ذو العزة والجبروت

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله
من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا اله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد إن محمدا عبده ورسوله

ذو العزة والجبروت

الله .. لا راد لقضائه ، ولا معقب لحكمه ، ولا مانع لما أعطى، ولا معطي لما منع، ولا ينفع ذا الجد منه الجد ، يؤتي الملك من يشاء ، وينزعه ممن يشاء ، ويعطي الدنيا من يحب ومن لا يحب ، ولا يعطي الدين إلا لمن يحب قال تعالى : { قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَن تَشَاء وَتَنزِعُ الْمُلْكَ مِمَّن تَشَاء وَتُعِزُّ مَن تَشَاء وَتُذِلُّ مَن تَشَاء بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَىَ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ {26} تُولِجُ اللَّيْلَ فِي الْنَّهَارِ وَتُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَتُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَتُخْرِجُ الَمَيَّتَ مِنَ الْحَيِّ وَتَرْزُقُ مَن تَشَاء بِغَيْرِ حِسَابٍ } … (آل عمران : 26،27) .

العزة له ، والجبروت له ، والعظمة له، والكبرياء له ، والسلطان له ، والملك له ، والحكم له ، والقوة له ، والتسبيح له ، والتقديس له ، ما أعظم شانه ! وأفخر ملكه ! وأعلى مكانه ! وأقربه من خلقه ! ، وألطفه بعباده ! أشرقت لنوره السماوات والأرض ، وأنار بوجهه الظلمات ، وحُجِب جلاله عن العيون ، ونفذت إليه أبصار القلوب ، وناجته ألسنة الصدور . لا تراه العيون ، ولا تخالطه الأوهام والظنون ، ولا تغيره الحوادث ، ولا يحيط بصفاته الواصفون . عالم بمثاقيل الجبال ، ومكاييل البحار ، وعدد قطر الأمطار والأشجار ، وعدد ما أظلم عليه الليل ، وأشرق عليه النهار .

{ وَعِندَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لاَ يَعْلَمُهَا إِلاَّ هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِن وَرَقَةٍ إِلاَّ يَعْلَمُهَا وَلاَ حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الأَرْضِ وَلاَ رَطْبٍ وَلاَ يَابِسٍ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ } ... (الأنعام : 59) .

متفردٌ بالكِبْرِيَـاءِ فليـس يشبهـه أحـدْ
لو شاء أغلق بابه عمن عصاه ومــن جحدْ
طوبى لعبد صالح لجـلال سيِّـده سجـــدْ

وفي الحديث : (خلق الله الملائكة أصنافاً ، وإن منهم لملائكة قياماً صافين من يوم خلقهم إلى يوم القيامة ، وملائكة ركوعاً خشوعاً من يوم خلقهم إلى يوم القيامة ، وملائكة سجوداً منذ خلقهم إلى يوم القيامة ، فإذا كان يوم القيامة تجلى لهم تبارك وتعالى ، ونظروا إلى وجهه الكريم ، قالوا : سبحانك ما عبدناك حق عبادتك ) .

وفي الحديث الآخر : (ما في السماء الدنيا موضع قدم إلا وعليه ملك ساجد أو قائم ، فذلك قوله عز وجل : { وَمَا مِنَّا إِلَّا لَهُ مَقَامٌ مَّعْلُومٌ {164} وَإِنَّا لَنَحْنُ الصَّافُّونَ {165} وَإِنَّا لَنَحْنُ الْمُسَبِّحُونَ }... (الصافات : 164-166) ) .

{ ذَلِكُمُ اللّهُ رَبُّكُمْ لا إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ فَاعْبُدُوهُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ {102} لاَّ تُدْرِكُهُ الأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الأَبْصَارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ } ... (الأنعام : 102 ، 103) .

روي عن وهب بن منبه ـ رحمه الله ـ أنه يقول : قال عزير عليه السلام : " اللهم بكلمتك خلقت جميع خلقك فأتى على مشيئتك لم تأت فيه مؤنة، ولم تنصب فيه نصباً ، كان عرشك على الماء والظلمة على الهواء ، والملائكة يحملون عرشك ، ويسبحون بحمدك ، والخلق مطيع لك خاضع من خوفك ، لا يُرى فيه نور إلا نورك ، ولا يسمع فيه صوت إلا صوتك ، ثم فتحت خزائن النور وطريق الظلمة ، وكان ليلاً ونهاراً يختلفان بأمرك ، ثم أمرت الماء فجمد في وسط الهواء فجعلت منه سبعاً سميتهن السماوات ، وملائكتك يسبحون بحمدك غير محتاج إلى ذلك ثم أمرت الماء فانفتق من التراب ، وأمرت التراب أن يتميز من الماء ، فكان كذلك، فسميت جميع ذلك الأرضين ، وجميع الماء البحار .

ثم زرعت في أرضك كل نبات فيها بكلمة واحدة من تراب واحد ، يسقى بماء واحد ، فجاء على مشيئتك مختلفاً أكله ، ولونه وريحه ، وطعمه ، منه الحلو ، ومنه الحامض ، والمر ، والطيب ريحه ، والمنتن ، والقبيح ، والحسن ، ثم خلقت الشمس سراجاً ، والقمر نوراً ، والنجوم ضياء ، ثم خلقت من الماء دواب الماء وطير السماء ، فخلقت منها أعمى بَصَّرْتَه ، ومنها أصمّ أُذُنٍ فسمَّعْته ، ومنها ميت أنفس أحييته ، خلقت ذلك كله بكلمة واحدة ، منه ما عيشه الماء، ومنه مالا صبر له على الماء ، خلقاً مختلفاً في الأجسام والألوان ، جنسته أجناساً ، وزوجته أزواجاً ، وخلقته أصنافاً ، وألهمته الذي خلقته ، ثم خلقت من التراب والماء دواب الأرض وماشيتها وسباعها ، { فَمِنْهُم مَّن يَمْشِي عَلَى بَطْنِهِ وَمِنْهُم مَّن يَمْشِي عَلَى رِجْلَيْنِ وَمِنْهُم مَّن يَمْشِي عَلَى أَرْبَعٍ يَخْلُقُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ } ... (النور : 45) ومنهم العظيم والصغير ، تبارك الله أحسن الخالقين " .

ووراء هاتيك الستور محجـب بالحسن . كل العز تحت لوائه
لو أبصرت عيناك بعض جماله لبذلت منك الروح في إرضائــه
ما طابت الدنيـا بغير حديثـه كلا ، ولا الأخرى بدون لقائــه
يا خاسراً ، هانت عليه نفسـه إذ باعها بالغبن من أعدائــــه
لو كنت تعلم قدرْ ما قـد بعتَه لَفَسَخْتَ ذاك البيع قبل وفائـــه
أو كنت كُفواً للرشاد وللهـدى أبصرت . لكنْ لستَ من أكفائــه


فضيلة الشيخ / ناصر بن مسفر الزهراني