معهد الدعم العربي
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
المواضيع الأخيرة
» [ Template ] كود اخر 20 موضوع و أفضل 10 أعضاء بلمنتدى و مع معرض لصور كالفي بي
من طرف naruto101 الجمعة ديسمبر 05, 2014 2:33 pm

» [Javascript]حصريا كود يقوم بتنبيه العضو بان رده قصير
من طرف احمد السويسي الخميس أغسطس 28, 2014 2:38 am

» نتائج شهادة البكالوريا 2014
من طرف menimeVEVO الثلاثاء يونيو 10, 2014 3:55 am

» من اعمالي موديلات جديدة وحصرية 2012
من طرف دفئ الشتاء الثلاثاء مارس 18, 2014 5:37 pm

» من ابداعات ساندرا،كما وعدتكم بعض من موديلاتها
من طرف دفئ الشتاء الثلاثاء مارس 18, 2014 4:49 pm

» قندوووووووورة جديدة تفضلواا
من طرف دفئ الشتاء الثلاثاء مارس 18, 2014 4:23 pm

» طلب صغير لو سمحتو
من طرف hothifa الإثنين ديسمبر 23, 2013 9:11 pm

» الان فقط وحصريا (استايل واند الالكتروني متعدد الالوان)
من طرف AGILIEDI الإثنين ديسمبر 23, 2013 8:34 pm

» جديد موديلات فساتين البيت بقماش القطيفة 2012 - تصاميم قنادر الدار بأشكال جديدة و قماش القطيفة - صور قنادر جزائرية
من طرف hadda32 الأحد ديسمبر 08, 2013 12:16 pm

» [Template] استايل منتدى سيدي عامر 2012
من طرف ßLẫĆҜ ĈĄŦ الأربعاء نوفمبر 20, 2013 6:46 pm

سحابة الكلمات الدلالية


من المقصود بولي الأمر ؟!

اذهب الى الأسفل

من المقصود بولي الأمر ؟! Empty من المقصود بولي الأمر ؟!

مُساهمة من طرف AGILIEDI الثلاثاء يناير 29, 2013 11:28 am



من المقصود بولي الأمر ؟!


الحمد لله وحده ، و الصلاة و السلام على من لا نبي بعده ، و بعد :

فقد افتتح الإمام البخاري ـ رحمه الله ـ كتاب الفتن من صحيحه ـ و الذي جعله جامع لأحاديث الإمارة ـ بقوله تعالى :
{ واتقوا فِتْنَةً لاَّ تُصِيبَنَّ الذين ظَلَمُواْ مِنكُمْ خَاصَّةً } [ الأنفال : 25 ]
فتراه جعل مسألة الإمارة من جملة الفتن الذي تبتلى بها الأمة كنزول الدجال و غيره ، و أن الخلل الذي يحدث في هذا الباب يجر الفتن على الأمة جميعا و ليس الذين ظلموا خاصة .

و معلوم أن الخلاف و التنازع واقع بين الناس لا محالة إذ هو سنة كونية لا تتغير و لا تتبدل ، يقول الله عز و جل : {وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ ... } [ هود : 118 ] .

و من رحمة الله ـ سبحانه و تعالى ـ بهذه الأمة انه جعل لها شريعة تُسعد العباد دنيا و أخره ، و من الأمور التي جاءت بها الشريعة لفض مادة النزاع و الشقاق ـ الذي هو سنة كونية كما أسلفنا ـ تنصيب رجل تجتمع عليه الكلمة يأتمرون بأمره في المعروف ، و لا طاعة له في المعصية ، و هذا تراه جليا في أمر الصلاة ، فالرسول صلى الله عليه و سلم قال : ( إنما جعل الإمام ليؤتم به ، فإذا كبر فكبروا ، وإذا ركع فاركعوا ، وإذا سجد فاسجدوا ... ) رواه البخاري .

فترى أهل المسجد جميعا التزموا بأمر أمامهم في المعروف من تكبير و ركوع و سجود ... و غير ذلك ، و من خالفه بطلت صلاته ، لأننا مأمورون في متابعته في المعروف ، أما إذ قام الإمام للخامسة مثلا و نحن نعلم أنها الخامسة فلا نتابعه عليها ، لان الطاعة في المعروف كما قال النبي صلى الله عليه و سلم .
و كذلك الحال في إثناء السفر فأن النبي صلى الله عليه و سلم قال : ( إذا كان ثلاثة في سفر فليؤمروا أحدهم ) رواه أبو داود بسند صحيح .

فأمر الإمارة و ملازمة الجماعة من الأمور التي جاءت بها الشريعة الإسلامية و غلظت النكير على من لا يلتزم بها ، لان المخالفة هنا لا تعنى إلا الشقاق و النزاع ، و التشبه بأهل الجاهلية و مخالفة سمت أهل الإسلام ، و بهذا تعلم معنى قول النبي صلى الله عليه و سلم :
( من خرج من السلطان شبرا مات ميتة جاهلية ) أخرجه البخاري ، و في رواية مسلم ( فميته ميتة جاهلية ) .
و عند الترمذي و ابن خزيمة و ابن حبان ( من فارق الجماعة شبرا فكأنما خلع ربقة الإسلام من عنقه ) .
و عند مسلم في صحيحه (من خلع يدا من طاعة ، لقي الله يوم القيامة لا حجة له ، ومن مات وليس في عنقه بيعة ، مات ميتة جاهلية ) .
و المراد من قوله صلى الله عليه و سلم : (من خرج من السلطان شبرا مات ميتة جاهلية ) أو (من فارق الجماعة مات ميتة جاهلية )

.

يعنى حال موته : فالذي يفارق جماعة المسلمين في طاعة ولي الأمر ، و يخرج عن طاعة السلطان في السمع و الطاعة يموت على حال أهل الجاهلية ، يموت كموتهم على ضلال و ليس له إمام مطاع . لأنهم كانوا لا يعرفون ذلك ، إنما كانوا قبائل متناحرة لا يرون لأحد عليهم سمع و لا طاعة ، فجاء الإسلام بمخالفة أهل الجاهلية و ذلك بتنصيب رجل يكون إمام و قائد للناس يلتزمون بأمره و نهيه في المعروف . أفاده ابن حجر في الفتح .

و من حكمته ـ سبحانه و تعالى ـ أن جعل هذا القائد الإمام من طينة الرعية و على صورتها . قال تعالى : {وَكَذَلِكَ نُوَلِّي بَعْضَ الظَّالِمِينَ بَعْضًا بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ } ، فإن كانت الرعية صالحة كان سلطانهم صالحا ، وإن كانت الرعية ظالمة كان كذلك ، فكما تكونوا يولى عليكم .

و لم يجعل الله ـ عز وجل ـ سبيل تسلكه الرعية لإقامة سلطان عادل عليهم إلا أن يستقيموا على أمر الله و أن يلتزموا شرعه ، فإن ظهر منهم العدل و الصلاح نصب الله عليهم سلطان صالح ، و إن ظهر منهم خلاف ذلك كان سلطانهم كذلك . لان أمر تنصيب الحاكم على الناس هو لله وحده ، يقول ـ سبحانه ـ : { قُلِ اللهم مالك الملك تُؤْتِى الملك مَن تَشَاء وَتَنزِعُ الملك مِمَّن تَشَاء وَتُعِزُّ مَن تَشَاء وَتُذِلُّ مَن تَشَاء ... } [ آل عمران : 26 ] .
وهذا معنى قول النبي صلى الله عليه وسلم : ( ... فكأنما خلع ربقة الإسلام من عنقه ) .لان هذا الأمر لم يُعرف إلا في دين الإسلام ، فمن اعترض عليه و خالفه و فارق جماعة المسلمين فكأنما خلع ربقة الإسلام من عنقه .

إذاً من هو الإمام الذي يتوجب طاعته ؟

يقول الإمام ابن حجر في الفتح في معرض شرحه لقول رسول الله صلى الله عليه : ( السمع و الطاعة حقٌ ـ يعني : للإمام ـ ما لم يؤمر بمعصية ...الحديث . قال : و المراد بالإمام كل قائم بأمور الناس و الله أعلم . اهـ
قلت : فالذي له الاستطاعة في السيطرة على الأمور ، و له القدرة على كف أذى الناس بعضهم عن بعض ، و منع العدو من أذى المسلمين كان هو الإمام . وهذا هو معنى كلمة ( السلطان ) يعني : يكون له سلطة و قوة و إحكام على مقاليد الأمور .
و لهذا يقول النبي صلى الله عليه و سلم : ( ...وإنما الإمام جنة يقاتل من ورائه ويتقى به ... ) متفق على صحته .
و معنى جُنة بضم الجيم : إي سترة . فالإمام بالنسبة للمسلمين سترة
يتقى به الشر من العدو و من أذى الناس بعضهم البعض .

تنبيه : تسمية ولي الأمر بـ ( الإمام أو السلطان أو الحاكم أو الرئيس أو الخليفة أو...) كلها أسماء اجتهادية بمعنى واحد و هو كل قائم بأمور الناس و له عليهم سلطان ، حتى انه من الممكن إحداث اسم لإمام و لا يطلق على احد بعده ، كما سمى الصحابة الصديق ـ رضي الله عنه و عنهم ـ سموه خليفة رسول الله ـ صلى الله على نبينا و سلم ـ و أيضا سمى المسلمون الأمير يوسف بن تاشفين ـ بعد نصرته أهل الأندلس ـ سموه أمير المسلمين ، و لا يعلم أن هذا الاسم أطلق على احد بعده . فالمهم المعنى و ليس الاسم .


و تكون إمامته على الناس بصورتين :


الأولى : ببيعة شرعية ، كما حدث مع الخلفاء الأربعة ، فبعد موت رسول الله صلى الله عليه و سلم اجتمع أعيان الصحابة في سقيفة بني ساعده لاختيار رجل يقود الأمة بعد نبيهم صلى الله عليه و سلم فوقع الاختيار على الصديق ـ رضي الله عنه ـ ، ثم اجتمع الناس على الرضا به حاكماً عليهم تبعاً لما ذهب اليه اختيار أهل الحل والعقد من صفوة الصحابة رضي الله عنهم ، ثم لما مات الصديق عَهِدَ بالخلافة لعمر الفاروق رضي الله عنه فبايعه الناس إماماً إقراراً لاختيار الصديق ثم عهد الفاروق بالامر من بعده لستة من الصحابة مات رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو عنهم راضي فاختار الناس عثمان بن عفان من هؤلاء الستة ، ثم اختاروا على بن أبى طالب ـ رضي الله عنه ـ بعد مقتل عثمان ، ... وهكذا ، فالطريقة الأولى في اختيار إمام للناس أو حاكماً لهم يكون باجتماع أهل الحل والعقد من أولى الفهم والعلم على رجل ثم يلتزم عامة الناس بالبيعة لهذا الرجل . وليس معنى الالتزام بالبيعة له أن تذهب اليه و تصافحه وتقول : لك السمع والطاعة مني في المكره والمنشط وان لا أخالفك في أمر فيه طاعة لله ، ولكن يكفيك النية أن فلاناً أصبح إماما مطاعا .


أما الطريقة الثانية في نصب الإمام أو الحاكم : هو أن يتغلب الإمام على الحكم والسلطة بالسيف والقوة ، فيتسلط على الحكم بقوته وسلطانه ، وعندها يلزمنا أيضا أن نبايعه على السمع والطاعة كحال الحاكم الذي جاء ببيعة شرعية ، شريطة أن يكون هذا الحاكم المتغلب مسلماً ، أما إذا تغلب كافر على ديار الإسلام كـ (نابليون بونابرت ) مثلا ، هل يكون ولي امر ؟ بالطبع لا ؛ لان ولي الأمر لابد أن يكون مسلماً .

قال ابن بطال ـ رحمه الله ـ احد شراح صحيح البخاري : اجمع الفقهاء على وجوب طاعة السلطان المتغلب والجهاد معه و أن طاعته خير من الخروج عليه لما في ذلك من حقن الدماء وتسكين الدماء ... ولم يستثنوا من ذلك إلا إذا وقع من السلطان الكفر الصريح فلا تجوز طاعته في ذلك بل تجب مجاهدته لمن قدر عليها .

وقال الإمام ابن حجر العسقلاني المصري في فتح الباري :
فإذا اجتمع الناس على إمام ولو بالتغلب بالسيف وجب طاعته ثم ساق قصه فتنة ابن الزبير و ما كان من الاقتتال بينه وبين جيش الشام في الصراع على الخلافة ، وانتهى الأمر بقتل ابن الزبير وصلبه عند الحرم ، واجتمعت الكلمة لعبد الملك بن مروان بالخلافة ، ودخول ابن عمر فقيه الفتن ـ رضي الله وعن أبيه ـ على عبد الملك و أعطاه البيعة ، وكان ممتنع من إعطاء البيعة لاى احد من الفريقين عند الاقتتال فلما انتهت الفتنه . قال ابن عمر حينها وهو يعطى ببيعته لعبد الملك بن مروان الذي اخذ الخلافة بالسيف والقوة : والله ما كنت لأعطى بيعتي في فرقة ، ولا امنعها في جماعة .
فالشاهد أن ابن عمر بايع عبد الملك بن مروان وقد أخذ الخلافة بالسيف ،

وهذا هو كلام السلف وفعلهم .

وعن حرملة قال : سمعت الشافعي يقول : كل من غلب على الخلافة بالسيف ،حتى يسمى خليفة ، ويجتمع الناس عليه فهو خليفة .

قلت : ونحن نقول :كل من غلب على السلطة بالقوة وسماه الناس حاكماً أو رئيساً فهو حاكم تجب طاعته .


و أهل العلم متفقون على طاعة من تغلب ، و حكى الإجماع على ذلك جماعة منهم ابن حجر و الإمام محمد بن عبد الوهاب والشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن إل شيخ وغيرهم كثير.


ولهذا تجد في كتب اعتقاد أهل السنة : ونصلى خلف كل بر وفاجر ، ونصلى وراء من غلب ، وجاء هذا مسندا إلى عبد الله بن عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنهما ـ فانه كان يصلى أيام فتنة ابن الزبير تارة خلف ابن الزبير ـ رضي الله عنهما ـ وتارة خلف الحجاج بن يوسف الثقفي ـ الذي قتل سبعون إلفا صبرا ، قتلهم وهم يرون السيف ، وذهب بعضهم لتكفيره ـ فلما سئل ابن عمر عن هذا عن صلاته خلف ابن الزبير تارة وخلف الحجاج تارة ؟ قال : و أُصلى خلف من غلب .


وقد وردت النصوص وتعددت في وجوب السمع والطاعة للسلطان منها قوله تعالى : { أَطِيعُواْ الله وَأَطِيعُواْ الرسول وَأُوْلِى الأمر مِنْكُمْ } [ النساء : 59 ] ، رجح الإمام البخاري أنها نزلت في طاعة الأمراء خلافا لمن قال أنها نزلت في العلماء كما بين ابن حجر في بداية كتاب الإحكام ، وهو ما رجحه الإمام الطبري أيضا ، وذهب جماعة من السلف أنها عامة في طاعة الأمراء والعلماء معاً .
واخرج البخاري في صحيحه من حديث عبادة بن الصامت - رضي الله عنه - قال : بايعنا رسول الله صلى الله وسلم على السمع والطاعة في المنشط والمكره ، و أن لا ننازع الأمر أهله ، و أن نقوم بالحق حيثما كنا ، لا نخاف في الله لومة لائم .


وعند مسلم وغيره عن إبى ذر قال : إن خليلي أوصاني أن أسمع و أطيع ، و إن كان عبداً حبشياً مُجَدَّع الأطراف .
يعني : إن كان هذا الحاكم أو الأمير الذي عليك ( عبداً ) ، فأنت أفضل منه لأنك حر ، و أيضا ليس سيلم الخلقة بل مُجَدَّع الأطراف يعني : مقطع الأطراف ، و أنت سليم البنيان ، و معلوم أن المسلم القوي خير من المسلم الضعيف ،ومع ذلك فاسمع له وأطع فهذه وصية رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبى ذر الغفاري ـ رضي الله عنه ـ .


وعن أسيد بن خضير : أن رجلا من الأنصار قال يا رسول الله استعملت فلاناً و لم تستعملني ؟ قال : فإنكم سترون بعدي اثرة ، فاصبروا حتى تلقوني على الحوض . أخرجه البخاري


وعن ابن مسعود قال : قال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم : سَتَكونُ أُثَرَةٌ وَأُمُورٌ تُنْكِرُونَهَا قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ فَمَا تَأْمُرُنَا قَالَ: تُؤَدُّونَ الْحَقَّ الَّذِي عَلَيْكمْ وَتَسْأَلُونَ اللهَ الَّذِي لَكمْ . أخرجه البخاري

وعن ابن عباس أن النبي صلى اله عليه وسلم قال : من رأى من أميره شيئا يكرهه فليصبر عليه ؛ فإنه ليس أحد يفارق الجماعة شبرا فيموت إلا مات ميتة جاهلية .


قال ابن حجر في تفسير قوله صلى الله عليه وسلم : إنكم سترون بعدى أثرة ؛ قال : حاصلها الاختصاص بخط دنيوي . اهـ
يعني : هؤلاء الأمراء يستأثرون بالدنيا بعيدا عن الرعية ؛فماذا على الرعية حينها ؟ يقول عليه الصلاة و السلام : ( فاصبروا حتى تلقوني على الحوض ) فعلى الرعية الصبر علي جور هؤلاء الحكام و إن استلزم الامر الصبر عليهم إلى يوم القيامة حتى نلقى النبي صلى الله عليه و سلم على الحوض ، هذا الحوض الذي يُفصل عنده بين من التزم السنة و صبر عليها و بين من بدل و غير فيقال له : سحقاً سحقاً ، بعداً بعداً .
وهذا الجور و الظلم الذي يكون من الحكام لا يمنعهم حقهم ، فعلينا أن نوفي إليهم حقهم ونسأل الله ـ عز وجل ـ حقنا الذي لنا .


قال ابن حجر : اي بأن يلهمهم إنصافكم أو يبدلكم خيراً منهم .


وقال الإمام النووي في شرح مسلم تعقيبا على حديث ( إنها سَتَكونُ أُثَرَةٌ وَأُمُورٌ تُنْكِرُونَهَا فأدوا الْحَقَّ الَّذِي عَلَيْكمْ ) ،قال : هذا من معجزات النبوة ، وقد وقع هذا الإخبار متكرراً ووجد مخبره متكرراً ( وهو استئثار الحكام بالدنيا كما اخبر النبي صلى الله عليه وسلم ) قال : وفيه الحث على السمع والطاعة و إن كان المتولي ظالماً عسوفاً فيُعطى حقه من الطاعة و لا يُخرج عليه و لا يُخلع ، بل يُتضرع الى الله تعالى في كشف أذاه و رفع شره و إصلاحه .


وبوب الإمام النووي على حديث ( يسألونا حقهم و يمنعونا حقتا ) قال : باب في طاعة الأمراء و إن منعوا الحقوق . ثم قال : ومعنى قوله صلى الله عليه وسلم : ( اسمعوا و أطيعوا فإنما عليهم ما حملوا وعليكم ما حملتم )
أن الله تعالى حمل الولاة و أوجب عليهم العدل بين الناس ، فإذا لم يقيموا أثموا ، وحمل الرعية السمع والطاعة لهم ، فإن قاموا بذلك أثيبوا عليه و إلا أثموا .

وقال في شرح حديث ( عليك بالسمع والطاعة في عسرك ويسرك ) قال معناه : تحب طاعة ولاة الأمور فيما يشق وتكرهه النفوس وغيره مما ليس بمعصية ، فإن كانت معصية فلا سمع ولا طاعة ؛ ومعنى الأثرة : الاستئثار والاختصاص بأمور الدنيا عليكم فاسمعوا و أطيعوا وإن اختص الأمراء بالدنيا ولم يوصلوكم مما عندهم . قلت : فكأن الصبر على ظلم الحكام وجورهم هو من باب صبر العبد على القدر ، فنحن اُمرنا بالصبر على القدر حلوه ومره ، خيره وشره فلهم السمع والطاعة منا في المعروف .


يعني : لو قال الحاكم أن غدا أول أيام رمضان لزمنا الصيام معه ولا نلتفت لمن يخرج ويفتى بان الصيام ينبغي إن يكون مع دولة كذا كالمملكة أو غيرها ، لان الصيام من المعروف ، ونحن أُمرنا بان نسمع لهم ونطيع في المعروف ، وان امر الحاكم بمعصية فلا سمع له ولا طاعة ، فلو قام مثلا بإلغاء الختان وقد ثبت في السنة وجوب الختان لم نسمع له و لا نطيع ، ولكن لا نخالفه علانية ، و ليس معنى هذا أن نسكت على باطل ، ولكن الامر فيه توسط بمعنى : أن نقوم في الناس ونذكر حكم الختان الصحيح و لا نداهن ، ولكن نتجنب التجريح في الحاكم على المنابر ، فننبه على الخطأ و لا نذكر المخطئ حتى لا تنشغل القلوب وتحمل الحقد و الكراهية على الحكام ويكون بعده الخروج الذي فيه هلاك البلاد والعباد . وهذا الامر ربما لا يُعجب أكلى لحوم الحكام يظنون انه من الجبن .


ولكن ماذا نفعل ؟ هذا هو الدين .


يقول النبي صلى الله علية وسلم : من أراد أن ينصح لذي سلطان فلا يبده علانية ، و لكن يأخذ بيده فيخلوا به فإن قبل منه فذاك ، و الإ كان قد أدى الذي عليه . رواه ابن ابى عاصم في السنة ( باب : كيف نصيحة الرعية للولاة ) .و صححه الألباني . وفى صحيح البخاري قيل لإسامة بن زيد ـ رضي الله عنه ـ لو أتيت فلاناً فكلمته ، و في رواية أحمد في المسند قالوا له : الا تدخل على هذا الرجل فتكلمه ، وفى صحيح مسلم قالوا له : الا تدخل على عثمان فتكلمه ، فجاء هنا التصريح بالاسم، و عثمان هو: عثمان بن عفان أمير المؤمنين ـ رضي الله عنه ـ .
فقالوا له : الا تدخل على عثمان فتكلمه ، قال : إنكم لترون أنى لا اكلمه الا أسمعكم إني أكلمه في السر دون أن افتح باباً لا أكون أول من فتحه . الحديث


قلت:
انتبه لهذا الفقه العزيز الذي يُشغب عليه أهل الأهواء والبدع ، و هو أن تكون النصيحة لولاة الأمور في السر ، وقد فتح هذا الباب ـ الإنكار على ولاة الأمور في العلن ـ الخوارج الذين نصحوا لأمير المؤمنين ، شهيد الدار ( عثمان بن عفان ) في العلن فألبوا عليه الناس وانتهى الامر بحصاره في بيته ثم قتله ـ رضوان الله عليه ـ فكان أول خليفة يُقتل في الإسلام من جراء بذل النصح للسلطان في العلن ، و مخالفة هدي السلف فى طريقة النصح للحكام .


وروى ابن أبى الدنيا في الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر ، وابن أبى شيبة في مصنفه بسند صحيح عن طاوس قال : أتى رجل ابن عباس ، فقال : الا أقوم الى هذا السلطان فأمره و انهاه . قال : لا تكن له فتنة أو لا تكن لك فتنة . قال : أرايت إن امرنى بمعصية لله عز وجل قال ذاك الذي تريد فكن حينئذ رجلاً ؟ .
قلت : هذا هو الأصل إن كنت بين يدي السلطان فأمروه و انهاه ، وهذا هو معنى قول النبي صلى الله عليه وسلم :( أفضل الجهاد كلمة عدل عند سلطان جائر ) . رواه أبو داود

فـ ( عند ) ظرف مكان ، فإن كنت بين يدي الحاكم فأمروه و انهاه ، و لكن لا تقف في الميادين و تستدل بالحديث ، ثم أن كنت بين يديه دعوت له ، لا ،كن حينها رجلاً كما قال ابن عباس للسائل ، لان هذا التلون عياذا بالله من النفاق .


اخرج البخاري في صحيحه عن محمد بن زيد قال : قال أناس لابن عمر إنا ندخل على سلطاننا فنقول لهم خلاف ما نتكلم إذا خرجنا من عندهم ، قال : كنا نعدها نفاقاً .
وقال أبو الدرداء : ان أول نفاق المرء طعنه على إمامه . رواه ابن عبد البر في التمهيد .

ولهذا كان رد ابن عباس على الرجل عندما قال له أرايت ان امرنى بمعصية الله عز وجل ، قال : ذاك الذي تريد فكن حينئذ رجلا .


فلا تدعوا له و أنت بين يديه ولا تجتهد في تحسين الكلام و لكن و أصدع بالحق في وجه الظالم و إلا كنت منافقاً أو جباناً عياذا بالله .

وان نصحت فاصبر؛ يقول معاوية ـ رضي الله عنه ـ : اتقِ غضب السلطان ، فان السلطان يغضب غضب الصبي ، و يأخذ اخذ الأسد .
فكن كإمام أهل السنة أحمد بن حنبل ـ عليه الرحمة ـ فإنه نصح للسلطان و صدع بالحق بين يديه ، فعُذب و جلد حتى خلعت يده و كاد يموت ، و مع ذلك صبر و لم يُداهن ، و لم يستطيعوا صرفه عن الحق لأنه كان على السنة قولا و عملا و اعتقاداً ، و قيل : لم يستطيعوا صرف أحمد عن الحق لان أحمد ممنوع من الصرف .


سؤال الى مدى يكون السمع والطاعة و الطاعة للأمير ؟

يقول النبي صلى الله عليه وسلم : يَكُونُ بَعْدِى أَئِمَّةٌ لاَ يَهْتَدُونَ بِهُدَاىَ وَلاَ يَسْتَنُّونَ بِسُنَّتِى وَسَيَقُومُ فِيهِمْ رِجَالٌ قُلُوبُهُمْ قُلُوبُ الشَّيَاطِينِ فِى جُثْمَانِ إِنْسٍ ». قُلْتُ : كَيْفَ أَصْنَعُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنْ أَدْرَكْتُ ذَلِكَ؟ قَالَ :« تَسْمَعُ وَتُطِيعُ لِلأَمِيرِ وَإِنْ ضُرِبَ ظَهْرُكَ وَأُخِذَ مَالُكَ فَاسْمَعْ وَأَطِعْ » رواه مسلم و ابن حبان في صححيهما .


و أخرج أحمد و أبو داود من حديث حذيفة بن اليمان أن النبي صلى الله عليه و سلم قال له : فإن كان لله يومئذ في الأرض خليفة جلد ظهرك و أخذ مالك ، فالزمه . و صححه الألباني في الصحيحة ( 1791 ) .


وفى السنة للخلال و الشريعة للاجري وغيرهما أن عمر الفاروق ـ رضي الله عنه ـ قال لسويد بن غفلة : يا أبا أمية أنى لا أدرى لعلى لا ألقاك بعد عامي هذا ، فان أُمر عليك عبدٌ حبشيٌ مُجدّعٌ فاسمع له و أطع ، و إن ضربك فاصبر ، و إن حرمك فاصبر ، و إن أراد أمر ينقصُ دينك . فقل : سمعاً وطاعة دمي دون ديني ، ولا تفارق الجماعة .


فان ظلم ولاة الأمور للرعية ، و منعهم حقوقهم ، وضربهم واستثاروهم بالدنيا والثروة دونهم ، لا يسوغ للرعية الخروج على حكامهم .


لان الخروج لا يكون الا في حالة واحدة فقط .
يقول عبادة بن الصامت ـ رضي الله عنه ـ وهو في مرضه الذي مات فيه : بايعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم على السمع والطاعة في نشطنا ( يعني : الأمر الذي ننشط له لأننا نحبه ) ومكرهنا ( الأمر الذي يشق على النفس فتكرهه ) وعسرنا ( في الشدة والضيق ) ويسرنا، وأثرة علينا ، وان لا ننازع الأمر أهله الا أن تروا كفرا بواحا عندكم من الله فيه برهان . متفق على صحته .


فهذه هي الحالة الوحيدة التي يجوز فيها الخروج على الحاكم . وهى إن يصدر من الحاكم كفر بواح ، لا يختلف عليه اثنان ، معلوم من الجميع انه كفر ، وليس كما نرى من البعض ، فنسمع من أحدهم أنه يقرر و يناظر أن الحاكم كافر، فإذا سألناه لماذا ؟ قال : لان الشيخ فلان كفره ؛ ليس هذا معنى الحديث، و لكن الكفر الذي لا اشتباه فيه ، فضلا على انه لا تقليد في التكفير ولا في التبديع .
مثال : لو خرج الحاكم وقال : بإلغاء صلاة الجمعة أو قال بان الخمر حلال أو الزنا ليس حرام . هذا ما يسمى بالكفر البواح الذي لا يلجأ فيه الناس لاستفتاء عالم . فإن صدر منه هذا وجب الخروج عليه واستبداله بأخر . ولكن شريطة وجود الامكانيه . فلا نخرج عليه بسكينة المطبخ مثلا وهو عنده الدبابات والطائرات . هذا يسمى انتحار . و انظر إلى حال أهل سوريا حتى تعلم صدق ما أقول لك . لكن إن وجدت العدة و الإمكانيات وجب الخروج عليه و استبداله .


و أما الخروج عليه لاي سبب أخر فحرام .
يقول شيخ الإسلام ابن تيميه في منهاج السنة : قد اخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن الأمراء يظلمون ويفعلون أمور منكرة , ومع هذا أمرنا أن نؤتيهم الحق الذي لهم ، ونسال الله الحق الذي لنا ولم يأذن في اخذ الحق بالقتال .

