المواضيع الأخيرة
» [ Template ] كود اخر 20 موضوع و أفضل 10 أعضاء بلمنتدى و مع معرض لصور كالفي بيمن طرف naruto101 الجمعة ديسمبر 05, 2014 2:33 pm
» [Javascript]حصريا كود يقوم بتنبيه العضو بان رده قصير
من طرف احمد السويسي الخميس أغسطس 28, 2014 2:38 am
» نتائج شهادة البكالوريا 2014
من طرف menimeVEVO الثلاثاء يونيو 10, 2014 3:55 am
» من اعمالي موديلات جديدة وحصرية 2012
من طرف دفئ الشتاء الثلاثاء مارس 18, 2014 5:37 pm
» من ابداعات ساندرا،كما وعدتكم بعض من موديلاتها
من طرف دفئ الشتاء الثلاثاء مارس 18, 2014 4:49 pm
» قندوووووووورة جديدة تفضلواا
من طرف دفئ الشتاء الثلاثاء مارس 18, 2014 4:23 pm
» طلب صغير لو سمحتو
من طرف hothifa الإثنين ديسمبر 23, 2013 9:11 pm
» الان فقط وحصريا (استايل واند الالكتروني متعدد الالوان)
من طرف AGILIEDI الإثنين ديسمبر 23, 2013 8:34 pm
» جديد موديلات فساتين البيت بقماش القطيفة 2012 - تصاميم قنادر الدار بأشكال جديدة و قماش القطيفة - صور قنادر جزائرية
من طرف hadda32 الأحد ديسمبر 08, 2013 12:16 pm
» [Template] استايل منتدى سيدي عامر 2012
من طرف ßLẫĆҜ ĈĄŦ الأربعاء نوفمبر 20, 2013 6:46 pm
سحابة الكلمات الدلالية
•|.♥.|•تقنية النانو تغير الفلسفة العلاجية للسرطان •|. ♥.|•
صفحة 1 من اصل 1
•|.♥.|•تقنية النانو تغير الفلسفة العلاجية للسرطان •|. ♥.|•
•|.♥.|•تقنية النانو تغير الفلسفة العلاجية للسرطان •|. ♥.|•
يعد مرض السرطان من أشد الأمراض فتكا بالبشر إذ يشكل حوالي 13% من حالات الوفيات على مستوى العالم. وعلى ما يبذله الباحثون من جهد للحد من انتشاره والقضاء عليه،
فإنه ما يزال سببا من الأسباب الرئيسية للوفاة بحسب إحصائيات منظمة الصحة العالمية. وتتم معالجة المرضى المصابين بالسرطان بالتدخل الجراحي، والعلاج الكيماوي، والعلاج الإشعاعي.
وغالبا ما تنجح هذه الوسائل في التخلص من الورم المتركز في مكان واحد، إلا أنها لا تكفي في أغلب الأحيان للقضاء على الخلايا السرطانية المنتشرة في أماكن متفرقة من الجسم،
والتي من شأنها أن تعود وتتشكل في أورام جديدة نظرا لقدرة السرطان الفائقة في التغير والتكيف وصنع بيئة ملائمة لنموه من جديد داخل الجسم.
كما أن لتلك الطرق التقليدية في العلاج أن تلحق الضرر بأنسجة الجسم السليمة وأعضائه،
فتتسبب في حدوث الآثار الجانبية المعروفة بل وقد تساهم في تدهور حالات المرضى وتدفع بهم للوفاة. لذا جنح العلماء إلى العلاج المناعي للسرطان كوسيلة فعالة ودقيقة لعلاج هذا المرض[1].
جاءت فكرة العلاج المناعي للسرطان على ضوء نظرية نشوء السرطان بفعل الجهاز المناعي (Cancer Immunoediting).
تفترض هذه النظرية أن نشوء السرطان يمر بثلاث مراحل يلعب فيها الجهاز المناعي دورا محوريا يؤدي في النهاية إلى تمكن السرطان من الجسم.
المرحلة الأولى تسمى مرحلة الإبادة (Elimination) ويكون فيها الجهاز المناعي قادرا على أن يتعرف على خلايا السرطان ويميزها من خلايا الجسم الطبيعية فيقوم بالقضاء عليها.
إلا أن السرطان نظرا يبدأ في التكيف مع هذا الهجوم ويحاول أن لا يخسر المعركة أمام الجهاز المناعي، فيغير من خواصه الداخلية بحيث يزيل أسباب تعرف الجهاز المناعي عليه ويساعده في ذلك عدم انضباط أنظمته الجينية، وتبدأ من هنا المرحلة الثانية التي تسمى مرحلة الاتزان (Equilibrium)
والتي قد تمتد لفترة قد تصل أحيانا إلى عشرين سنة يكون فيها السرطان في حالة اتزان أو هدنة مع الجهاز المناعي، وخلال هذه الفترة يقضي الجهاز المناعي على خلايا السرطان إلا تلك الخلايا السرطانية التي استطاعت أن تحمي نفسها من الجهاز المناعي، فتدخل بعد ذلك في مرحلة الهروب (Escape)
وهي المرحلة الثالثة وفيها يتغلب السرطان على الجهاز المناعي بأن يكون قد طور إمكانياته للتخفي عنه بل ويقوم تثبيط قدرته على مكافحته،
فينمو السرطان في هذه البيئة إلى أن يصل لدرجة التشخيص. وقد دعمت الأبحاث المخبرية والدراسات الإكلينيكية هذه النظرية لتصبح مع مطلع القرن الحادي والعشرين أساسا في فهم آلية نشوء السرطان وتصميم الاستراتيجيات العلاجية لمكافحته.
ينقسم العلاج المناعي للسرطان إلى فرعين رئيسيين: العلاج التكميلي (
Passive immunotherapy)
والعلاج التحفيزي
(Active immunotherapy
).
فأما النوع الأول فيقوم على إعطاء المريض مكونات مناعية نشطة لتتعرف على السرطان وتقضي عليه، كالأجسام المضادة على سبيل المثال.
ولكن هذا النوع من المعالجة باهظ التكلفة،
وعيبه الرئيسي هو قصر عمر هذه المكونات المناعية مما يتطلب استمرارية في تزويد المريض بهذه المواد، وهذا أمر شديد العسر والخطورة،
بل ومن المحتمل أن يفقد العلاج فاعليته مع الوقت[2].
أما النوع الثاني (العلاج التحفيزي) فقائم على تحفيز الجهاز المناعي المثبط أصلا في المريض وإعادة تأهيله لمكافحة السرطان والقضاء عليه.
ومن مميزات هذا الأسلوب في العلاج تمكين الجهاز المناعي من التصدي للسرطان على عدة جبهات وبمختلف الأوجه، مما يحقق فاعلية أكبر من الحال مع العلاج التكميلي الآنف الذكر[3].
ويدعى هذا العلاج التحفيزي بلقاحات السرطان، وسميت بذلك لأنها الاستراتيجية نفسها التي قامت عليها اللقاحات المعروفة لتحفيز المناعة بغرض الوقاية من الأمراض. ولكن في لقاحات السرطان الهدف
هو العلاج لا الوقاية، لذا فإن هذا النوع من اللقاحات يحفز الجهاز المناعي في جسم المريض المصاب بالسرطان،
ولا تعطى للشخص السليم، أي أنها لقاحات تعيد تأهيل الجهاز المناعي للقضاء على السرطان الذي استطاع أن يتخفى عنه ويثبط عمله.
ومما يرغب كذلك في استخدام هذه اللقاحات
على الطرق التقليدية لعلاج السرطان هو دقتها في الأداء وقلة الآثار الجانبية المترتبة عليها، وكذلك إمكانية استمرارية مفعولها
لأنها بتحفيزها للجهاز المناعي تمكنه من تكوين خلايا مناعية ذاكرة تظل متيقظة لنشوء السرطان فتقضي عليه قبل تفاقمه.
للقاحات السرطان أربعة أنواع:
النوع الأول لقاح خلوي أي أنه يعتمد في مبدئه على إعطاء المريض خلايا تعمل عمل اللقاح، كأن تكون خلايا سرطانية معدلة بحيث تعمل على تحفيز الجهاز المناعي، أو نوعا منشطا من الخلايا المناعية تدعى الخلايا المتغصنة (Dendritic Cells) تقوم بدورها بتحفيز جهاز المناعة ضد السرطان، أو أن يعطى المريض خلايا أخرى معدلة وراثيا تفرز مواد تحفز الجهاز المناعي وتقاوم السرطان[4].
وبالرغم من النتائج الأولية الإجابية لمثل هذه الأساليب، إلا أنه من الصعب تطبيقها على المرضى في المستشفيات، لذلك لم تنجح كأسلوب علاج ولكنها نجحت في إثبات مبدأ فاعلية اللقاح.
أما النوع الثاني من لقاحات السرطان فهو المبني على إعطاء المريض أجزاء مستخلصة من الخلية السرطانية كبروتينات السرطان أو أحماضه الأمينية[5].
ولكن هذا النوع فشل في تحفيز الجهاز المناعي في المرضى بالصورة المرجوة.
