معهد الدعم العربي
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
المواضيع الأخيرة
» [ Template ] كود اخر 20 موضوع و أفضل 10 أعضاء بلمنتدى و مع معرض لصور كالفي بي
من طرف naruto101 الجمعة ديسمبر 05, 2014 2:33 pm

» [Javascript]حصريا كود يقوم بتنبيه العضو بان رده قصير
من طرف احمد السويسي الخميس أغسطس 28, 2014 2:38 am

» نتائج شهادة البكالوريا 2014
من طرف menimeVEVO الثلاثاء يونيو 10, 2014 3:55 am

» من اعمالي موديلات جديدة وحصرية 2012
من طرف دفئ الشتاء الثلاثاء مارس 18, 2014 5:37 pm

» من ابداعات ساندرا،كما وعدتكم بعض من موديلاتها
من طرف دفئ الشتاء الثلاثاء مارس 18, 2014 4:49 pm

» قندوووووووورة جديدة تفضلواا
من طرف دفئ الشتاء الثلاثاء مارس 18, 2014 4:23 pm

» طلب صغير لو سمحتو
من طرف hothifa الإثنين ديسمبر 23, 2013 9:11 pm

» الان فقط وحصريا (استايل واند الالكتروني متعدد الالوان)
من طرف AGILIEDI الإثنين ديسمبر 23, 2013 8:34 pm

» جديد موديلات فساتين البيت بقماش القطيفة 2012 - تصاميم قنادر الدار بأشكال جديدة و قماش القطيفة - صور قنادر جزائرية
من طرف hadda32 الأحد ديسمبر 08, 2013 12:16 pm

» [Template] استايل منتدى سيدي عامر 2012
من طرف ßLẫĆҜ ĈĄŦ الأربعاء نوفمبر 20, 2013 6:46 pm

سحابة الكلمات الدلالية


درة اليقين في اسباب النصر والتمكين - (فحق عليها القول)

اذهب الى الأسفل

درة اليقين في اسباب النصر والتمكين - (فحق عليها القول)  Empty درة اليقين في اسباب النصر والتمكين - (فحق عليها القول)

مُساهمة من طرف DjabouB JimmY الأحد يوليو 01, 2012 2:09 pm

فحق عليها القول



قال تعالى: (وَإِذَا أَرَدْنَا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا
مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ
فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيرًا) [الإسراء:16]

الترف أن يسترخي
الإنسان في إرادته وعزيمته وصبره؛ فيكون كل شيء فيه مسترخيا.. فإرادته
مسترخية، وعزيمته لا قوة فيها، ونفسه غير منضبطة، والشهوات حاكمة، والأهواء
جامحة.. والمترف يختص بثلاث خصال: ضعف في الإرادة، واندفاع وراء الأهواء
والشهوات، وأثرة تجعله يعيش في محيط نفسه ولا يخرح عن دائرتها. ولذا كان
المترفون دائما هم أعداء الأنبياء؛ لأنهم أوتوا أثرة مقيتة، وكل حق يحتاح
إلى فداء وجهاد وبلاء وجلاد، وكان أتباع النبيين من الفقراء الذين لا
يعيشون عيشة راضية، وكان أعداء النبيين من المترفين يقولون: âوَمَا نَرَاكَ
اتَّبَعَكَ إِلَّا الَّذِينَ هُمْ أَرَاذِلُنَا بَادِيَ الرَّأْيِá
[هود:27]

إن إرادة الله تعالى لهلاك الأمة تكون إذا سارت
الأمة في أسباب الهلاك، وانتهت إليه؛ فيريد الله تعالى لها ما أخذت في
أسبابه وسارت في طريقه قاصدة الغاية مريدة لها. فمعنى إرادة الله تعالى
سيرها في طريق الهلاك حتى ترد موارد الهلكة، وذهبت أسباب قوتها، وحلت محلها
أسباب انهيارها.

(أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا): في هذه الآية الكريمة ثلاثة مذاهب معروفة عند علماء التفسير:

الأول:
-وهو الصواب الذي يشهد له القرآن، وعليه جمهور العلماء- أن الأمر في قوله:
(أَمَرْنَا) هو الأمر الذي هو ضد النهي، وأن تعلق (الأمر) محذوف لظهوره.
والمعنى: (أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا) بطاعة الله وتوحيده، وتصديق رسله
واتباعهم فيما جاءوا به (فَفَسَقُواْ) أي: خرجوا عن طاعة أمر ربهم، وعصوه
وكذبوا رسله؛ (فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ) أي وجب عليها الوعيد؛
(فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيراً) أي: أهلكناها إهلاكا مستأصِلا. وأكد فعل
التدمير بمصدره للمبالغة في شدة الهلاك الواقع بهم.

وهذا القول
الذي هو الحق في هذه الآية تشهد له آيات كثيرة، كقوله: âوَإِذَا فَعَلُواْ
فَاحِشَةً قَالُواْ وَجَدْنَا عَلَيْهَآ آبَاءَنَا والله أَمَرَنَا بِهَا
قُلْ إِنَّ الله لاَ يَأْمُرُ بالفحشآءá [الأعراف:28]. فتصريحه جل وعلا
بأنه لا يأمر بالفحشاء دليل واضح على أن قوله: (أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا
فَفَسَقُوا) أي: أمرناهم بالطاعة فعصوا. وليس المعنى أمرناهم بالفسق
ففسقوا؛ لأن الله لا يأمر بالفحشاء.

وهذا القول الصحيح في
الآية جارٍ على الأسلوب العربي المألوف، من قولهم: أمرته فعصاني. أي أمرته
بالطاعة فعصى. وليس المعنى: أمرته بالعصيان.

القول الثاني في الآية:
هو أن الأمر في قوله: (أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا) أمر كوني قدري، أي:
قدَّرنا عليهم ذلك وسخرناهم له. لأن كلاًّ مُيسَّر لما خُلق له. والأمر
الكوني القدري كقوله: âوَمَآ أَمْرُنَآ إِلاَّ وَاحِدَةٌ كَلَمْحٍ بالبصرá
[القمر:50]، وقوله: âقُلْنَا لَهُمْ كُونُواْ قِرَدَةً خَاسِئِينَá
[الأعراف:166]، وقوله: âأَتَاهَآ أَمْرُنَا لَيْلاً أَوْ نَهَاراًá
[يونس:24]، وقوله: âإِنَّمَآ أَمْرُهُ إِذَآ أَرَادَ شَيْئاً أَن يَقُولَ
لَهُ كُن فَيَكُونُá [يس:82]

القول الثالث في الآية: أن (أمَرْنَا)
بمعنى أكثرنا. أي أكثرنا مترفيها ففسقوا. قال أبو عبيدة: (أمرنا) بمعنى
أكثرنا لغة فصيحة كآمرنا بالمد.

وقال الشيخ أبو عبد الله
القرطبي في تفسير هذه الآية الكريمة: قوله تعالى: (أمرنا) قرأ أبو عثمان
النهدي، وأبو رجاء، وأبو العالية، والربيع، ومجاهد، والحسن: (أمَّرنا)
بالتشديد. وهي قراءة علي رضي الله عنه أي: سلطنا شرارها فعصوا فيها؛ فإذا
فعلوا ذلك أهلكناهم.

وقال أبو عثمان النهدي: (أمَّرنا) بتشديد
الميم: جعلناهم أمراء مسلطين. وقاله ابن عزيز: وتأمر عليهم تسلط عليهم.
وقرأ الحسن أيضا، وقتادة، وأبو حيوة الشامي، ويعقوب وخارجة عن نافع، وحماد
بن سلمة عن ابن كثير وعلي وابن عباس باختلاف عنهما: (آمرنا) بالمد
والتخفيف. أي: أكثرنا جبابرتها وأمراءها. قاله الكسائي.


والمعنى: إذا أردنا أن نعذب قوما عذاب استئصال (أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا)
يعني متنعميها بالطاعة على لسان الرسول المبعوث إليهم؛ (فَفَسَقُواْ
فِيهَا) بمخالفة أمره تعالى والخروج عن طاعته؛ (فَحَقَّ عَلَيْهَا
الْقَوْلُ) فوجب عليها بمعصيتهم وفسقهم وطغيانهم وعيد الله الذي أوعد من
كفر به وخالف رسله من الهلاك بعد الإعذار والإنذار بالرسل والحجج..
(فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيراً) أي: فخربناها تخريبا لا يُكتنه كنهه ولا
يوصف. وأهلكنا من كان فيها من أهلها إهلاكا هائلاً، كما جرى لبيت المقدس
لما انحرف اليهود عن شرعتهم.

وإنما خص المترفين؛ وهم الجبارون
والملوك والرؤساء بالذكر مع توجه الأمر إلى الكل؛ لأنهم الأصل في الخطاب
والباقي تبع لهم. ولأن توجه الأمر إليهم آكد.

وفي إيثار
(القرية) على أهلها زيادة تهويل وتفظيع، إشارة إلى التنكيل بهم بهدم صروحهم
ودورهم، وطمس أثرهم؛ وهو أوجع للقلب وأنكى للعدو. ولذلك أتى إثره بالمصدر
المؤكد فقال: (تَدْمِيراً) أي: كليا بحيث لم يبقَ لهم زرع أو ضرع.


قال القاشانِيِّ: إن لكل شيء في الدنيا زوالاً، وزواله بحصول استعداد
يقتضي ذلك. وكما أن زوال البدن بزوال الاعتدال، وحصول انحراف يبعده عن
بقائه وثباته؛ فكذلك هلاك المدينة وزوالها بحدوث انحراف فيها من الجادة
المستقيمة التي هي صراط الله وهي الشريعة الحافظة للنظام. فإذا جاء وقت
إهلاك قرية، فلا بد من استحقاقها للإهلاك؛ وذلك بالفسق والخروج عن طاعة
الله. فلما تعلقت إرادته بإهلاكها، تقدمه أولا بالضرورة فسق مترفيها من
أصحاب الترف والتنعم بطرا وأشرا بنعمة الله، واستعمالا لها فيما لا ينبغي.
وذلك بأمر من الله وقدر منه؛ لشقاوة كانت تلزم استعداداتهم. وحينئذ وجب
إهلاكهم.

تنبيه:

في هذه الآية الكريمة سؤال معروف، وهو
أن يقال: إن الله أسند الفسق فيها لخصوص المترفين دون غيرهم في قوله:
(أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُواْ فِيهَا) مع أنه ذكر عموم الهلاك
للجميع: المترفين وغيرهم في قوله: (فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ
فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيراً) يعني القرية، ولم يستثنِ منها غير المترفين.

والجواب من وجهين:

الأول:
أن غير المترفين تبع لهم. وإنما خص بالذكر المترفين الذين هم سادتهم
وكبراؤهم؛ لأن غيرهم تبع لهم. كما قال تعالى: âوَقَالُواْ رَبَّنَآ إِنَّآ
أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَآءَنَا فَأَضَلُّونَا السبيلاá [الأحزاب:67]،
وكقوله: âإِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُوا مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا
وَرَأَوُا الْعَذَابَ وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الْأَسْبَابُ á [البقرة:166]،
وقوله: âوَإِذْ يَتَحَآجُّونَ فِي النار فَيَقُولُ الضُّعَفَاءُ لِلَّذِينَ
اسْتَكْبَرُوا إِنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعاً فَهَلْ أَنتُم مُّغْنُونَ
عَنَّا نَصِيباً مِّنَ النارá [غافر:47] إلى غير ذلك من الآيات.

الوجه
الثاني: أن بعضهم إن عصى الله وبغى وطغى ولم ينههم الآخرون فإن الهلاك يعم
الجميع. كما قال تعالى: âواتقوا فِتْنَةً لاَّ تُصِيبَنَّ الذين ظَلَمُواْ
مِنكُمْ خَآصَّةًá [الأنفال:25]، وفي الصحيح من حديث أم المؤمنين زينب بنت
جحش ل أنها لما سمعت النَّبي صلى الله عليه وسلم يقول: "لا إله إلا الله،
ويل للعرب من شرٍّ قد اقتربْ، فُتح اليوم من ردم يأجوج ومأجود مثل هذه"
-وحلَّق بإصبعه الإبهام والتي تليها- قالت: يا رسول الله! أنهلك وفينا
الصالحون؟ قال: "نعم، إذا كثر الخبث".

وهنا أمران بيانيان نشير إليهما:

الأمر
الأول: في قوله تعالى: (مُتْرَفِيهَا) فيه إشارة إلى أن السبب في التدمير
هو الترف والاسترخاء، ولذا قال تعالى: (فَفَسَقُوا) والفاء هنا لبيان أن ما
قبلها سبب لما بعدها، أي أن تمكين المترفين مؤدٍ إلى الفسق لا محالة.

الأمر
الثاني: أن التدمير الهلاك، وهو نوعان: النوع الأول: ذهاب قوتها، وأن تكون
طعمة سهلة لغيرها؛ فذلك فناء لشخصية الأمة وضياع لقوتها، وصيرورتها تابعة
لغيرها، فتفقد عزتها. والنوع الثاني: أن ينزل الله تعالى عليها عذابا من
عنده، كريح حاصب صرصر عاتية، أو يجعل عاليها سافلها، ويمطرهم حجارة من
سجيل، كما فعل بقوم لوط؛ إذ فسقوا عن أمر ربهم.

وأيا كان نوع
التدمير؛ فقد رتبه سبحانه على الفسق، وأكده بالمصدر الذي هو مفعول مطلق،
فقال سبحانه: (فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيرًا).

وقوله تعالى:
(فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ)، أي: فوجب عليها القول. أي: أمر الله تعالى
بتدميرها؛ إما بمسبب عادي أدى إليه الترف، وإما بعذاب من عنده، والله تعالى
أعلم.(1)

والمترفون في كل أمة هم طبقة الكبراء الناعمين الذين
يجدون المال ويجدون الخدم ويجدون الراحة؛ فينعمون بالدعة وبالراحة
وبالسيادة حتى تترهل نفوسهم وتأسن، وترتع في الفسق والمجانة، وتستهتر
بالقيم والمقدسات والكرامات، وتَلِغ في الأعراض والحرمات. وهم إذا لم يجدوا
مَن يضرب على أيديهم عاثوا في الأرض فسادا، ونشروا الفاحشة في الأمة
وأشاعوها، وأرخصوا القيم العليا التي لا تعيش الشعوب إلا بها ولها. ومِن
ثَم تتحلل الأمة وتسترخي، وتفقد حيويتها وعناصر قوتها وأسباب بقائها؛ فتهلك
وتُطوَى صفحتها.

والآية تقرر سنة الله هذه. فإذا قدَّر الله
لقرية أنها هالكة لأنها أخذت بأسباب الهلاك، فكثر فيها المترفون، فلم
تدافعهم ولم تضرب على أيديهم؛ سلط الله هؤلاء المترفين ففسقوا فيها؛ فعم
فيها الفسق، فتحللت وترهلت؛ فحقت عليها سنة الله، وأصابها الدمار والهلاك.
وهي المسئولة عما يحل بها لأنها لم تضرب على أيدي المترفين، ولم تصلح من
نظامها الذي يسمح بوجود المترفين.

فوجود المترفين ذاته هو السبب
الذي من أجله سلطهم الله عليها ففسقوا، ولو أخذت عليهم الطريق فلم تسمح لهم
بالظهور فيها ما استحقت الهلاك، وما سلط الله عليها من يفسق فيها ويفسد
فيقودها إلى الهلاك.

إن إرادة الله قد جعلت للحياة البشرية
نواميس لا تتخلف، وسننا لا تتبدل، وحين توجد الأسباب تتبعها النتائج فتنفذ
إرادة الله وتحق كلمته. والله لا يأمر بالفسق؛ لأن الله لا يأمر بالفحشاء.

لكن
وجود المترفين في ذاته دليل على أن الأمة قد تخلخل بناؤها، وسارت في طريق
الانحلال، وأن قدر الله سيصيبها جزاء وفاقا. وهي التي تعرضت لسنة الله
بسماحها للمترفين بالوجود والحياة.

فالإرادة هنا ليست إرادة
للتوجية القهري الذي ينشئ السبب، ولكنها ترتب النتيجة على السبب. الأمر
الذي لا مفر منه لأن السنة جرت به. والأمر ليس أمرا توجيهيا إلى الفسق،
ولكنه إنشاء النتيجة الطبيعية المترتبة على وجود المترفين وهي الفسق.

وهنا
تبرز تبعة الجماعة في ترك النظم الفاسدة تنشئ آثارها التي لا مفر منها.
وعدم الضرب على أيدي المترفين فيها كي لا يفسقوا فيها فيحق عليها القول
فيدمرها تدميرا. [في ظلال القرآن]

وكم رأينا من أشخاص وبلاد حاقَ
بهم سوء أعمالهم حتى أصبحوا عِبرةً ومُثْلة؛ وبذلك تعتدل حركة الحياة؛ حيث
يشاهد الجميع ما نزل بالمفسدين من خراب ودمار.. وإذا استقرأت البلاد في
نواحي العالم المختلفة لتيسَّر لك الوقوف على هذه السُّنة الإلهية في بلاد
بعينها، ولاستطعتَ أن تعزو ما حدث لها إلى أسباب واضحة من الخروج عن منهج
الحق سبحانه.

ولعل قصة سقوط بغداد سنة ست وخمسين وستمائة أشهر
من أن تُذكر.. فقد أحاطت التتار بدار الخلافة يرشقونها بالنبال من كل جانب
حتى أصيبت جارية كانت تلعب بين يدي الخليفة وتضحكه، وكانت من جملة حظاياه..


جاءها سهم من بعض الشبابيك فقتلها وهي ترقص بين يدي الخليفة،
فانزعج الخليفة من ذلك وفزع فزعا شديدا، وأحضر السهم الذي أصابها بين يديه
فإذا عليه مكتوب: إذا أراد الله إنفاذ قضائه وقدره أذهب من ذوي العقول
عقولهم..

أما ضياع الأندلس فإن من الأسباب البارزة لضياعها الانغماس في الشهوات والركون إلى الدعة والترف.

ولنتدبر وصف أحد المؤرخين النصارى لحال المسلمين ساعتئذ؛ يقول:

العرب هووا عندما نسوا فضائلهم التي جاءوا بها، وأصبحوا على قلب متقلب يميل إلى الخفة والمرح والاسترسال في الشهوات (!!)

ويقول شوقي أبو خليل:

إن الأندلسيين في أواخر أيامهم ألقوا بأنفسهم في أحضان النعيم، وناموا في
ظل ظليل من الغنى الواسع والحياة العابثة والمجون وما يُرضي الأهواء من
ألوان الترف الفاجر؛ فذهبت أخلاقهم كما ماتت حميتهم وحمية آبائهم البواسل،
وغدا التهتك والخلاعة والإغراق في المجون، واهتمام النساء بمظاهر التبرج
والزينة بالذهب واللآلئ من أبرز المميزات أيام الاضمحلال. لقد استناموا
للشهوات والسهرات الماجنة والجواري الشاديات. وإن شعبا يهوي إلى هذا الدرك
من الانحلال والميوعة لا يستطيع أن يصمد رجاله لحرب أو جهاد.


وذكر عدد من المؤرخين أن سبب مقتل "ابن هود" أنه تنازع هو ونائبه ووزيره في
"المرية" محمد الرميمي، وكان سبب التراع جارية نصرانية؛ كل منهم يريدها
لنفسه؛ والعدو يتربص بهم!! فقام الوزير ودس مَن قتل ملك المسلمين؛ أحد ملوك
الطوائف "ابن هود"، بسبب جارية نصرانية!!

ويقول عبد الله عنان
في "نهاية الأندلس": لم يلبث أبو الحسن -وهو من آخر ملوك بني الأحمر ومن
آخر زعماء غرناطة- أن ركن إلى الدعة وأطلق العنان لأهوائه وملاذه، وبذر
حوله بذور السخط والغضب، بما سار به في شئون الرعية والدولة، وما أثقل به
كاهلهم من صنوف المغارم وما أُغرق فيه من دروب اللهو والعبث، وهكذا عادت
عوامل الفساد والانحلال والتفرق الخالدة، تعمل عملها الهادم، وتحدث آثارها
الخطرة. ثم يقول: ذلك أن أبا الحسن ركن في أواخر أيامه إلى حياة الدعة،
واسترسل في أهوائه وملاذه، واقترن للمرة الثانية بفتاة نصرانية رائعة
الحسن..

ولهذا حل بالأندلس ما حل بها، وانشغل المسلمون في بناء
القصور، وبناء الدور، وبناء المزارع والبساتين؛ وعدوهم يعبث، ويعمل عمله
الرهيب حتى أتاهم على حين غرة.

لقد دخلنا الأندلس عندما كان
نشيد طارق في العبور: (الله أكبر)، وبقينا فيها زمنا بهمة عبد الرحمن
الداخل، الذي قُدم إليه الخمر ليشرب؛ فقال: إنني محتاج لما يزيد في عقلي لا
لما ينقصه. فعرف الناس من ذلك قدره. ولما أُهديت إليه جارية حسناء، قال
بعد أن نظر إليها: إن هذه الجارية من القلب والعين بمكان، فإن أنا انشغلت
عنها بمهمتي ظلمتها، وإن لهوت بها عن مهمتي ظلمت مهمتي. ومهمتي الجهاد. لا
حاجة لي بها الآن.. فقالوا: إن الأمير ذو همة.. ولهذا بقينا في الأندلس..

ولكن متى أضعنا الأندلس؟ أضعنا الأندلس عندما شاع الغناء وذاع، حتى كان المسلمون يرددون مع المغني:

على الدنيا وساكنها السلام إذا ما الوجد لم يبرح فؤادي وفعلا ذهبت الأندلس، وراحت وعليها السلام!

ومن العجائب التي يذكرها المؤرخون أن الإفرنج عندما قصدوا "بلنسية"
لغزوها عام ستة وخمسين وأربعمائة هجرية، خرج أهلها للقائهم بلباس الزينة!!
العدو جاء ليقاتل، ويخرج أهل "بلنسية" للقاء العدو بثياب الزينة.. فكانت
الهزيمة المنكرة، ولا بد! حتى قال الشاعر:

لبسوا الحديدَ إلى الوغى ولبستموا حُلَـلَ الحريرِ عليكمو ألـوانـا ! (1)

هذه حالة مؤسفة عندما يغرق المسلمون في الشهوات.. في الملذات.. في المعاصي.. فلا يُرجى نصر في هذه الحالة..!!

ومرت السنون ولم يتعلم المسلمون الدرس؛ ففي أعقاب الكارثة المدمرة في
الخامس من يونيو 1967وقفت أم كلثوم تغني للمترفين, والدم البريء يسيل علي
كل رابية, والعار الأسود يجلل جباه المخدرين: "هذه ليلتي وحلم حياتي"..!
ولعل هذا الضياع الذي أصاب الأمة, وهذا الخدر الذي سرى في أعصابها هو الذي
دعا صحفيا إلى القول في صحيفته البيروتية مباهيا دون خجل: "إني أعرف مكانة
أم كلثوم عند العرب, وأعرف كذلك أن حب الكثيرين لها يوازي حبهم
لفلسطين"..!!!

يا أمـةً يَسمــو بهـا تـاريخُهــا **** ويسوقها نحو الضياع الواقع

يا أمـةً تُـصغي إلى أهوائـهــــا **** وتسد سمعا حين يصدع صادع

يا أمـةً ما زلتُ أســألُ حـالَـهـا **** عنها فتنطق بالجواب فواجع

ما لي أراكِ فتحتِ أبوابَ الهـوى **** وقبلت ما يدعو إليه الطامع

يَمَّـمْتِ غـربًـا والحقـائقُ كلُّهـا **** شرق وفي يدك الدواء الناجع

وإذا أرادَ الله نَــــزعَ ولايــــةٍ **** عمي البصير بها وصم السامع

ويَسوقُهـا نحـوَ الضيـاعِ الواقـعُ ****وقَبلتِ مـا يدعـو إليـهِ الطامعُ

وتَسدُّ سمعًا حينَ يَصدعُ صادعُ ****شرقٌ وفي يـدِكِ الدواءُ الناجـعُ

عنها فتَنطِـقُ بالجـوابِ فواجِعُ ****عميَ البصيرُ بهـا وصُمَّ السامعُ (2)

----------------

DjabouB JimmY

عدد المساهمات : 23
نقاط : 45
السٌّمعَة : 0
تاريخ التسجيل : 01/07/2012
العمر : 28
الموقع : http://smartdz.mam9.com

http://smartdz.mam9.com

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى