اطباء وضعوا وصفة متكاملة لصيام مرضى السكري

اطباء وضعوا وصفة متكاملة لصيام مرضى السكري
حسنين: بعد الإفطار يتعرض المريض إلى توتر الأعصاب والتعرق والارتجاف والوهن وزيادة ضربات القلب
كتبت- جويس شماس:
ارتفاع مفاجئ للسكر في الدم او انخفاضه, وخصوصاً بعد الافطار, او ما يعرف بالـ "هيبوغلايسيميا"... مشكلة يعاني منها مرضى السكري في شهر رمضان, ما يفرض عليهم الالتزام بتعليمات الاطباء ونصائحهم, ليتحكموا بهذا المرض في الشهر الفضيل, وتحديداً المصابون بمرض السكري من الدرجة الثانية, حيث يؤكد الاطباء ان التوعية افضل وسائل التحكم بالسكري في شهر رمضان, بغية التقليل من مخاطر الإصابة بنوبات انخفاض مستوى السكر في الدم. وفي هذا السياق, كشفت دراسة بريطانية حديثة نشرت في الدورية الطبية
"Current Medical Research &Opinion" في عددها الصادر في شهر يونيو المنصرم, ان المرضى الذين يتناولون مادة "ميتفورمين" مع فئة جديدة من العقاقير الدوائية التي تحمل اسم "غالفس" لم يعانوا من نوبات "هيبوغلايسيميا" خلال اربعة اشهر, اي مدة الدراسة, مقارنة بالذين تناولوا "ميتفورمين" مع "سلفونيل يوريا", لأن 40 في المئة منهم عانوا من هذه النوبات, غير ان نشر التوعية والتركيز على اهمية التحكم به تلعب دوراً اساسياً في تخطي هذه المشكلة الصحية المزعجة وآثار الصيام على صحتهم.

نوبات مفاجئة

وبغية نشر المزيد من التوعية في اوساط المرضى ومزودي الرعاية الصحية حول التحكم بمستوى السكر في الدم خلال شهر رمضان, نظمت جولة اقليمية بالتعاون مع اطباء محليين وجمعيات طبية في دول الخليج للتوعية بأفضل وسائل التحكم بالسكر في الدم خلال شهر الصيام, حيث ناقشوا احتياجات مرضى السكري من المسلمين وكيفية التعاون من اجل تقديم النصائح المفيدة لهم للمحافظة على سلامتهم وصحتهم وتزويدهم ببرامج الحميات الغذائية والادوية العلاجية الواجب اتباعها اذا ارادوا الصيام, ومن ضمنهم, احد معدي الدراسة البريطانية, الاستشاري في امراض السكري والغدد الصماء, والمحاضر في جامعة كارديف البريطانية, الدكتور محمد حسنين, الذي اكد ان الدراسة المهمة التي اجريت حديثاً تمكن المرضى من الالتزام بالصوم من دون تعريض صحتهم للخطر, لان فئة كبيرة منهم تتجاوز تعليمات الاطباء ونصائحهم بهدف الايفاء بفريضة الصيام, ما يعد تجاوزاً طبياً خطيراً.
وقال: يحرص المسلمون جميعاً على صوم شهر رمضان الفضيل, بمن فيهم المصابون بمرض السكري, غير انهم عرضة للاصابة بإرتفاع مفاجئ لمستوى السكر في الدم, او انخفاضه كذلك, بعد موعد الافطار, كبيرة ومنتشرة لمرضى السكري من الدرجة الثانية او بما يعرف طبياً بالـ "هيبوغلايسيميا" وتسبب أعراضاً عدة تشمل توتر الأعصاب وفرط التعرق والجوع الشديد والارتجاف والوهن وزيادة ضربات القلب وصعوبة في النطق بعض الاحيان والتي تستلزم دخول المستشفى لأنها تقود الى الغيبوبة والوفاة, في حين تشير الدراسات إلى أن إجمالي معدل الوفيات الناجمة عن الحالات الحادة, المترتبة على العلاج بعقار "سلفونيل يوريا" منفرداً يبلغ نحو 9 في المئة, ما يرتب عليهم الالتزام بعدد من الخطوات لتفادي اي طارئ صحي, في حين ان تناول التوليفة الصحيحة من أدوية السكري أثناء الصوم قد تتقلص إلى حد بعيد, فضلاً عن ان علاج الـ "هيبوغلايسيميا" باهظ جداً, ويكلف ما يقارب 430 ديناراً.
ويشير حسنين الى ان مجال مرض السكري, وخصوصاً فيما يتعلق بصيام شهر رمضان, اصبح في غاية الأهمية والديناميكية, حيث تجرى العديد من الدراسات للوصول إلى علاجات دوائية تحقق أفضل النتائج وتؤمن سلامة المرضى, الملتزمين بالصوم ممن تسمح حالتهم الطبية بذلك.

السكري والسمنة

اظهرت الدراسة البريطانية الحديثة, التي اجريت على 72 مسلماً مصاباً بالنوع الثاني من داء السكري صاموا بين 11 و20 ساعة يومياً خلال شهر رمضان, ان الذين تناولوا "ميتفورمين" مع عقار "غالفس" لم يصابوا بأي نوبة ناتجة عن ارتفاع السكر في الدم او انخفاضه, على عكس اصابة 40 في المئة من الذين تناولوا "ميتفورمين" مع عقار "سلفونيل يوريا" بنوبة "هيبوغلايسيميا", كاشفةً ان مستويات الغلوكوز بالدم بين من تناولوا "ميتفورمين" و"فيلداغليبتين" بعد شهر رمضان كانت الأقرب إلى المستويات الطبيعية, مقارنة بمن تناولوا "ميتفورمين" و"سلفونيل يوريا", في حين لم تظهر أعراض غير مؤاتية بين من تناولوا "ميتفورمين" و"فيلداغليبتين", وظهور أحد تلك الأعراض غير المؤاتية على أقل تقدير بين 50 في المئة ممن تناولوا "ميتفورمين" و"سلفونيل يوريا".
ووفقاً للاحصائيات الطبية في الكويت التي سجلتها بيانات منظمة الصحة العالمية بين عامي 2000 و2006, يصيب مرض السكري من الفئة الثانية ما يقارب 21 في المئة من سكان الكويت, والذين تتراوح أعمارهم بين 20 إلى 79 عاماً, والناتج عن السمنة, التي تعد إحدى أهم المشاكل الصحية في الدولة, كما ان معدلات السمنة والوزن الزائد مرتفعة, حيث تصيب 23 في المئة من الذكور والاناث في الكويت.

توليفة دوائية

من ناحيته, أكد استشاري امراض السكري والغدد الصماء في مستشفى مبارك الكبير, مدير برنامج زمالة الغدد الصماء والسكر في وزارة الصحة الكويتية, الدكتور وليد الضاحي ان نتائج الدراسة تساعد المرضى المصابين بالنوع الثاني من السكري, لاسيما مع اصرار الكثيرين على الصيام, رغم النصيحة الطبية التي تحذرهم من الصيام, بل لا تسمح لهم به, وقال: "تظهر النتائج الاهمية البالغة لوصف التوليفة الدوائية الصائبة للمرضى, تحديداً عندما يقل تناول الطعام او يتم تناوله في اوقات متباعدة", عكس ما يحصل في الايام العادية, ويقول "تعد هذه الدراسة الاولى من نوعها في استقصاء نوبات الـ "هيبوغلايسيميا" بين المسلمين المصابين بالنوع الثاني من السكري خلال شهر رمضان, خصوصاً ان النتائج المشجعة لم تقتصر على عدم التعرض للنوبات عند تناول "ميتفورمين" و"فيلداغليبتين" معاً, خصوصاً ان العقار الاخير يحول دون تفتت هرمون "الانكريتين" في الجسم ويحفز البنكرياس على افراز الانسولين واستهداف اختلال عمل الخلايا البنكرياسية "ألفا" و"بيتا" التي تتسبب في ارتفاع مستويات السكر عند المصابين بالنوع الثاني من داء السكري, وقد "أظهرت الدراسة أن تناول التوليفة الدوائية المذكورة يضمن مستويات جلوكوز مقبولة في الدم, بعد انتهاء الشهر الصيام".
ومن جانبه, قال اختصاصي الأمراض الباطنية ومرض السكري, وأمين سر رابطة السكري الكويتية, الدكتور ثائر المعيلي: سيكون لهذه الدراسة التي أجريت على عدد أكبر من المسلمين حول العالم الذين يصابون بأعرض وحالات متشابهة, أثر إيجابي كبير على الصحة العامة, والتطبيقات السريرية "إن شهر رمضان المبارك فرصة مناسبة لبعض مرضى السكري لتحسين وضعهم الصحي, حيث يتوجب عليهم تناول وجبة طعام متكاملة على الإفطار, وممارسة التمارين الرياضية المعتادة, والالتزام بالوصفة الطبية للعلاج خلال الشهر الفضيل".