وأما النوع الثالث فمبني على حقن المريض بفيروسات تحمل جينات السرطان على غرار الفيروسات المستخدمة في اللقاحات العادية للوقاية،
إلا أن خطورة هذا الأسلوب على الجسم أدت إلى الحد من تداوله، كما أنه اتضح أن الاستخدام المتكرر لهذه الحوامل الفيروسية
ينتج ردة فعل من الجهاز المناعي ضدها باعتبارها جسما غريبا، فتقل فاعليتها في العلاج[6].
وأما النوع الأخير فهو لقاحات السرطان المحمولة في جسيمات النانو. ويعد هذا النوع آخر ما توصل له العلم من أساليب لتطوير لقاحات السرطان العلاجية
المحفزة لمناعة المريض. ومن المستحسن أن نعطي نبذة عن الفكرة التي تقوم عليها هذه اللقاحات ثم نرى كيف تدخلت تقنية النانو لتحقيقها.
هذه اللقاحات في أصلها هي أجزاء من بروتينات ينتجها السرطان يمكن للجهاز المناعي التعرف عليها، إلا أن استخدامها بهذا الشكل لم ينجح في استثارة الجهاز المناعي،
وهذا يعود لعدة أسباب:
أولا لأن خواص السرطان المثبطة لقدرة الجهاز المناعي تحول دون استفادة خلايا المناعة من اللقاح في شكله الأصلي،
وثانيا لأن هذه البروتينات سريعة التكسر والعطب داخل الجسم إن أعطيت بشكلها الطبيعي.
لذلك اتبع العلماء استراتيجية لعمل اللقاح بطريقة تحميه من العطب السريع في الجسم وتكسر حلقة التثبيط الذي يضعها السرطان على الجهاز المناعي. وتتلخص هذه الاستراتيجية بأن تجمع البروتينات السرطانية مع مواد جرثومية محفزة للجهاز المناعي وتحمل جميعا على جسيمات تلتقطها الخلايا المتغصنة دون غيرها. وبما أن وظيفة الخلايا المتغصنة أصلا هو التعرف على الجراثيم والتقاطها وتقديمها للخلايا الفعالة في الجهاز المناعي،
فإنها ستقوم بالشيء نفسه مع هذه الجسيمات فتتعرف عليها كما تتعرف على البكتيريا تماما، وتلتقطها وتستخلص ما بها من مكونات، وتقدمها لخلايا Tالمناعية بنوعيها المساعدة (+CD4) والقاتلة
CD8+)<FONT face=Arial)> ، فيعاد تنشيطها وتتعرف بدورها على السرطان وتبدأ بمهاجمته[7]
ولتنفيذ هذه الفكرة تطلب الأمر تضافرا لعدة مجالات بحثية كعلم المناعة وعلم الأحياء الجزيئي وعلم كيمياء البوليمرات وعلم الصيدلانيات لتساهم جميعا في خلق هذا المنتج الفعال. ووجد الباحثون في تقنية النانو أملا لتجاوز هذه العقبات، وإمكانية للوصول إلى لقاح علاجي فعال.
فما الذي يمكن لتقنية النانو أن تقدمه في مجال العلاج المناعي للسرطان؟
بما أن الخلايا المستهدفة بهذا اللقاح هي الخلايا المتغصنة، فإنه من الحكمة أن نمكن هذه الخلايا وحدها من التقاط اللقاح دون غيرها من خلايا الجسم.
وما يميز الخلايا المتغصنة عن بقية خلايا الجسم هو قدرتها الفائقة في ابتلاع الميكروبات وتحليلها وتقديم مكوناتها للجهاز المناعي،
ولهذا الغرض استخدمت تقنية النانو في تصنيع جسيمات حاملة لبروتينات السرطان والمركبات الجرثومية المحفزة للمناعة،
هذه الجسيمات عبارة عن كريات متناهية في الصغر (Nanoparticles) تصنع من بوليمرات طبيعية مثل (Albumin) أو صناعية مثل (PLGA) ويتراوح حجم أحدها بين 200 إلى 500 نانوميتر، أي أنها في حجم البكتيريا، لذا تتعرف عليها الخلايا المتغصنة وتلتقطها دون غيرها من خلايا الجسم،
وتتعامل معها كما تتعامل مع البكتيريا تماما، فتستخلص البروتينات السرطانية الموجودة بداخلها لتحفز الجهاز المناعي ولكن هذه المرة ضد السرطان.
وقد أثبتت الدراسات المخبرية أن الخلايا المتغصنة تلتقط لقاح السرطان حين يوضع في جسيمات النانو تلك 1000 مرة أكثر مما لو أعطيت اللقاحات دون هذه الجسيمات. كما أن هذه الجسيمات تحمي بروتينات السرطان من العطب داخل الجسم، وأدى هذا إلى امتداد مفعول اللقاح أكثر مما لو أعطي دون جسيمات النانو، ولهذا الأثر فائدة تطبيقية كبيرة لأنه يقلل من عدد جرعات العلاج المعطاة ويباعد بينها، وهذا الأمر ولا شك يخفف المشقة على المرضى وعلى المستشفى في آن واحد.
وحري بالذكر أن لقاح السرطان المثالي يجب أن يستوعب حمل عدة مواد محفزة للجهاز المناعي والتي قد تتفاوت في خواصها الكيميائية والفيزيائية مما يعسر المهمة في وضعها جميعا في حامل واحد. وقد أفاد العلماء من تقنية النانو فأنتجو مواد قادرة على حمل هذه المحفزات في الجسيمات نفسها الحاملة لبروتينات السرطان. وهذه المواد المحفزة هي أصلا مركبات مشتقة من الجراثيم مثل أجزاء من جدار البكتيريا أو بروتيناتها أو أحماضها النووية، وتدعى جميعا بالطراز الجزيئي الجرثومي (Pathogen-Associated Molecular Pattern)، إلا أن هذه المواد الجرثومية معالجة كيميائا لتخفيف آثارها الضارة على الجسم مع الحفاظ على قدرتها المنشطة للجهاز المناعي. فتحمل هذه المواد المحفزة مع لقاح السرطان على جسيمات النانو، وحين تلتقطها الخلايا المتغصنة تقوم بالتعرف عليها كما تتعرف على الجراثيم، وذلك لأن المواد المحفزة مواد جرثومية أصلا، فتظن الخلايا المتغصنة أنها التقطت جرثومة، وذلك لأن المواد الجرثومية ترتبط بمستقبلات على غشاء الخلايا المتغصنة تدعى بمستقبلات تمييز الطراز (Pattern-Recognition Receptors) التي تؤدي عند استثارتها إلى تنشيط الخلايا المتغصنة فتزيد من تحفيزها للخلايا القاتلة للسرطان (CD8).
وهكذا أصبح مكنتنا جسيمات النانو من عمل لقاحات أتت بنتائج إيجابية في الدراسات المخبرية. واليوم تخوض العديد من هذه اللقاحات مرحلة التجارب الإكلينيكية المتقدمة ويوشك بعضها أن يرى النور قريبا.
ولأن السرطان يقاوم الجهاز المناعي من خلال تثبيط نشاط الخلايا المتغصنة، فكر العلماء بتحميل جسيمات النانو مواد تقاوم تأثير السرطان المثبط على الخلايا المتغصنة، وتعيد بذلك نشاط الخلايا المتغصنة. وكمثال على ذلك اكتشف مؤخرا بروتين يمد السرطان بخواصه المثبطة للجهاز المناعي يدعى (STAT3) ،
يقوم هذا البروتين بتصنيع مواد يفرزها السرطان في محيطه، فتؤثر على الخلايا المجاورة له ومنها الخلايا المتغصنة، وتزيد من إنتاج مادة (STAT3)بداخلها. وحين ترتفع نسبة (STAT3) داخل الخلايا المتغصنة فإنها تثبط عن أداء دورها بل تصبح مساهمة في شل حركة الجهاز المناعي تجاه السرطان.
وقد توصل العلم إلى استحداث مواد من شأنها تثبيط بروتين (STAT3) داخل الخلايا المتغصنة وتعيد بذلك كفاءتها المناعية.
ومن الأمثلة الحديثة لمثل هذه المواد مادة تتألف من شريط قصير من الحمض النووي الريبوزي يسمى (siRNA). يعمل هذا الحمض على منع إنتاج أي بروتين يوجه ضده. فهنا على سبيل المثال نريد أن نمنع تكوين بروتين (STAT3) داخل الخلايا المتغصنة، فإننا نضيف إلى لقاحات السرطان الآنفة الذكر هذا الحمض النووي ونختار النوع الذي يثبط تكوين هذا البروتين الضار بالذات. وباستخدام تقنية النانو نصنع هذه التوليفة التي تؤدي إلى رفع الكفاءة العلاجية للقاحات السرطان[8].
وهذا التطبيق يدخل ضمن فرع تقنية النانو الحيوية (Nanobiotechnology) الذي سخر تقنية النانو للإفادة من مخرجات التقنية الحيوية.
لقد مكننا استيعاب المفهوم الجديد لنشوء السرطان وعلاقته بالجهاز المناعي من التفكير في آليات حديثة للقضاء عليه أكثر فاعلية وأقل خطرا من الآليات التقليدية. ولثورة تقنية النانو الأثر البالغ في تحسين أداء هذه الآلية العلاجية وذلك بالنظر إلى زوايا المرض الدقيقة والتدخل المباشر للقضاء عليه بأفضل وسيلة ممكنة. وربما يحمل لنا المستقبل في جعبته الكثير، ولربما تلحق بثورة النانو ثورات تقنية أخرى تجعل ما نراه اليوم فتحا أمرا عفى عليه الزمن. ولكن علينا أن لا نغفل عن أن المرض صاحب ثورات هو الآخر، وأن الصراع بيننا وبينه لا ينتهي.
يعد مرض السرطان من أشد الأمراض فتكا بالبشر إذ يشكل حوالي 13% من حالات الوفيات على مستوى العالم. وعلى ما يبذله الباحثون من جهد للحد من انتشاره والقضاء عليه،
فإنه ما يزال سببا من الأسباب الرئيسية للوفاة بحسب إحصائيات منظمة الصحة العالمية. وتتم معالجة المرضى المصابين بالسرطان بالتدخل الجراحي، والعلاج الكيماوي، والعلاج الإشعاعي.
وغالبا ما تنجح هذه الوسائل في التخلص من الورم المتركز في مكان واحد، إلا أنها لا تكفي في أغلب الأحيان للقضاء على الخلايا السرطانية المنتشرة في أماكن متفرقة من الجسم،
والتي من شأنها أن تعود وتتشكل في أورام جديدة نظرا لقدرة السرطان الفائقة في التغير والتكيف وصنع بيئة ملائمة لنموه من جديد داخل الجسم.
كما أن لتلك الطرق التقليدية في العلاج أن تلحق الضرر بأنسجة الجسم السليمة وأعضائه،
فتتسبب في حدوث الآثار الجانبية المعروفة بل وقد تساهم في تدهور حالات المرضى وتدفع بهم للوفاة. لذا جنح العلماء إلى العلاج المناعي للسرطان كوسيلة فعالة ودقيقة لعلاج هذا المرض[1].
جاءت فكرة العلاج المناعي للسرطان على ضوء نظرية نشوء السرطان بفعل الجهاز المناعي (Cancer Immunoediting).
تفترض هذه النظرية أن نشوء السرطان يمر بثلاث مراحل يلعب فيها الجهاز المناعي دورا محوريا يؤدي في النهاية إلى تمكن السرطان من الجسم.
المرحلة الأولى تسمى مرحلة الإبادة (Elimination) ويكون فيها الجهاز المناعي قادرا على أن يتعرف على خلايا السرطان ويميزها من خلايا الجسم الطبيعية فيقوم بالقضاء عليها.
إلا أن السرطان نظرا يبدأ في التكيف مع هذا الهجوم ويحاول أن لا يخسر المعركة أمام الجهاز المناعي، فيغير من خواصه الداخلية بحيث يزيل أسباب تعرف الجهاز المناعي عليه ويساعده في ذلك عدم انضباط أنظمته الجينية، وتبدأ من هنا المرحلة الثانية التي تسمى مرحلة الاتزان (Equilibrium)
والتي قد تمتد لفترة قد تصل أحيانا إلى عشرين سنة يكون فيها السرطان في حالة اتزان أو هدنة مع الجهاز المناعي، وخلال هذه الفترة يقضي الجهاز المناعي على خلايا السرطان إلا تلك الخلايا السرطانية التي استطاعت أن تحمي نفسها من الجهاز المناعي، فتدخل بعد ذلك في مرحلة الهروب (Escape)
وهي المرحلة الثالثة وفيها يتغلب السرطان على الجهاز المناعي بأن يكون قد طور إمكانياته للتخفي عنه بل ويقوم تثبيط قدرته على مكافحته،
فينمو السرطان في هذه البيئة إلى أن يصل لدرجة التشخيص. وقد دعمت الأبحاث المخبرية والدراسات الإكلينيكية هذه النظرية لتصبح مع مطلع القرن الحادي والعشرين أساسا في فهم آلية نشوء السرطان وتصميم الاستراتيجيات العلاجية لمكافحته.
ينقسم العلاج المناعي للسرطان إلى فرعين رئيسيين: العلاج التكميلي (
Passive immunotherapy)
والعلاج التحفيزي
(Active immunotherapy
).
فأما النوع الأول فيقوم على إعطاء المريض مكونات مناعية نشطة لتتعرف على السرطان وتقضي عليه، كالأجسام المضادة على سبيل المثال.
ولكن هذا النوع من المعالجة باهظ التكلفة،
وعيبه الرئيسي هو قصر عمر هذه المكونات المناعية مما يتطلب استمرارية في تزويد المريض بهذه المواد، وهذا أمر شديد العسر والخطورة،
بل ومن المحتمل أن يفقد العلاج فاعليته مع الوقت[2].
أما النوع الثاني (العلاج التحفيزي) فقائم على تحفيز الجهاز المناعي المثبط أصلا في المريض وإعادة تأهيله لمكافحة السرطان والقضاء عليه.
ومن مميزات هذا الأسلوب في العلاج تمكين الجهاز المناعي من التصدي للسرطان على عدة جبهات وبمختلف الأوجه، مما يحقق فاعلية أكبر من الحال مع العلاج التكميلي الآنف الذكر[3].
ويدعى هذا العلاج التحفيزي بلقاحات السرطان، وسميت بذلك لأنها الاستراتيجية نفسها التي قامت عليها اللقاحات المعروفة لتحفيز المناعة بغرض الوقاية من الأمراض. ولكن في لقاحات السرطان الهدف
هو العلاج لا الوقاية، لذا فإن هذا النوع من اللقاحات يحفز الجهاز المناعي في جسم المريض المصاب بالسرطان،
ولا تعطى للشخص السليم، أي أنها لقاحات تعيد تأهيل الجهاز المناعي للقضاء على السرطان الذي استطاع أن يتخفى عنه ويثبط عمله.
ومما يرغب كذلك في استخدام هذه اللقاحات
على الطرق التقليدية لعلاج السرطان هو دقتها في الأداء وقلة الآثار الجانبية المترتبة عليها، وكذلك إمكانية استمرارية مفعولها
لأنها بتحفيزها للجهاز المناعي تمكنه من تكوين خلايا مناعية ذاكرة تظل متيقظة لنشوء السرطان فتقضي عليه قبل تفاقمه.
للقاحات السرطان أربعة أنواع:
النوع الأول لقاح خلوي أي أنه يعتمد في مبدئه على إعطاء المريض خلايا تعمل عمل اللقاح، كأن تكون خلايا سرطانية معدلة بحيث تعمل على تحفيز الجهاز المناعي، أو نوعا منشطا من الخلايا المناعية تدعى الخلايا المتغصنة (Dendritic Cells) تقوم بدورها بتحفيز جهاز المناعة ضد السرطان، أو أن يعطى المريض خلايا أخرى معدلة وراثيا تفرز مواد تحفز الجهاز المناعي وتقاوم السرطان[4].
وبالرغم من النتائج الأولية الإجابية لمثل هذه الأساليب، إلا أنه من الصعب تطبيقها على المرضى في المستشفيات، لذلك لم تنجح كأسلوب علاج ولكنها نجحت في إثبات مبدأ فاعلية اللقاح.
أما النوع الثاني من لقاحات السرطان فهو المبني على إعطاء المريض أجزاء مستخلصة من الخلية السرطانية كبروتينات السرطان أو أحماضه الأمينية[5].
ولكن هذا النوع فشل في تحفيز الجهاز المناعي في المرضى بالصورة المرجوة.
وأما النوع الثالث فمبني على حقن المريض بفيروسات تحمل جينات السرطان على غرار الفيروسات المستخدمة في اللقاحات العادية للوقاية،
إلا أن خطورة هذا الأسلوب على الجسم أدت إلى الحد من تداوله، كما أنه اتضح أن الاستخدام المتكرر لهذه الحوامل الفيروسية
ينتج ردة فعل من الجهاز المناعي ضدها باعتبارها جسما غريبا، فتقل فاعليتها في العلاج[6].
وأما النوع الأخير فهو لقاحات السرطان المحمولة في جسيمات النانو. ويعد هذا النوع آخر ما توصل له العلم من أساليب لتطوير لقاحات السرطان العلاجية
المحفزة لمناعة المريض. ومن المستحسن أن نعطي نبذة عن الفكرة التي تقوم عليها هذه اللقاحات ثم نرى كيف تدخلت تقنية النانو لتحقيقها.
هذه اللقاحات في أصلها هي أجزاء من بروتينات ينتجها السرطان يمكن للجهاز المناعي التعرف عليها، إلا أن استخدامها بهذا الشكل لم ينجح في استثارة الجهاز المناعي،
وهذا يعود لعدة أسباب:
أولا لأن خواص السرطان المثبطة لقدرة الجهاز المناعي تحول دون استفادة خلايا المناعة من اللقاح في شكله الأصلي،
وثانيا لأن هذه البروتينات سريعة التكسر والعطب داخل الجسم إن أعطيت بشكلها الطبيعي.
لذلك اتبع العلماء استراتيجية لعمل اللقاح بطريقة تحميه من العطب السريع في الجسم وتكسر حلقة التثبيط الذي يضعها السرطان على الجهاز المناعي. وتتلخص هذه الاستراتيجية بأن تجمع البروتينات السرطانية مع مواد جرثومية محفزة للجهاز المناعي وتحمل جميعا على جسيمات تلتقطها الخلايا المتغصنة دون غيرها. وبما أن وظيفة الخلايا المتغصنة أصلا هو التعرف على الجراثيم والتقاطها وتقديمها للخلايا الفعالة في الجهاز المناعي،
فإنها ستقوم بالشيء نفسه مع هذه الجسيمات فتتعرف عليها كما تتعرف على البكتيريا تماما، وتلتقطها وتستخلص ما بها من مكونات، وتقدمها لخلايا Tالمناعية بنوعيها المساعدة (+CD4) والقاتلة
CD8+)<FONT face=Arial)> ، فيعاد تنشيطها وتتعرف بدورها على السرطان وتبدأ بمهاجمته[7]
ولتنفيذ هذه الفكرة تطلب الأمر تضافرا لعدة مجالات بحثية كعلم المناعة وعلم الأحياء الجزيئي وعلم كيمياء البوليمرات وعلم الصيدلانيات لتساهم جميعا في خلق هذا المنتج الفعال. ووجد الباحثون في تقنية النانو أملا لتجاوز هذه العقبات، وإمكانية للوصول إلى لقاح علاجي فعال.
فما الذي يمكن لتقنية النانو أن تقدمه في مجال العلاج المناعي للسرطان؟
بما أن الخلايا المستهدفة بهذا اللقاح هي الخلايا المتغصنة، فإنه من الحكمة أن نمكن هذه الخلايا وحدها من التقاط اللقاح دون غيرها من خلايا الجسم.
وما يميز الخلايا المتغصنة عن بقية خلايا الجسم هو قدرتها الفائقة في ابتلاع الميكروبات وتحليلها وتقديم مكوناتها للجهاز المناعي،
ولهذا الغرض استخدمت تقنية النانو في تصنيع جسيمات حاملة لبروتينات السرطان والمركبات الجرثومية المحفزة للمناعة،
هذه الجسيمات عبارة عن كريات متناهية في الصغر (Nanoparticles) تصنع من بوليمرات طبيعية مثل (Albumin) أو صناعية مثل (PLGA) ويتراوح حجم أحدها بين 200 إلى 500 نانوميتر، أي أنها في حجم البكتيريا، لذا تتعرف عليها الخلايا المتغصنة وتلتقطها دون غيرها من خلايا الجسم،
وتتعامل معها كما تتعامل مع البكتيريا تماما، فتستخلص البروتينات السرطانية الموجودة بداخلها لتحفز الجهاز المناعي ولكن هذه المرة ضد السرطان.
وقد أثبتت الدراسات المخبرية أن الخلايا المتغصنة تلتقط لقاح السرطان حين يوضع في جسيمات النانو تلك 1000 مرة أكثر مما لو أعطيت اللقاحات دون هذه الجسيمات. كما أن هذه الجسيمات تحمي بروتينات السرطان من العطب داخل الجسم، وأدى هذا إلى امتداد مفعول اللقاح أكثر مما لو أعطي دون جسيمات النانو، ولهذا الأثر فائدة تطبيقية كبيرة لأنه يقلل من عدد جرعات العلاج المعطاة ويباعد بينها، وهذا الأمر ولا شك يخفف المشقة على المرضى وعلى المستشفى في آن واحد.
وحري بالذكر أن لقاح السرطان المثالي يجب أن يستوعب حمل عدة مواد محفزة للجهاز المناعي والتي قد تتفاوت في خواصها الكيميائية والفيزيائية مما يعسر المهمة في وضعها جميعا في حامل واحد. وقد أفاد العلماء من تقنية النانو فأنتجو مواد قادرة على حمل هذه المحفزات في الجسيمات نفسها الحاملة لبروتينات السرطان. وهذه المواد المحفزة هي أصلا مركبات مشتقة من الجراثيم مثل أجزاء من جدار البكتيريا أو بروتيناتها أو أحماضها النووية، وتدعى جميعا بالطراز الجزيئي الجرثومي (Pathogen-Associated Molecular Pattern)، إلا أن هذه المواد الجرثومية معالجة كيميائا لتخفيف آثارها الضارة على الجسم مع الحفاظ على قدرتها المنشطة للجهاز المناعي. فتحمل هذه المواد المحفزة مع لقاح السرطان على جسيمات النانو، وحين تلتقطها الخلايا المتغصنة تقوم بالتعرف عليها كما تتعرف على الجراثيم، وذلك لأن المواد المحفزة مواد جرثومية أصلا، فتظن الخلايا المتغصنة أنها التقطت جرثومة، وذلك لأن المواد الجرثومية ترتبط بمستقبلات على غشاء الخلايا المتغصنة تدعى بمستقبلات تمييز الطراز (Pattern-Recognition Receptors) التي تؤدي عند استثارتها إلى تنشيط الخلايا المتغصنة فتزيد من تحفيزها للخلايا القاتلة للسرطان (CD8).
وهكذا أصبح مكنتنا جسيمات النانو من عمل لقاحات أتت بنتائج إيجابية في الدراسات المخبرية. واليوم تخوض العديد من هذه اللقاحات مرحلة التجارب الإكلينيكية المتقدمة ويوشك بعضها أن يرى النور قريبا.
ولأن السرطان يقاوم الجهاز المناعي من خلال تثبيط نشاط الخلايا المتغصنة، فكر العلماء بتحميل جسيمات النانو مواد تقاوم تأثير السرطان المثبط على الخلايا المتغصنة، وتعيد بذلك نشاط الخلايا المتغصنة. وكمثال على ذلك اكتشف مؤخرا بروتين يمد السرطان بخواصه المثبطة للجهاز المناعي يدعى (STAT3) ،
يقوم هذا البروتين بتصنيع مواد يفرزها السرطان في محيطه، فتؤثر على الخلايا المجاورة له ومنها الخلايا المتغصنة، وتزيد من إنتاج مادة (STAT3)بداخلها. وحين ترتفع نسبة (STAT3) داخل الخلايا المتغصنة فإنها تثبط عن أداء دورها بل تصبح مساهمة في شل حركة الجهاز المناعي تجاه السرطان.
وقد توصل العلم إلى استحداث مواد من شأنها تثبيط بروتين (STAT3) داخل الخلايا المتغصنة وتعيد بذلك كفاءتها المناعية.
ومن الأمثلة الحديثة لمثل هذه المواد مادة تتألف من شريط قصير من الحمض النووي الريبوزي يسمى (siRNA). يعمل هذا الحمض على منع إنتاج أي بروتين يوجه ضده. فهنا على سبيل المثال نريد أن نمنع تكوين بروتين (STAT3) داخل الخلايا المتغصنة، فإننا نضيف إلى لقاحات السرطان الآنفة الذكر هذا الحمض النووي ونختار النوع الذي يثبط تكوين هذا البروتين الضار بالذات. وباستخدام تقنية النانو نصنع هذه التوليفة التي تؤدي إلى رفع الكفاءة العلاجية للقاحات السرطان[8].
وهذا التطبيق يدخل ضمن فرع تقنية النانو الحيوية (Nanobiotechnology) الذي سخر تقنية النانو للإفادة من مخرجات التقنية الحيوية.
لقد مكننا استيعاب المفهوم الجديد لنشوء السرطان وعلاقته بالجهاز المناعي من التفكير في آليات حديثة للقضاء عليه أكثر فاعلية وأقل خطرا من الآليات التقليدية. ولثورة تقنية النانو الأثر البالغ في تحسين أداء هذه الآلية العلاجية وذلك بالنظر إلى زوايا المرض الدقيقة والتدخل المباشر للقضاء عليه بأفضل وسيلة ممكنة. وربما يحمل لنا المستقبل في جعبته الكثير، ولربما تلحق بثورة النانو ثورات تقنية أخرى تجعل ما نراه اليوم فتحا أمرا عفى عليه الزمن. ولكن علينا أن لا نغفل عن أن المرض صاحب ثورات هو الآخر، وأن الصراع بيننا وبينه لا ينتهي.
مواضيع مماثلة
» الزلة التنفسية وتدابيرها العلاجية
» الـــدوار واخـتــلال الـتـــوازن وتدابيرهما العلاجية
» ***الحكمة من استخدام المراهم والكريمات العلاجية***
» الصوم الطبي.. فوائده العلاجية عديدة ومتنوعة
» العنب مقاوم طبيعي للسرطان
» الـــدوار واخـتــلال الـتـــوازن وتدابيرهما العلاجية
» ***الحكمة من استخدام المراهم والكريمات العلاجية***
» الصوم الطبي.. فوائده العلاجية عديدة ومتنوعة
» العنب مقاوم طبيعي للسرطان
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى