ليس فى الشباب تطرف

قول أبو الطيب المتنبي :

لا تعذل المشتاق في أشواقه حتى يكون حشاك في أحشائه

فالقلب أعلم يا عذول بدائه وأحق منك بجرحه وبمائه

بين الفينة والأخرى يتردد في أوساط اللاهين العابثين قولهم عن الملتزمين من شباب الصحوة: أنهم متطرفون ومتزمتون ومتخلفون، وهذا ظلم لا نرضاه وضيم نأباه ونرفضه.
فهل المحافظة على الأوامر الإلهية تطرف؟
هل اجتناب مناهيه سبحانه تطرف؟
هل التلاوة والذكر، وطلب العلم، واتباع السنة، وحسن الخلق، والاقتداء بالسلف تطرف؟
إذاً ما هو الاعتدال في نظر هؤلاء:

إذا عير الطائي بالبخل مادر وعير قساً بالفهاهة باقل

وقال الدجى للشمس أنت كسيفة وقال السهى للبدر وجهك حائل

فيا موت زر إن الحياة ذميمة ويا نفس جدي إن دهرك هازل

أتدرون ما هو التطرف؟
إنه الصد عن منهج الله، والاستهزاء بأولياء الله، والإعراض عن كتاب الله وسنة رسول الله، التطرف هو الكأس والسهرة الماجنة والأغنية الساقطة والفحش، التطرف هو السقوط في الرذائل وبيع الفضائل في سوق:

من يهن يسهل الهوان عليه فما لجرح بميت إيلام

ولكن سوف يصبر على النيل والكيد أبطال الصحوة، ويعلمون أن هذه سنة الله تعالى: ((وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ وَكَفَى بِرَبِّكَ هَادِيًا وَنَصِيرًا)) وقال: ((وَجَعَلْنَا بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً أَتَصْبِرُونَ وَكَانَ رَبُّكَ بَصِيرًا)).
إننا نشكو من التطرف اللاديني الذي أنبت لنا فئات علمانية أرضية لا دينية لا تؤمن برسالة ولا تتجه إلى قبلة، ولا تعرفت تعرف مسجداً، ولا تحمل مبدأ: ((أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إِلَّا كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلًا)).
ولكن لا ضير من كلام هؤلاء ولا انزعاج من فلتات ألسنتهم:

هنيئاً مريئاً غير داء مخامر لعزة من أعراضنا ما استحلت

عزاؤنا أن ولينا الله: ((ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ مَوْلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَأَنَّ الْكَافِرِينَ لا مَوْلَى لَهُمْ))، وعزاؤنا أنا أعلى وأجل: ((وَلا تَهِنُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ)).

ولو كان خصمي فارساً لاتقيته ولكنه يا قوم سقط مذبذب

أصون رماحي في الوغى أن تنوشه وكفاه يا أبطال في الطين تلعب

والله عز وجل وصف أعداءه بأنهم عادون ومسرفون، وهو ما يعرف بمصطلح العصر متطرفون.
والصهيونية العالمية هي التي تبنت هذه الكلمة ونشرتها، وأعانها عليها قوم آخرون فقد جاؤوا ظلماً وزوراً.
إن كان في الصحوة من يتشدد في اتباع السنة أو يغلو فهذه صورة نادرة لا ظاهرة، ولكن الحشد الهائل يبقى وسطاً معتدلاً رائعاً موفقاً:

هم القوم إن قالوا أصابوا وإن دعوا أجابوا وإن أعطوا أطابوا وأجزلوا

بهاليل (1) في الإسلام سادوا ولم يكن لأولهم يوم المعارك أول