مرض السكر... رسالة خاصة علينا فهمها

مرض السكر... رسالة خاصة علينا فهمها
ترجمة - أحمد عبدالعزيز:

على المستوى الجسماني يمكننا القول ان السكري يسببه ذلك الاضطراب الذي يحدث لعملية التمثيل الغذائي والناشئ عن نقص افراز البنكرياس للانسولين, او نتيجة لعدم استجابة خلايانا للانسولين الناتج, ويقال ان نحو 85 في المئة من البالغين المصابين فعلا بالسكري هم ذوو وزن زائد, وعلى المستوى السطحي لا يوجد تفسير ظاهر لأسباب نقص الانسولين, وكذلك لا يوجد سبب واضح لعدم استجابة خلايانا للانسولين في بعض الحالات, والحقيقة ان الطب التقليدي يجد صعوبة في تحديد اسباب مرض السكري, ولماذا يصاب به بعض الاشخاص, بينما ينجو منه آخرون?
يعلمنا الطب التقليدي وممارساته الشائعة ان جميع الامراض نتيجة لبعض الاسباب الجسمانية (الفيزيائية) وبالنسبة للسكري فإن الاسباب ترد غالبا الى الجينات, او سوء التغذية, او نمط الحياة غير الصحي, ووفقا لما يحدث على المستوى الفيزيائي فإن ذلك هو اوضح اسباب حدوث هذا المرض لجسم الانسان, ولكن هذا التفسير غير كاف, لأن كل شخص يعاني من السكري ليس له والدان او جد او حتى اي عضو في العائلة لديه سكري سابقا, بالاضافة الى ذلك الذين لم يوجد في عائلاتهم اي مريض بالسكري, ويتناولون الطعام الصحي ومع هذا يجلبون على انفسهم هذا المرض.
اذا كان هناك سبب جسماني يمكن التعويل عليه لأي مرض - بما في ذلك السكري- لن يكون هذا السبب ثابتا من شخص لآخر واذا لم يكن هناك سبب محدد لهذا المرض ولكل الامراض الاخرى, وكانت الاجابة بنعم, لكنه ليس سببا فيزيائيا (جسمانيا) فهو سبب نفسي او عاطفي!
يدفعنا تفكيرنا التقليدي للاعتقاد بأن جميع الامراض سببها ان شيئا ما يسير بشكل خاطئ في اجسامنا, واذا تناولنا السكري فيكون سببه الفيزيائي منسوبا الى البنكرياس والانسولين, لكن المستوى الجسماني هو مجرد مستوى سطحي, انه مستوى للتأثير, وقد يبدو هذا الامر مدهشا لبعض الناس ان نقول ان: "لا شيء جسمانيا يسبب مرضا جسمانيا" فالأثر لا يترك اثرا آخر, بل هو "السبب" فقط.
لا يقوم الجسم الفيزيائي بعمل شيء بنفسه ولنفسه, فليس لديه القوة لايجاد اي شيء بما في ذلك المرض, القوة تأتي من كونه سببا والمستوى الفيزيائي هو مستوى التأثير, فليس لديه قوة ليوجد شيئا, وينعكس الجسم الفيزيائي فقط على مستوى السبب, وهو المستوى النفسي والعقلي والعاطفي بداخلنا, ان اجسامنا الفيزيائية ليست اكثر من مرآة لما يحدث على مستوى اعمق بداخلنا, طبقا لأهم قوانين الكون وهو قانون التراسل بمعنى ان ما يحدث بداخل الجسم ينعكس على خارجه.
اصبح واضحا لمن شرعوا في فهم هذه الاشياء, ان نرى ان الطب التقليدي يسعى وراء سبب المرض في المكان الخطأ, والحقيقة ان هناك مجموعة من اسباب جميع الامراض, لكن هذه الاسباب ليست فيزيائية, الاسباب التي نسعى وراءها من داخلنا, فنحن نملك كل اجابات جميع اسئلتنا ولا نحتاج الى ان نبحث خارج انفسنا عن شيء هو موجود لتوه بداخلنا.
فالبنكرياس يتعامل مع العواطف والرغبات والانشطة الفكرية والعقلية, واضطرابات هذا العضو تشير الى عدم التوازن على المستوى الوجداني, فإذا رأينا شخصا مصابا بالسكري, فالسبب انه عاطفي للغاية ولديه رغبات كثيرة في نفسه وفي الآخرين, يريد ان يحصل على جزء من الكعكة, ويتوقع الكثير من نفسه ومن الآخرين, او يلوم نفسه عن عدم ارضاء الآخرين.
ويعتبر السكري بصورة اساسية اشارة من الجسم بأن علينا ان نتعلم كيف ندع الامور تجري كما تشاء, وعلى المرء ان يتوقف عن محاولة السيطرة على مجرى الاحداث حتى يكون سعيدا ويكون الآخرون ايضا سعداء.
المفهوم الجديد في التفكير حول الصحة يركز على ان نتوقف عن الاعتقاد بأن المرض عدو علينا ان ندمره, ونقضي عليه, فالمرض ليس سيئا ولا هو عدو انه اشارة من اجسامنا بأننا لا نحيا حياتنا في حب, المرض خادم لنا يساعدنا على ان نعرف ماذا نحن عليه, فبدلا من ان نتظاهر بأن نكون شيئا لسنا في الحقيقة كذلك, علينا ان نفهم ان غرض المرض وهدفه هو ان ينبهنا ويحذرنا.. انه رسالة لأن نحب انفسنا, والسكري رسالة خاصة تقول لنا ان توقعاتنا غير واقعية حول انفسنا وحول الآخرين, وعلينا ان نترك الامور من دون محاولة منا للسيطرة عليها, علينا ان نعالج اعراض المرض, ولكن السبب الحقيقي يكمن في تفكيرنا وفي توقعاتنا.