وعند أحمد في المسند والحاكم في المستدرك وفى غيرهما. عن فضالة بن عبيد ـ صحابي من أهل بدرـ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ثلاثةٌ لا تسأل عنهم : رجلٌ فارق الجماعة و عصى إمامه ، و مات عاصياً . و صححه الألباني في صحيح الجامع (3058 ).


وعند الترمذي وغيره .قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ثلاث لا يغل عليهن قلب امرئ مسلم : إخلاص العمل لله و النصح لأئمةالمسلمين و لزوم جماعتهم . و صححه الألباني في صحيح الجامع ( 6766 ) .


و في صحيح البخاري عن نافع قال : لما خلع أهل المدينة يزيد بن معاوية , جمع ابن عمر حشمه وولده , فقال : انى سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: ينصب لكل غادر لواءً يوم القيامة ، و إنا قد بايعنا هذا الرجل على بيع الله و رسوله ، و اني لا أعلم غدراً أعظم من أن يبايع رجل على بيع الله و رسوله ثم ينصب له القتال .


وقد جرت سنة الله في الخلق انه ما خرج قوم على إمامهم وإن كان ظالماً غشوماً الا وكان حالهم بعد الخروج اسوأ من حالهم قبل الخروج.


يقول شيخ الإسلام ابن تيميه في منهاج السنة النبوية : ولهذا كان المشهور من مذهب أهل السنة أنهم لا يرون الخروج على الأئمة وقتالهم بالسيف و إن كان فيهم ظلم كما دلت على ذلك الأحاديث الصحيحة المستفيضة عن النبي صلى الله عليه وسلم ، لأن الفساد في القتال والفتنة أعظم من الفساد الحاصل بظلمهم بدون قتال ولا فتنه , فلا يدفع أعظم الفسادين بالتزام أدناهما , ولعله لا يكاد يُعرف طائفة خرجت على ذي سلطان إلا وكان في خروجها من الفساد ما هو أعظم من الفساد الذيٍ أزلته , والله تعالى لم يأمر بقتال كل ظالم وكل باغ كيفما كان ولا أمر بقتال الباغين ابتداء .


قلت : ولهذا قالوا قديماً : سلطان غشوم خيرٌ من فتنةٍ تدوم .


و قد تواترت كلمات السلف الصالح في الحث على لزوم الجماعة و الطاعة للأمير منها :


قول الإمام سهل بن عبد الله التسترى ـ رحمه الله - هذه الأمة ثلاث وسبعون فرقة اثنان وسبعون هالكة كلهم يبغض السلطان , والناجية هذه الواحدة التي مع السلطان (قوت القلوب لأبى طالب المكي 2\242).
وقال أيضا كما في تفسير القرطبي (5260-261): لا يزال الناس بخير ما عظموا السلطان والعلماء , فان عظموا هذين أصلح الله دنياهم وأخراهم , وان استفتحوا بهذين أفسدوا دنياهم وأخرهم .
وعن أبي الدرداء – رضي الله عنه – قال : إياكم ولعن الولاة , فإن لعنهم الحالقة , وبغضهم العاقرة ، قيل يا أبا الدرداء : فكيف نصنع إذا رأينا منهم مالا نحب ؟ قال: اصبروا , فان الله إذا رأى ذلك منهم حبسهم عنكم بالموت..(رواه ابن أبى عاصم في السنة 2\488).


وكان حذيفة ابن اليمان يقول: اصبروا حتى يَستريح بر أو يُستراح فاجر .

وجاء في اعتقاد سفيان الثوري : قال يا شعيب : لا ينفعك ما كتبت حتى ترى الصلاة خلف كل بر وفاجر , والجهاد ماضي الى يوم القيامة والصبر تحت لواء السلطان جار أم عدل .
وقال أحمد : والسمع والطاعة للائمه و أمير المؤمنين البر والفاجر ، ومن غلبهم بالسيف حتى صار خليفة وسمى أمير المؤمنين ... ولا يحل قتال السلطان ولا الخروج عليه لأحد من الناس فمن فعل ذلك فهو مبتدع على غير السنة والطريق.


و النصوص في هذا الباب كثيرة معروفة ، و صاحب الحق يكفيه دليل ، و صاحب الهوى لا يكفيه ألف دليل .


و صلى الله على محمد و على اله و صحبه و سلم .
و كتب
و ليد بن سعد

رد مع اقتباس

AGILIEDI
Admin

عدد المساهمات : 384
نقاط : 1130
السٌّمعَة : 2
تاريخ التسجيل : 31/03/2012

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى