الطبيب ليس وحـده مســؤولاً عن صحة المريض

د. خلود البارون
يعتقد الكثيرون أن الطبيب هو المسؤول الوحيد عن الرعاية الصحية، لكن هذا المفهوم خاطىء اذ يسانده فريق ينتمي إلى العديد من المهن الطبية المساعدة، التي تطور مفهومها بحيث أصبحت تخصصات منفردة بحد ذاتها.

كلية العلوم الطبية المساعدة واحدة من أكبر كليات مركز العلوم الطبية في جامعة الكويت، ومخرجاتها تشمل كوادر التخصصات الطبية المساعدة التي تعد من أهم التخصصات الحيوية في مجال الخدمات الطبية في الكويت. وعمل هذه الفئة من المهن لا يقتصر على مساعدة الطبيب، بل يتعدى ذلك إلى التواصل المباشر مع المريض والمساهمة الفعالة في علاجه ووضع الخطط الاستراتيجية المستقبلية للرعاية الصحية أيضاً.

يشرح عميد كلية العلوم الطبية المساعدة د. سعود العبيدي طبيعة هذا النوع من الرعاية الصحية، قائلاً:
- يعتقد الكثيرون أن الطبيب هو المسؤول الوحيد عن الرعاية الصحية، ولكن ذلك ليس الوجه الكامل للحقيقة، فالرعاية الصحية تتطلب خدمات وجهود أعضاء المهن الطبية المساعدة التي تشمل 20 تخصصاً تقريباً، على سبيل المثال: العلاج الطبيعي وعلوم المختبرات وعلوم الأشعة والعلاج بالعمل والعلاج التنفسي وعلوم الإدارة الطبية وتخصصات إعادة التأهيل والتمريض والتغذية، وهي المسؤولة عن سلاسة وحركة العمل في المستشفيات وضمان جودة الرعاية الصحية.
دور التخصصات
تطورت المهن الطبية المساعدة في كل دول العالم عن مفهومها السابق، بحيث أصبحت تخصصات منفردة بحد ذاتها، ما حررها من المفهوم الخاطئ، الذي يخضعها لسيطرة الطبيب، لتصبح تخصصات تعمل من خلال الفريق الطبي وتصب في مصلحة الطبيب والمريض. وللتوضيح، يعتبر اختصاصي المختبرات الطبية المسؤول عن أخذ العينات وتحديد الجرثومة أو مصدر الاعتلال وتوضيح خطورتها وتكاثرها وأعدادها وسبل علاجها. وهو بذلك يعرف القرار الطبي من حيث التشخيص وآلية العلاج الناجحة ويقترح المضاد الحيوي المناسب. وعليه، له دور مهم جداً في القرار الطبي.
وينطبق الأمر على اختصاصي الأشعة التشخيصية والنووية، فعمله لا يقتصر على جانب التشخيص، بل يشمل الإجراءات العلاجية أيضاً مثل القسطرة والمناظير وحقن العمود الفقري.
دور العلاج الطبيعي والمهني
أما دور اختصاصي العلاج الطبيعي، فأساسي في تقييم الأداء الحركي والعضلي وعلاج العديد من الحالات المرضية. ودوره قد يكون الوحيد والأساسي في حالات كثيرة لا تكفي فيها وسائل العلاج التقليدي (العقاقير والجراحة) في علاج المريض.
وهناك العديد من الأمراض التي يحتل فيها جانب العلاج الطبيعي المهني ما يصل إلى 90 % - 100 % من خطة العلاج، من أهمها: المصابون بالشلل سواء الكامل أو النصفي أو المصابون بالكسور والجلطة الدماغية ومشكلات العمود الفقري وبعد تركيب المفاصل الصناعية ومشكلات الأطفال الخلقية ومتأخري النمو ومشكلات إصابات المواليد بعد عسر الولادة ورعاية كبار السن. كما يعرف أن العلاج الطبيعي له دور أساسي في إعادة تأهيل المرضى بعد العمليات الجراحية ونوبة الغيبوبة.
وأشاد د. العبيدي بمدى التطور الذي طرأ على كلية العلوم الطبية المساعدة خلال فترة 30 سنة منذ إنشائها، وقال:
- أنا فخور جداً بإمكانات الكلية حالياً، فبالإضافة إلى التجهيزات المتطورة المتوافرة فيها، فهي تضم 45 زميلاً من حملة شهادة الدكتوراه من كليات عالمية ومن مختلف التخصصات الطبية المساعدة. ولا يغفل هنا التنويه بأن تجمع هذا العدد من حملة الدكتوراه يعتبر الأول من حيث كلية من هذا النوع على مستوى المنطقة العربية، والثاني على مستوى العالم. وهي أيضاً ثاني أكبر كلية من بعد كلية الطب من حيث أعداد أعضاء هيئة التدريس الكويتيين وأعداد الطلبة، مما يتعين معه ضرورة انتباه الإدارة الجامعية ووزارة الصحة إلى الاستفادة من الطاقات البشرية.
هدف الكلية
هدف كلية العلوم الطبية المساعدة هو تخريج كوادر على درجة عالية من المستوى التقني، حتى يكون لها دور فعال في الرعاية الصحية مع الفريق الطبي، وتساهم في وضع خطط واستراتيجيات العلاج. وأضاف د. العبيد:
- خريجو البكالوريوس مؤهلون للعمل والتفكير والإبداع ومساعدة الطبيب والمريض في الوقت نفسه، فخلال مدة الدراسة التي تمتد إلى خمس سنوات، يتلقى الطلبة جميع العلوم الصحية والإكلينيكية المباشرة وغير المباشرة والتعليم الإكلينيكي، للتعامل مع الحالات المرضية وأنواع الفحوصات والتدرب على اتخاذ القرار المناسب في العلاج وأسباب الأمراض.
تخصصات عديدة
وأضاف د. العبيدي:
- لا يمكن للمهن الطبية المساعدة أن تتطور وتبدع في ظل وجود الهيمنة الطبية، وعدم وجود قوانين مرنة ومتوازنة لحماية المهنة ممن يحاولون السيطرة عليها أو احتكارها.
فوزارة الصحة حالياً كأنها بيت يضم الأطباء فقط، فهم من يضع القوانين والتوصيف الوظيفي، ولكنها في الواقع، وزارة تضم العديد من المهن الطبية المساعدة، ويجب أن تراعي مصالح هذه الكوادر بشكل متوازن.
فكرة أن الطبيب هو فقط المسؤول عن رعاية المريض والدفاع عن حياته ليست بالضرورة صحيحة. فكل مؤهل ذو شهادة عليا في تقديم الخدمات الطبية المباشرة وغير المباشرة للمريض، مسؤول عن عمله وأخطائه، ويحاسب عليها تماماً. وعليه، يجب دراسة التطور الكبير الذي طرأ على مناهج علوم الطب المساعد، والسماح للمؤهلين بالعمل وفق أحدث النظم المعمول بها عالمياً.
وبالمناسبة، العديد من العيادات والمراكز العلاجية والمهنية العالمية تعمل من دون وجود طبيب من تخصص معين أو يحتكر المهنة، كما هي الحال في الكويت، ما يعكس جودة التعليم ومدى مرونة القوانين العالمية الموازية للتعليم المهني.