وتصدير السورة بالأمر بتقوى الله يعد توطئة لما سوف يأمرنا به الله بعد ذلك, فبعد أن أوصانا بالرحم أن نصلها ولا نقطعها, أمرنا أن نؤتى اليتامى أموالهم قال تعالى [وَآَتُوا الْيَتَامَى أَمْوَالَهُمْ وَلَا تَتَبَدَّلُوا الْخَبِيثَ بِالطَّيِّبِ وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَهُمْ إِلَى أَمْوَالِكُمْ إِنَّهُ كَانَ حُوبًا كَبِيرًا (2)] والحوب هو الإثم, واليتامى هم الذين فقدوا آباءهم وهم صغار, فإن كبروا لم يعودوا يتامى, فالمقصود هنا الذين كانوا يتامى وكان هناك أوصياء على أموالهم, وهم الذين يوجه إليهم الخطاب فى الآية, وقد أمر الحق تبارك وتعالى أن ترد أموال اليتامى إليهم دون انتقاص ودون تبديل, فقد تسول النفس للوصى أن يستبدل بِما هو حق لليتيم شيئا آخر أقل منه قيمة, فيكون ما أخذه الوصى من مال اليتيم فى حكم الحرام وما فعله إثْما كبيرا. أما قوله تعالى [وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أَدْنَى أَلَّا تَعُولُوا (3)] فهو – كما جاء فى التفسير- خاص باليتيمة تكون فى كنف وليها, ثم يريد أن يتزوجها, فأمر أن يعطيها صداقا كالذى يعطيها غيره إذا أراد أن يتزوجها, وذلك من باب العدل, وهذا الحكم يُمكن تعميمه على أمر الزواج إذ لابد من أن تأخذ المرأة صداقها المفروض لها مهما كانت الظروف التى تكتنف الزواج, ولابد من ناحية أخرى أن يكون التصرف فى مال اليتيم من قبل الوصى بالعدل, أى يجوز أن يشترى الوصى من مال اليتيم لنفسه, ويبيع من نفسه من غير محاباة. فإن خشى الولى أن يظلم اليتيمة التى رباها فله أن يتزوج من غيرها على ألا يزيد عن أربع, فلا يكون هناك ظلم أو جور. ثم يأتى قوله تعالى [وَآَتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَرِيئًا (4) ] بأمر آخر فى هذا الصدد, وهو أن أن تعطى المرأة مهرها لا يأخذه وليها ولا يغمطها إياه الزوج, فالخطاب فى الآية يُمكن أن يكون للزواج, ويُمكن أن يكون للأولياء. أما السفهاء ففى قوله تبارك وتعالى [وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَامًا وَارْزُقُوهُمْ فِيهَا وَاكْسُوهُمْ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلًا مَعْرُوفًا (5)] نَهىٌ عن أن يكون لهم أموال يبددونَها دون تقدير للعواقب, والسفيه هو من لا يعقل لصغره أو لفقد عقله بالجنون ونحوه, واليتامى الصغار لا يجوز أن يعطيهم الأوصياء عليهم أموالهم لأنّهم لا يحسنون تصريف أمورهم وسوف يبددونَها فيما لا يفيد, لذا وجب على الوصى أن يحفظ مال اليتيم حتى يكبر ويصبح قادرا على مجابَهة الحياة بعقل وحكمة, فى الوقت ذاته أمر الحق تبارك وتعالى ألا يُحرم السفاء ما يلزمهم من ضرورات الحياة, فأمر بإطعامهم وكسوتِهم والقيام على تأديبهم وتَهذيبهم بالقول المعروف. الأمر التالى خاص باليتامى, قال تعالى[وَابْتَلُوا الْيَتَامَى حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ فَإِنْ آَنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ وَلَا تَأْكُلُوهَا إِسْرَافًا وَبِدَارًا أَنْ يَكْبَرُوا وَمَنْ كَانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَنْ كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ فَإِذَا دَفَعْتُمْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ فَأَشْهِدُوا عَلَيْهِمْ وَكَفَى بِاللَّهِ حَسِيبًا (6)] الأمر هنا بابتلاء اليتامى أى اختبارهم فى مواقف مختلفة, حتى يتبين لهم أنّهم أصبحوا قادرين على تصريف أمورهم بأنفسهم, حينذاك يعيدون إليهم أموالهم ويشهدون عليهم, فالمعاملات المالية والمادية فى الشريعة الإسلامية تقوم على توثيق كل الأمور حتى لا يكون هناك مجال للإنكار وحتى لا يكون النسيان سببا فى خلاف ينشأ بين المتعاملين. على أن يترسخ فى قلوب المؤمنين أن الله هو الحسيب, حتى لا يكون هناك مجالللتلاعب أو للمغالطات أو الافتراءات.
[يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا (29) ٍ] ينهى الحق تبارك وتعالى عن تجاوز حدود الحق فى المعاملات التجارية كما بينتها الشريعة الإسلامية, مما يطول الحديث فيه, ويُمكن الرجوع إليه فى كتب الفقه المختلفة, وفى نفس الآية نَهى عن قتل أنفسنا, كأن تجاوز حدود الحق فى المعملات التجارية بِمثابة قتل للنفس, فالذى يستهين بحدود الله فى معاملاته يلقى بنفسه فى التهلكة يوم القيامة, والنهى هنا عام عن قتل النفس فى كل الأحوال, جاء فى تفسير القرطبى {وأجمع أهل التأويل على أن المراد بِهذه الآية النهي أن يقتل بعض الناس بعضا. ثم لفظها يتناول أن يقتل الرجل نفسه بقصد منه للقتل في الحرص على الدنيا وطلب المال بأن يحمل نفسه على الغرر المؤدي إلى التلف. ويحتمل أن يقال: «ولا تقتلوا أنفسكم» في حال ضجر أو غضب؛ فهذا كله يتناول النهي} انتهى,
[وَلَا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبُوا وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبْنَ وَاسْأَلُوا اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا (32)] فى أسباب النزول أن أم سلمة قالت "يغزو الرجال ولا يغزو النساء, ولنا نصف الميراث" فنزلت هذه الآية, فهذه إذاً خصوصية الآية التى يُمكن أن نخرج بِها إلى عموم الحال إذ لا ينبغى لأحد أن يتمنى ما لغيره, فهذا فضل الله يؤتيه من يشاء, والإسلام ينهى عن الحسد, إلا فى اثنتين القيام بالقرآن آناء الليل وأطراف النهار, والانفاق فى سبيل الله, كما ورد فى حديث الرسول , أما الغبطة فغير منهى عنها وهى أن يتمنى الرجل أن يكون له مثل حال صاحبه إلا أنه لا يتمنى زواله,
[الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّفَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا (34) ] فى هذه الآية أمر صريح فى حالة نشوز المرأة بعظتها ثم هجرها فى المضاجع ثم ضربِها, وقد قدم الحق تبارك وتعالى هذا الأمر بإثبات قوامة الرجل على المرأة, وأتبعه بأمر الإصلاح بين الزوجين فى حالة الخوف من وقوع شقاق بينهما [وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا إِنْ يُرِيدَا إِصْلَاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا خَبِيرًا (35)]
[وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَنْ كَانَ مُخْتَالًا فَخُورًا (36)], هذا أمر يشتمل على وصايا تضمن للمرء السعادة فى الدنيا وحسن ثواب الآخرة, وقد وردت هذه الوصايا فى أكثر من موضع فى القرآن الكريم, مما يطول الحديث فى تفصيله.
[يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوًّا غَفُورًا (43)] فى هذه الآية نَهى عن أن يقرب الصلاة من ليس يعى ما يقول, أى يكون تحت تأثير الخمر ونحوها, كذلك نَهى أن يقربَها ذو جنابة قبل أن يتطهر, والتطهر يكون بالماء أو بالتيمم إذا تعذر وجود الماء الطهور. أما نَهى السكارى عن الصلاة فقد نسخ بتحريم الخمر, قال تعالى فى سورة المائدة [يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (90)]
[ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا (58)] فى هذه الآية يأمرنا الحق تبارك وتعالى أن نؤدي الأمانة إلى أهلها لا ننكرها ولا ننقصها ولا نبدلها وقرن ذلك بأن يكون الحكم بين الناس قائما على العدل المطلق الذى تشوبه شائبة من ظلم, ولا يكون ذلك فى الأمور المادية فقط ولكن فى كل الأمور, سواء كانت مادية أو معنوية. وقد تلا ذلك أمر بطاعة الله وطاعة الرسول وأولى الأمر, كما أمرنا الله أن يكون فض المنازعات مستندا إلى الأحكام التى وردت فى كتابه الكريم وفى سنة نبيه صلوات الله وسلامه عليه, هذا إن تحقق الإيمان بالله واليوم الآخر فى القلوب والعقول, قال تعالى [يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا (59)],
[يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا خُذُوا حِذْرَكُمْ فَانْفِرُوا ثُبَاتٍ أَوِ انْفِرُوا جَمِيعًا (71)] ثباتٍ جمع ثبة وهى الجماعة, أى على المسلمين أن ينفروا جماعات, أو ينفرو جميعا وأن يأخذوا حذرهم فى كل الحالات, أما الذين يتصدون لمهمة القتال فى سبيل الله فقد حددهم قوله تعالى [فَلْيُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يَشْرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا بِالْآَخِرَةِ وَمَنْ يُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيُقْتَلْ أَوْ يَغْلِبْ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا (74)], وفى قوله تعالى [فَقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ لَا تُكَلَّفُ إِلَّا نَفْسَكَ وَحَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَكُفَّ بَأْسَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَاللَّهُ أَشَدُّ بَأْسًا وَأَشَدُّ تَنْكِيلًا (84)] أمر بالقتال فى سبيل الله, وأمر بتحريض المؤمنين على القتال فى سبيل الله. والتنكيل أن يعاقب المجرم بِما يصبح عبرة لغيره, نقول نكّل به أى جعله نكالا وعبرة لغيره.
[وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَسِيبًا (86)] أمرنا الحق تبارك وتعالى أن نرد التحية بأحسن منها أو بِمثلها, وفى ذلك ارتقاء بالمجتمع الإسلامى وإشاعة للود بين أفراده.
[وَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ كَمَا كَفَرُوا فَتَكُونُونَ سَوَاءً فَلَا تَتَّخِذُوا مِنْهُمْ أَوْلِيَاءَ حَتَّى يُهَاجِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَخُذُوهُمْ وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَلَا تَتَّخِذُوا مِنْهُمْ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا (89)] نَهى الحق تبارك وتعالى فى هذه الآية عن أن يتخذ المسلمين من المنافقين أولياء, وأمر أن يأخذوهم ويقتلوهم إذا أصروا على مواقفهم المتعنتة من المسلمين. على أن الأمر بالقتال قيده المولى عز وجل بأن على المسلمين أن يتبينوا ويتحققوا ممن يقاتلونَهم, فمن يلقى السلام مؤمن لا يجوز قتاله, قال تعالى [يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَتَبَيَّنُوا وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلَامَ لَسْتَ مُؤْمِنًا تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَعِنْدَ اللَّهِ مَغَانِمُ كَثِيرَةٌ كَذَلِكَ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلُ فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْكُمْ فَتَبَيَّنُوا إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا (94)], وفى قوله تعالى[ وَلَا تَهِنُوا فِي ابْتِغَاءِ الْقَوْمِ إِنْ تَكُونُوا تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمُونَ وَتَرْجُونَ مِنَ اللَّهِ مَا لَا يَرْجُونَ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا (104)] أمر المسلمين ألا يضعفوا فى محاربة أعدائهم لأن أعداءهم يألمون كما يألمون ولكنهم لا يرجون ثوابا من الله كالذى يرجون.
[يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ إِنْ يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيرًا فَاللَّهُ أَوْلَى بِهِمَا فَلَا تَتَّبِعُوا الْهَوَى أَنْ تَعْدِلُوا وَإِنْ تَلْوُوا أَوْ تُعْرِضُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا (135) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا آَمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي نَزَّلَ عَلَى رَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي أَنْزَلَ مِنْ قَبْلُ وَمَنْ يَكْفُرْ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا بَعِيدًا (136)] فى هاتين الآيتين أمرٌ للمؤمنين أن يقوموا بالعدل بل يتكرر قيامهم بالعدل وتكون شهادتُهم لله, ونَهىٌ عن أن يتبعوا الهوى فى أحكامهم حتى يكون العدل طريقهم فى حياتِهم, فتستقيم الحياة وتبعد عن طريق الضلال.
[يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَتُرِيدُونَ أَنْ تَجْعَلُوا لِلَّهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَانًا مُبِينًا (144)] فى هذه الآية نَهى للمؤمنين عن أن يتخذوا الكافرين أولياء من دون المؤمنين, ليشمل النهى عمن يُتخذ منهم أولياء الكفار والمنافقين وأهل الكتاب كما بينا فى مواضع أخرى.
هذه هى جل الأحكام التى وردت فى صورة أوامر ونواهى فى سورة النساء, وهى كما أوضحنا تُمثل القيم الأخلاقية, والمثل العليا, والأسس التى يقوم عليها الدين الإسلامى, والمواثيق التى تحكم العلاقات فى المجتمعات الإسلامية, وتحدد علاقة المسلمين بغيرهم ممن لا يتخذون من الإسلام دينا لهم. وقد تضمنت دعوة صريحة لتطبيق الشريعة الإسلامية كشرط لإثبات الإيمان بالله واليوم الآخر, والله أسأل أن ينفعنا بالقرآن ويجعله ربيع قلوبنا, وأن يعيننا على العمل بِما ورد فيه من أحكام, فنمتثل لما أمرنا به وننتهى عما نَهانا عنه.
دمى كتب همي- عدد المساهمات : 607
نقاط : 1813
السٌّمعَة : 0
تاريخ التسجيل : 08/05/2012
العمر : 34
مواضيع مماثلة
» مبدأ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
» تفسير سورة النساء ( 10 )
» سورة النساء ( 2 )
» تفسير سورة النساء ( 3 )
» تفسير سورة النساء ( 14 )
» تفسير سورة النساء ( 10 )
» سورة النساء ( 2 )
» تفسير سورة النساء ( 3 )
» تفسير سورة النساء ( 14 )
معهد الدعم العربي :: ديننا الاسلام :: ۩۞۩ :: المنتديات الشرعية:: ۩۞۩ :: ۩ منتدى القرآن الكريم وعلومة ۩
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى