أثر تعظيم جناب التوحيد في توحيد أمة بعد تفرقها

1_ من أهمية التوحيد .
2_ شأن التوحيد كبير, وإن أثره لجلل.
3_و في أثر شأن التوحيد وأن عليه يتم الالتقاء.
4_لا شك أن سلامة عقيدة التوحيد, هي المعين الأكبر على تآلف القلوب.


أهم ما ينبغي أن ندركه هنا هو أن إعلاء التوحيد في شتى مناحي الأرض و تفاني الأفراد والجماعات بنشره يوحد الأمة بعد أن تعبت في غياهب التفرق ففتقدت _بقدر معين_ ركيزة أساسية من ركائز الأنتصار على هجمات العداء الغربي السافر.

إن هذه الوسيلة تعتبر أحد الدعائم التي لا نصل إلى بر آمن من التآلف الاتحاد إلا بتحقيقها علما وعملا ودعوة.

نذكر _ابتداء ً_ أهمية جناب التوحيد لغياب هذا المعلم عن بعض الأفراد و الجماعات في قائمة أهدافهم , و تنحيتهم له _بقدر ما_ عن واقع الأمة من أجل : الطريق إلى وحدة المسلمين , لكن على غير هدى من الله ثم يتطرق إلينا علاقة التوحيد بتآلف أبناء الأمة.
1_ من أهمية التوحيد .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : " وقد بين الله هذا التوحيد فى كتابه وحسم مواد الإشراك به حتى لا يخاف أحد غير الله ولا يرجو سواه ولا يتوكل إلا عليه... وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يحقق هذا التوحيد لأمته ويحسم عنهم مواد الشرك إذ هذا تحقيق قولنا لا إله إلا الله فإن الإله هو الذي تألهه القلوب لكمال المحبة والتعظيم والإجلال والإكرام والرجاء والخوف " .
الفتاوى ج1 / ص 114.

ومن أهمية التوحيد ما ذكره ابن أبي العز الحنفي حين قال : " أعلم أن التوحيد أول دعوة الرسل وأول منازل الطريق وأول مقام يقوم فيه السالك إلى الله عز وجل قال تعالى : { لقد أرسلنا نوحا إلى قومه فقال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره } وقال هود عليه السلام لقومه : { اعبدوا الله ما لكم من إله غيره } وقال صالح عليه السلام لقومه : { اعبدوا الله ما لكم من إله غيره } وقال شعيب عليه السلام لقومه : { اعبدوا الله ما لكم من إله غيره } وقال تعالى : { ولقد بعثنا في كل أمة رسولا أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت } وقال تعالى : { وما أرسلنا من قبلك من رسول إلا نوحي إليه أنه لا إله إلا أنا فاعبدون } [ وقال صلى الله عليه وسلم : أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله ] ولهذا كان الصحيح أن أول واجب يجب على المكلف شهادة أن لا إله إلا الله لا النظر ولا القصد إلى النظر ولا الشك "
شرح العقيدة الطحاوية ج1/ص 21_23 .
2_لذا فإن شأن التوحيد كبير, وإن أثره لجلل.
وهذا ما يجعل العلامة ابن القيم يقول (في الفوائد ص187) : " التوحيد ألطف شيء وأنزهه وأنظفه وأصفاه فأدنى شيء يخدشه ويدنسه.
ويؤثر فيه فهو كأبيض ثوب يكون يؤثر فيه أدنى أثر وكالمرآة الصافية جدا أدنى شيء يؤثر فيها" .

3_و في أثر شأن التوحيد وأن عليه يتم الالتقاء : يقول الشيخ عبد الرحمن عبد الخالق حفظه الله : " إذن الخطوة الأولى نحو عز الأمة ونصرها وتمكينها في الدنيا, ثم كذلك سعادتها في الآخرة, و فوزها برضوان الله عز وجل, ينبغي أن يكون من لا إله إلا الله. أي تجمع ينبغي أن يكون على هذه النقطة الأساسية. والعمل في البداية عليها. ولا شك أن تحت هذه الكلمة علم عظيم وهو أن : لا إله إلا الله, ليس بالمعنى الذي نصوره نحن, ونخترعه نحن, ونتخيله نحن, إنما بالمعنى الذي أراده الله وبينه عز وجل. ووضحه" .
انظر: الوصايا العشر للعاملين بالدعوة إلى الله_تأليف الشيخ : عبد الرحمن عبد الخالق_ص 12 .
وللاستزادة انظر: الأسباب المفيدة في اكتساب الأخلاق الحميدة _ الشيخ: محمد أبراهيم الحمد_ص 5 / وكتاب:معالم في السلوك وتزكية النفوس_تأليف الشيخ: عبد العزيز محمد العبد اللطيف_ص60 .

وبقدر ما تكون الأمة واعية لهذه الركيزة المباركة, عامله بمقتضاها, تكون الوحدة والائتلاف, والتمكين والاستخلاف, كما استخلف الذين من قبلنا, فلن يصلح هذه الأمة إلا بما صلح أولها.

قال الشيخ عبد العزيز الحسيني: " إن الشعوب الإسلامية لم تنهض وتجتمع وتتوحد فيما مضى _رغم تباعد الأوطان واختلاف اللغات وتنوع الأجناس_ إلا بالتوحيد .

واليوم لن يوحد أمتنا , ويجمع شملها , ويلم فرقتها , ويعيدها إلا سالف مجدها , إلا ما وحد أسلافها من قبل " .
انظر: التوحيد في مسيرة العمل الإسلامي_تأليف: عبد العزيز الحسيني_تقديم: د.ناصر العقل.

4_لا شك أن سلامة عقيدة التوحيد, هي المعين الأكبر على تآلف القلوب.
وهذا ما يفسر الآيتين الكريمتين من سورة آل عمران , فانظر إلى هذه الآية وتدبرها جيدا قال تعالى : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ{102} وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعاً وَلاَ تَفَرَّقُواْ وَاذْكُرُواْ نِعْمَتَ اللّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاء فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَاناً) .
آل عمران

قال الألوسي رحمه الله في تفسيره : " أي ليكن موتكم هو الفناء في التوحيد واعتصموا بحبل الله جميعا وهو عهده الذي أخذه على العباد يوم (ألست بربكم) ولا تفرقوا باختلاف الأهواء (واذكروا نعمة الله عليكم) بالهداية إلى معالم التوحيد المفيد للمحبة في القلوب (إذ كنتم أعداء) لاحتجابكم بالحجب النفسانية والغواشي الطبيعية (فألف بين قلوبكم) بالتحاب في الله تعالى لتنورها بنوره فأصبحتم بنعمته عليكم إخوانا "
روح المعاني 4/32

فهلا جعلنا التوحيد هو وسيلة الالتقاء الأولى بين مختلف الجماعات , وذلك بأن يكون, أهم ما يبذل لتفهيم الناس كل الناس معناه وحقيقته وآثاره المباركة في الدنيا والآخرة, وأول ما يدعى لتطبيقه, وبإذن الله ستلتقي بذلك الأهداف, و تتوافق المهام, و يقوى جانب الدعوة إلى الإسلام, وتتبارك جهود الأتباع, ويرتفع اللواء, ويجثو الخصوم أمام هذا الطود الشامخ بعين التعظيم و الدهشة, وتتساوى الصفوف متدرجة ً السيوف من أجل رفع هذه الكلمة, والله لا يضيع أجر من أحسن عملا؟

مشكووووور