وصايا للشباب

عندي وصايا خفيفة للشباب، وقد كررتها كثيراً في عدة مواضع.
وبعض الأخوة كتب إلَّي رسائل وكلمني، وقال: نجد بعض الأحاديث في محاضراتك ودروسك وبعض القصص في كتبك تتكرر.
أقول: هل تريدنا دائماً أن نأتي بجديد؟
فنحن لسنا فنانين نأتي كل يوم بأغنية، نحن نتعامل مع الكتاب والسنة، فقصة موسى في القرآن أعيدت ما يزيد عن ثلاثة وعشرين مرة، تأتي في البقرة، ثم تأتى في الأعراف، ثم تأتي في يونس، ثم تأتي في طه، ثم في الشعراء، ثم في القصص وهكذا.
فكتابنا يتجدد، لكن بأساليب إذا أتيت بالقصة اعرضها في أسلوب، ثم ردها في أسلوب آخر، ثم اقلبها في أسلوب ثالث، حتى يقبلها الناس. فالتكرار منقبة وليس مثلبة.

قالوا تكرر قلتُ أحلى علماً من الأرواح أغلى

فإذا ذكرتُ محمداً قال الملأ أهلاً وسهلاً

ويقول آخر:

كرر العلم يا كرم المحيا وتدبره فالمكرر أحلى

فأنت لا تضجر من المكرر.
أقول: من المكررات في الوصايا: أوصيكم بطلب العلم، وتحصيل العلم كباراً وصغاراً، فليس عندنا في الإسلام: سن لطلب العلم، فالعلم معك حتى تدخل في القبر، فهو من المهد إلى اللحد.
يقول البخاري : وتعلم أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم كباراً.
فأنت تحرص على العلم في الستين والسبعين والثمانين، والعلم مبذول الآن، وله وسائل عجيبة منها: حلقات في المسجد، ومنها: كتب، ومنها: شريط إسلامي، ومنها: كتيبات، ومنها: سؤال أهل العلم على الهاتف، وغيرها كثير.
فأوصيكم به، ولن يضل طالب العلم، طالب العلم على بصيرة.
وطالب العلم يسلمه من الشهوات والشبهات.
وطالب العلم مسدّد.
وطالب العلم عنده نور.
وطالب العلم يزداد إيماناً كل يوم.
وطالب العلم كما صح في الحديث: (تستغفر له حيتان البحر وطيور السماء حتى النملة).
والحمد لله العلم في بلادنا سهل ميسر، فالمساجد منتشرة، والكتب محققة، والعلماء متواجدون.
أسأل الله أن يوفقني وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح.
وهذا آخر ما تيسر لي كتابته في مصارع العشاق ، فما كان من صواب فمن الله وتأييده، وما كان من خطأ فمن ضعفي وعجزي، واسأل الله العفو والعافية والمغفرة.

عين الرضا عن كل عيب كليلة وعين السخط تبدي المساويا

كتبه
د. عائض القرني