لكل منا أسلوبه في التفكير

لكل منا أسلوبه في التفكير

في كتابيه "رجال من المريخ" و"نساء من الزهرة" بين لنا الكاتب جون جرى نقطة مهمة للغاية وهي أن الرجال والنساء مختلفون عن بعضهم بعضاً؛ فليس هناك شخصان متماثلان، وكل منا يرى العالم بمنظوره الخاص, لذلك من المهم أن نفهم شخصية شريكنا في الحياة حتى نستطيع التعامل معه بفاعلية، والحفاظ على استمرار العلاقة على أساس من الحب والود.
فأنا أعرف زوجين تختلف شخصية كل منهما عن الآخر تماماً، فالزوجة مثال للإنسان العاطفي, وبإمكانها أن تصدر قراراً فورياً ورائعاً معتمدة على حدسها وقدرتها الإبداعية، أما الزوج فهو شخصية عقلانية 100% وهو مثال للتفكير التحليلي، وبالنسبة له الأمر الذي لا يخضع لقواعد المنطق شيء لا يستحق الالتفات إليه.


عندما تلاقى هذان الزوجان للمرة الأولى نشأ شعور قوي بالتقارب العاطفي بينهما، فالزوج أحب في زوجته تلقائيتها وقدرتها على التمتع باللحظة التي تعيشها، وهي أحبت فيه طبيعته العقلية ورغبته في العمل حتى في الإجازات، وكان تفكيرهما هو أنه سيكمل كل منهما الآخر ويعيشان معاً في سعادة دائمة.


وبمرور السنوات بدأت الخلافات تحطم علاقتهما فالزوج أصبح منعزلاً ومحبطاً وأصبح يرى أن زوجته تأخذ قراراتها دون أن تعطي الموضوع ما يستحقه من البحث والتروي؛ والزوجة أصابها الاكتئاب لأنها لم تتمكن من مجاراة أسلوب زوجها القائم على التحليل والمغامرة, وكانت تشعر أنها من منافسي زوجها الأدنى منه.


ولحسن الحظ كان للزوجة بصيرة حادة وأدركت أن زواجها سيفشل إن لم تجد طريقة للحديث مع زوجها بنفس أسلوبه وطريقته التي يفهمها، فعندما ينشأ بينهما موقف ما وتتأكد أنهما لن يتفقا فيه تلخص النقاط الأساسية في موضوعها وتقدمها بشكل منظم وهذه هي الطريقة الوحيدة التي ستجعل زوجها يستمع لما تقوله.


هذه الزوجة لم تعمد إلى هذا الأمر لشعورها باليأس، ولكن لحكمتها ورغبتها في أن تأخذ علاقتها بزوجها مجراها الطبيعي وتتحسن للأفضل. وقد كانت النتائج رائعة؛ فعلى الرغم من أن الزوج لا يتفق دائماً مع رأي زوجته, إلا أنه أصبح لا يهتم كثيراً بتقييم تصرفاتها، وأصبح مستمعاً جيداً لها كما أصبح يحاول الحديث معها بطريقة مريحة لها, وبدأت هي تتعامل مع أسئلة زوجها بسلاسة وراحة دون الشعور بالحرج ودون أن تفضحها عواطفها.




ولست أقصد من هذا المقال أن الرجال يغلب العقل على تفكيرهم، وأن النساء تغلب العاطفة على تفكيرهن، ولكني أريد القول بأن لكل منا أسلوبه في التفكير. ومعرفة هذه الحقيقة تعطي القدرة على تغيير علاقاتنا للأبد.


تذكروا دائماً أن واقعكم ليس هو الواقع العام وإنما هو خاص بالشخص نفسه، ومن الحكمة أن توجد طريقة لفهم شريكك ونصفك الآخر في الحياة.