معهد الدعم العربي
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
المواضيع الأخيرة
» [ Template ] كود اخر 20 موضوع و أفضل 10 أعضاء بلمنتدى و مع معرض لصور كالفي بي
من طرف naruto101 الجمعة ديسمبر 05, 2014 2:33 pm

» [Javascript]حصريا كود يقوم بتنبيه العضو بان رده قصير
من طرف احمد السويسي الخميس أغسطس 28, 2014 2:38 am

» نتائج شهادة البكالوريا 2014
من طرف menimeVEVO الثلاثاء يونيو 10, 2014 3:55 am

» من اعمالي موديلات جديدة وحصرية 2012
من طرف دفئ الشتاء الثلاثاء مارس 18, 2014 5:37 pm

» من ابداعات ساندرا،كما وعدتكم بعض من موديلاتها
من طرف دفئ الشتاء الثلاثاء مارس 18, 2014 4:49 pm

» قندوووووووورة جديدة تفضلواا
من طرف دفئ الشتاء الثلاثاء مارس 18, 2014 4:23 pm

» طلب صغير لو سمحتو
من طرف hothifa الإثنين ديسمبر 23, 2013 9:11 pm

» الان فقط وحصريا (استايل واند الالكتروني متعدد الالوان)
من طرف AGILIEDI الإثنين ديسمبر 23, 2013 8:34 pm

» جديد موديلات فساتين البيت بقماش القطيفة 2012 - تصاميم قنادر الدار بأشكال جديدة و قماش القطيفة - صور قنادر جزائرية
من طرف hadda32 الأحد ديسمبر 08, 2013 12:16 pm

» [Template] استايل منتدى سيدي عامر 2012
من طرف ßLẫĆҜ ĈĄŦ الأربعاء نوفمبر 20, 2013 6:46 pm

سحابة الكلمات الدلالية


السيرة النبوية كاملة

اذهب الى الأسفل

 السيرة النبوية كاملة  Empty السيرة النبوية كاملة

مُساهمة من طرف دمى كتب همي الإثنين مايو 14, 2012 12:02 am

حب ان اتقدم بعرض كامل لسلسة السيرة النبويه منذ ميلاد الرسول وحتى وفاته وارجو منكم التثبيت لاهميه الموضوع وشكر
الجزء (1) : العرب قبل الاسلام

كانالعرب في شبه الجزيرة العربية قبل بعثة الرسول صلى الله عليه وسلم يعبدونالأصنام من دون الله، ويقدمون لها القرابين، ويسجدون لها، ويتوسلون بها،وهي أحجار لا تضر ولا تنفع، وكان حول الكعبة ثلاثمائة وستون صنمًا.
ومنعجيب أمرهم أن أحدهم كان يشتري العجوة، ويصنع منها صنمًا، ثم يعبده ويسجدله، ويسأله أن يحجب عنه الشر ويجلب له الخير، فإذا شعر بالجوع أكل إلهه!! ثم يأخذ كأسًا من الخمر، يشربها حتى يفقد وعيه، وفي ذلك الزمان كانت تحدثأشياء غريبة وعجيبة، فالناس يطوفون عرايا حول الكعبة، وقد تجردوا منملابسهم بلا حياء، يصفقون ويصفرون ويصيحون بلا نظام، وقد وصف الله -عز وجل- صلاتهم فقال: {وما كان صلاتهم عند البيت إلا مكاء وتصدية فذوقوا العذاببما كنتم تكفرون} [الأنفال:35].
وكانت الحروب تقوم بينهم لأتفهالأسباب، وتستمر مشتعلة أعوامًا طويلة فهذان رجلان يقتتلان، فيجتمع الناسحولهما، وتناصر كل قبيلة صاحبها، لم يسألوا عن الظالم ولا عن المظلوم،وتقوم الحرب في لمح البصر، ولا تنتهي حتى يموت الرجال، وانتشرت بينهمالعادات السيئة مثل: شرب الخمر، وقطع
الطرق والزنا.
وكانت بعضالقبائل تهين المرأة، وينظرون إليها باحتقار، فهي في اعتقادهم عار كبيرعليهم أن يتخلصوا منها، فكان الرجل منهم إذا ولدت له أنثى؛ حزن حزنًاشديدًا. قال تعالى: {وإذا بشر أحدهم بالأنثى ظل وجهه مسودًا وهو كظيميتواري من القوم من سوء ما بشر به أيمسكه علي هون أم يدسه في التراب ألاساء ما يحكمون} _[النحل: 58-59] وقد يصل به الأمر إلى أن يدفنها وهي حية،وهي العادة التي عرفت عندهم بوأد البنات.
فهذا رجل يحمل طفلته ويسيربها إلى الصحراء فوق الرمال المحرقة، ويحفر حفرة ثم يضع ابنته فيها وهيحية، ولا تستطيع الطفلة البريئة أن تدافع عن نفسها؛ بل تناديه: أبتاه .. أبتاه .. فلا يرحم براءتها ولا ضعفها، ولا يستجيب لندائها.. بل يهيل عليهاالرمال، ثم يمشي رافعًا رأسه كأنه لم يفعل شيئًا!! قال تعالى: {وإذاالموءودة سئلت بأي ذنب قتلت} [التكوير: 7-8] وليس هذا الأمر عامًا بينالعرب، فقد كانت بعض القبائل تمنع وأد البنات.
وكان الظلم ينتشر فيالمجتمع؛ فالقوى لا يرحم الضعيف، والغني لا يعطف على الفقير، بل يُسخرهلخدمته، وإن أقرضه مالا؛ فإنه يقرضه بالربا، فإذا اقترض الفقير دينارًا؛يرده دينارين، فيزداد فقرًا، ويزداد الغني ثراء، وكانت القبائل متفرقة، لكلقبيلة رئيس، وهم لا يخضعون لقانون منظم، ومع كل هذا الجهل والظلام في ذلكالعصر المسمى بالعصر الجاهلي، كانت هناك بعض الصفات الطيبة
والنبيلة؛كإكرام الضيف، فإذا جاء ضيف على أحدهم بذل له كل ما عنده، ولم يبخل عليهبشىء، فها هو ذا حاتم الطائي لم يجد ما يطعم به ضيوفه؛ فذبح
فرسه -وقد كانوا يأكلون لحم الخيل- وأطعمهم قبل أن يأكل هو.
وكانوا ينصرون المستغيث فإذا نادى إنسان، وقال: إني مظلوم اجتمعوا حولهوردوا إليه حقه، وقد حدث ذات مرة أن جاء رجل يستغيث، وينادي بأعلى صوته فيزعماء قريش أن ينصروه على العاص بن وائل الذي اشترى منه بضاعته، ورفض أنيعطيه ثمنها؛ فتجمع زعماء قريش في دار عبدالله بن جدعان وتحالفوا على أنينصروا المظلوم، ويأخذوا حقه من الظالم، وسموا ذلك الاتفاق حلف الفضول،وذهبوا إلى العاص بن وائل، وأخذوا منه ثمن البضاعة، وأعطوه لصاحبه.
وفيهذا المجتمع ولد محمد صلى الله عليه وسلم من أسرة كريمة المعدن، نبيلةالنسب، جمعت ما في العرب من فضائل، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم عننفسه: (إن الله اصطفى كنانة من ولد إسماعيل، واصطفى قريشًا من كنانة واصطفيمن قريش بني هاشم، واصطفاني من بني هاشم) [مسلم]




الجزء (2) : نسب النبى
هو محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي بن
كلاب بن مرة بن كعب بن لؤى بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن
كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان الذي يصل نسبه إلى إسماعيل بن إبراهيم -عليهما الصلاة والسلام..
جده هاشم وحكاية الثريد:
كان عمرو بن عبد مناف الجد الأكبر للرسول صلى الله عليه وسلم رجلا كريمًا فقد حدث في عصره أن نزل القحط بالناس، فلم يجدوا ما يأكلون، وكادوا يموتون جوعًا، وبدأ كل إنسان يفكر في نجاة نفسه فقط، فالذي عنده طعام يحرص عليه ويحجبه عن الناس، فذهب عمرو إلى بيته وأخرج ما عنده من الطعام، وأخذ يهشم الثريد (أي: يكسر الخبز في المرق) لقومه ويطعمهم، فسموه (هاشمًا)؛ لأنه كريم يهشم ثريده للناس جميعًا.
وعندما ضاق الرزق في مكة أراد هاشم أن يخفف عن أهلها، فسافر إلى الشام صيفًا، وإلى اليمن شتاء؛ من أجل التجارة، فكان أول من علَّم الناس هاتين الرحلتين، وفي إحدى الرحلات، وبينما هاشم في طريقه للشام مر بيثرب، فتزوج سلمى بنت عمرو إحدى نساء بني النجار، وتركها وهي حامل بابنه عبد المطلب لتلد بين أهلها الذين اشترطوا عليه ذلك عند زواجه منها.
جده عبدالمطلب وحكاية الكنز:
كان عبد المطلب بن هاشم جد الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم يسقي الحجيج الذين يأتون للطواف حول الكعبة، ويقوم على رعاية بيت الله الحرام فالتف الناس حوله، فكان زعيمهم وأشرفهم، وكان عبدالمطلب يتمنى لو عرف مكان بئر زمزم ليحفرها؛ لأنها كانت قد ردمت بمرور السنين، ولم يَعُد أحد يعرف مكانها، فرأى في منامه ذات ليلة مكان بئر زمزم، فأخبر قومه بذلك ولكنهم لم يصدقوه، فبدأ عبدالمطلب في حفر البئر هو وابنه الحارث، والناس يسخرون منهما، وبينما هما يحفران، تفجر الماء من تحت أقدامهما، والتف الناس حول البئر مسرورين، وظن عبدالمطلب أنهم سيشكرونه، لكنه فوجئ بهم ينازعونه امتلاك البئر، فشعر بالظلم والضعف لأنه ليس له أبناء إلا الحارث، وهو لا يستطيع نصرته، فإذا به يرفع يديه إلى السماء، ويدعو الله أن يرزقه عشرة أبناء من الذكور، ونذر أن يذبح أحدهم تقربًا لله.
حكاية الأبناء العشرة :
استجاب الله دعوة عبد المطلب، فرزقه عشرة أولاد، وشعر عبدالمطلب بالفرحة فقد تحقق رجاؤه، ورزق بأولاد سيكونون له سندًا وعونًا، لكن فرحته لم تستمر طويلا؛ فقد تذكر النذر الذي قطعه على نفسه، فعليه أن يذبح واحدًا من
أولاده، فكر عبدالمطلب طويلا، ثم ترك الاختيار لله تعالى، فأجرى قرعة بين أولاده، فخرجت القرعة على عبدالله أصغر أولاده وأحبهم إلى قلبه، فأصبح
عبد المطلب في حيرة؛ أيذبح ولده الحبيب أم يعصى الله ولا يفي بنذره؟
فاستشار قومه، فأشاروا عليه بأن يعيد القرعة، فأعادها مرارًا، لكن القدر كان يختار عبدالله في كل مرة، فازداد قلق عبدالمطلب، فأشارت عليه كاهنة بأن يفتدي ولده بالإبل، فيجري القرعة بين عبدالله وعشرة من الإبل، ويظل يضاعف عددها، حتى تستقر القرعة على الإبل بدلا من ولده، فعمل عبدالمطلب بنصيحة الكاهنة، واستمر في مضاعفة عدد الإبل حتى بلغت مائة بعير، وعندئذ وقعت القرعة عليها، فذبحها فداء لعبد الله، وفرحت مكة كلها بنجاة عبد الله، وذبح له والده مائة ناقة فداءً له، وازداد عبد المطلب حبًّا لولده، وغمره بعطفه
ورعايته.
أبوه عبدالله وزواجه المبارك من السيدة آمنة:
كان عبد الله أكرم شباب قريش أخلاقًا، وأجملهم منظرًا، وأراد والده
عبد المطلب أن يزوجه، فاختار له زوجة صالحة، هي السيدة آمنة بنت وهب بن عبد مناف بن زهرة أطهر نساء بني زهرة، وسيدة نسائهم، والسيدة آمنة تلتقي في نسبها مع عبدالله والد النبي صلى الله عليه وسلم في كلاب بن مرة، وتمر الأيام، ويخرج عبدالله في تجارة إلى الشام، بعد أن ترك زوجته آمنة حاملا ولحكمة يعلمها الله، مات عبد الله قبل أن يرى وليده.
حكاية الفيل:
وذات يوم، استيقظ أهل مكة على خبر أصابهم بالفزع والرعب، فقد جاء ملك اليمن أبرهة الأشرم الحبشي بجيش كبير، يتقدمه فيل ضخم، يريد هدم الكعبة حتى يتحول الحجيج إلى كنيسته التي بناها في اليمن، وأنفق عليها
أموالا كثيرة، واقترب الجيش من بيت الله الحرام، وظهر الخوف والهلع على وجوه أهل مكة، والتف الناس حول عبدالمطلب الذي قال لأبرهة بلسان الواثق من نصر الله تعالى: (للبيت رب يحميه).
فازداد أبرهة عنادًا، وأصرَّ على هدم الكعبة، فوجه الفيل الضخم نحوها، فلما اقترب منها أدار الفيل ظهره ولم يتحرك،، وأرسل الله طيورًا من السماء تحمل حجارة صغيرة، لكنها شديدة صلبة، ألقت بها فوق رءوس جنود أبرهة فقتلتهم وأهلكتهم. قال تعالى: {ألم تر كيف فعل ربك بأصحاب الفيل . ألم يجعل كيدهم في تضليل . وأرسل عليهم طيرًا أبابيل . ترميهم بحجارة من سجيل فجعلهم كعصف مأكول} [الفيل] وفي هذا العام ولد الرسول صلى الله عليه وسلم.



الجزء (3) : ميلاد الرسول وطفولته


فييوم الاثنين الثانيعشر من شهر ربيع الأول الذي يوافق عام (175م) ولدتالسيدة آمنة بنت وهب زوجة عبد الله بن عبد المطلب غلامًا جميلا، مشرقالوجه، وخرجت ثويبة الأسلمية خادمة أبي لهب -عم النبي صلى الله عليه وسلم- تهرول إلى سيدها أبي لهب، ووجهها ينطق بالسعادة، وما كادت تصل إليه حتىهمست له بالبشرى، فتهلل وجهه، وقال لها من فرط سروره:
اذهبي فأنت حرة! وأسرع عبد المطلب إلى بيت ابنه عبد الله ثم خرج حاملا الوليد الجديد، ودخلبه الكعبة مسرورًا كأنه يحمل على يديه كلَّ نعيم
الدنيا، وأخذ يضمه إلى صدره ويقبله في حنان بالغ، ويشكر الله ويدعوه، وألهمه الله أن يطلق على حفيده اسم محمد.
حكاية مرضعة الرسول صلى الله عليه وسلم:
جاءت المرضعات من قبيلة بني سعد إلى مكة؛ ليأخذن الأطفال الرُّضَّع إلىالبادية حتى ينشئوا هناك أقوياء فصحاء، قادرين على مواجهة أعباء الحياة،وكانت كل مرضعة تبحث عن رضيع من أسرة غنية ووالده حي؛ ليعطيها مالاًكثيرًا، لذلك رفضت كل المرضعات أن يأخذن محمدًا صلى الله عليه وسلم لأنهيتيم، وأخذته السيدة حليمة السعدية لأنها لم تجد رضيعًا غيره، وعاش محمدصلى الله عليه وسلم في قبيلة بني سعد، فكان خيرًا وبركة على حليمة وأهلها،حيث اخضرَّت أرضهم بعد الجدب والجفاف، وجرى اللبن في ضروع الإبل.
حكاية شق الصدر:
وفي بادية بني سعد وقعت حادثة غريبة، فقد خرج محمد صلى الله عليه وسلم ذاتيوم ليلعب مع أخيه من الرضاعة ابن حليمة السعدية، وفي أثناء لعبهما ظهررجلان فجأة، واتجها نحو محمد صلى الله عليه وسلم فأمسكاه، وأضجعاه علىالأرض ثم شقَّا صدره، وكان أخوه من الرضاعة يشاهد عن قرب ما يحدث
له، فأسرع نحو أمه وهو يصرخ، ويحكى لها ما حدث.
فأسرعت حليمة السعدية وهي مذعورة إلى حيث يوجد الغلام القرشي فهو أمانةعندها، وتخشى عليه أن يصاب بسوء، لكنها على عكس ما تصورت، وجدته واقفًاوحده، قد تأثر بما حدث، فاصفر لونه، فضمته في حنان إلى
صدرها، وعادتبه إلى البيت، فسألته حليمة: ماذا حدث لك يا محمد؟ فأخذ يقص عليها ما حدث،لقد كان هذان الرجلان ملكين من السماء أرسلهما الله تعالى؛ ليطهرا قلبهويغسلاه، حتى يتهيأ للرسالة العظيمة التي سيكلفه الله بها.
خافت حليمة على محمد، فحملته إلى أمه في مكة، وأخبرتها بما حدث
لابنها، فقالت لها السيدة آمنة في ثقة: أتخوفتِ عليه الشيطان؟ فأجابتهاحليمة: نعم، فقالت السيدة آمنة: كلا والله ما للشيطان عليه من سبيل، وإنلابني
لشأنًا؛ لقد رأيت حين حملت به أنه خرج مني نور، أضاء لي به قصور
الشام، وكان حَمْلُه يسيرًا، فرجعت به حليمة إلى قومها بعد أن زال الخوفمن قلبها، وظل عندها حتى بلغ عمره خمس سنوات، ثم عاد إلى أمه في مكة.
رحلة محمد صلى الله عليه وسلم مع أمه إلى يثرب:
وذات يوم، خرجت السيدة آمنة ومعها طفلها محمد وخادمتها أم أيمن من مكةمتوجهة إلى يثرب؛ لزيارة قبر زوجها عبد الله، وفاء له، وليعرف ولدها قبر
أبيه، ويزور أخوال جده من بني النجار، وكان الجو شديد الحر، وتحملت أعباءهذه الرحلة الطويلة الشاقة، وظلت السيدة آمنة شهرًا في المدينة، وأثناءعودتها مرضت وماتت وهي في الطريق، في مكان يسمى الأبواء، فدفنت فيه، وعادت
أم أيمن إلى مكة بالطفل محمد يتيمًا وحيدًا، فعاش مع جده عبدالمطلب، وكان عمر محمد آنذاك ست سنوات.

محمد صلى الله عليه وسلم في كفالة جده عبد المطلب:
بعد وفاة السيدة آمنة عاش محمد صلى الله عليه وسلم في ظل كفالة جدهعبدالمطلب الذي امتلأ قلبه بحب محمد، فكان يؤثر أن يصحبه في مجالسه
العامة، ويجلسه على فراشه بجوار الكعبة، ولكن عبدالمطلب فارق الحياة ومحمد في الثامنة من عمره.
محمد صلى الله عليه وسلم في كفالة عمه أبي طالب:
وتكفَّل به بعد وفاة جده عمه أبو طالب، فقام بتربيته ورعايته هو وزوجتهفاطمة بنت أسد، وأخذه مع أبنائه، رغم أنه لم يكن أكثر أعمام النبي صلى اللهعليه وسلم مالا، لكنه كان أكثرهم نبلا وشرفًا، فزاد عطفه على محمد صلىالله عليه وسلم حتى إنه كان لا يجلس في مجلس إلا وهو معه، ويناديه بابنه منشدة حبه له.
رحلة إلى الشام:
خرج محمد صلى الله عليه وسلم مع عمهأبو طالب في رحلة إلى الشام مع القوافل التجارية وعمره اثنا عشر عامًا،وتحركت القافلة، ومضت في
طريقها؛ حتى وصلت إلى بلدة اسمها (بصرى) وأثناء سيرها مرت بكوخ يسكنه راهب اسمه (بُحَيْرَى) فلما رأى القافلة خرجإليها، ودقق النظر في وجه محمد صلى الله عليه وسلم طويلا، ثم قال لأبيطالب: ما قرابة هذا الغلام منك؟ فقال أبوطالب: هو ابني -وكان يدعوه بابنهحبًّا له- قال بحيرى: ما هو بابنك، وما ينبغي أن يكون هذا الغلام أبوهحيًّا، قال أبو طالب: هو ابن أخي، فسأله بحيرى: فما فعل أبوه؟ قال أبوطالب: مات وأمه حبلى به؟ فقال له بحيرى: صدقت! فارجع به إلى بلده واحذرعليه اليهود!! فوالله لئن رأوه هنا ليوقعون به شرًّا، فإنه سيكون لابن أخيكهذا شأن عظيم، فأسرع أبو طالب بالعودة إلى مكة وفي صحبته ابن أخيه محمد.

.
الجزء (4) : النبى فى شبابه

كانالشباب في مكة يلهون ويعبثون، أما محمد صلى الله عليه وسلم فكان يعمل ولايتكاسل؛ يرعى الأغنام طوال النهار، ويتأمل الكون ويفكر في خلق الله، وقدذكر النبي صلى الله عليه وسلم -بعد أن أوتي النبوة- ذلك العمل، فقال: (مابعث الله نبيًّا إلا رعى الغنم) فقال أصحابه: وأنت؟ قال: (نعم، كنتُ أرعاهاعلى قراريط لأهل مكة) [البخاري] وكان الله -سبحانه- يحرسه ويرعاه علىالدوام؛ فذات يوم فكر أن يلهو كما يلهو الشباب، فطلب من صاحب له أن يحرسأغنامه، حتى ينزل مكة ويشارك الشباب في لهوهم، وعندما وصل إليها وجد حفلزواج، فوقف عنده، فسلط الله عليه النوم، ولم يستيقظ إلا في صباح اليومالتالي.
وعندما كانت قريش تجدد بناء الكعبة، كان محمد صلى الله عليهوسلم ينقل معهم الحجارة للكعبة وعليه إزاره، فقال له العباس عمه: اجعلإزارك على رقبتك يقيك الحجارة، ففعل، فخر إلى الأرض، وجعل ينظر بعينيه إلى
السماء، ويقول: إزاري.. إزاري، فشد عليه، فما رؤى بعد ذلك عريانًا.
التاجر الأمين:
وحين جاوز النبي صلى الله عليه وسلم العشرين من عمره أُتيحت له فرصة السفرمع قافلة التجارة إلى الشام، ففي مكة كان الناس يستعدون لرحلة الصيفالتجارية إلى الشام، وكل منهم يعد راحلته وبضاعته وأمواله، وكانت السيدةخديجة بنت خويلد -وهي من أشرف نساء قريش، وأكرمهن أخلاقًا، وأكثرهن مالا- تبحث عن رجل أمين يتاجر لها في مالها ويخرج به مع القوم، فسمعت عن محمدوأخلاقه العظيمة، ومكانته عند أهل مكة جميعًا ، واحترامهم له؛ لأنه صادقأمين، فاتفقت معه أن يتاجر لها مقابل مبلغ من المال، فوافق محمد صلى اللهعليه وسلم وخرج مع غلام لها اسمه ميسرة إلى الشام.
تحركت القافلة في طريقها إلى الشام، وبعد أن قطع القوم المسافات
الطويلة نزلوا ليستريحوا بعض الوقت، وجلس محمد صلى الله عليه وسلم تحتشجرة، وعلى مقربة منه صومعة راهب، وما إن رأى الراهب محمدًا صلى الله عليهوسلم حتى أخذ ينظر إليه ويطيل النظر، ثم سأل ميسرة: من هذا الرجل الذي نزلتحت هذه الشجرة؟ فقال ميسرة: هذا رجل من قريش من
أهل الحرم، فقالالراهب: ما نزل تحت هذه الشجرة إلا نبي، وباعت القافلة كل تجارتها، واشترتما تريد من البضائع، وكان ميسرة ينظر إلى محمد ويتعجب من سماحته وأخلاقهوالربح الكبير الذي حققه في مال السيدة خديجة.
وفي طريق العودة حدث أمرعجيب، فقد كانت هناك غمامة في السماء تظل محمدًا وتقيه الحر، وكان ميسرةينظر إلى ذلك المشهد، وقد بدت على وجهه علامات الدهشة والتعجب، وأخيرًاوصلت القافلة إلى مكة فخرج الناس لاستقبالها مشتاقين؛ كل منهم يريدالاطمئنان على أمواله، وما تحقق له
من ربح، وحكى ميسرة لسيدته خديجةما رأى من أمر محمد، فقد أخبرها بما قاله الراهب، وبالغمامة التي كانت تظلمحمدًا في الطريق؛ لتقيه من الحر دون سائر أفراد القافلة.
زواج محمد صلى الله عليه وسلم من السيدة خديجة:
استمعت السيدة خديجة إلى ميسرة في دهشة، وقد تأكدت من أمانة محمد
صلى الله عليه وسلم وحسن أخلاقه، فتمنت أن تتزوجه، فأرسلت السيدة خديجةصديقتها نفيسة بنت منبه؛ لتعرض على محمد الزواج، فوافق محمد صلى الله عليهوسلم على هذا الزواج، وكلم أعمامه، الذين رحبوا ووافقوا على هذا
الزواج، وساروا إلى السيدة خديجة يريدون خطبتها؛ فلما انتهوا إلى دار خويلدقام أبو طالب عم النبي وكفيله يخطُب خُطبة العرس، فقال: (الحمد لله الذيجعلنا من ذرية إبراهيم وزرع إسماعيل، وجعل لنا بيتًا محجوجًا وحرمًا
آمنًا، وجعلنا أمناء بيته، وسُوَّاس حرمه، وجعلنا الحكام على الناس، ثم إنابن أخي هذا محمد بن عبد الله لا يوزن به رجل شرفًا ونبلاً وفضلاً، وإن كانفي المال قلا، فإن المال ظل زائل، وقد خطب خديجة بنت خويلد وبذل لها منالصداق ما عاجله وآجله من مالي كذا وكذا، وهو والله بعد هذا له نبأ
عظيم، وخطر جليل) وتزوج النبي صلى الله عليه وسلم السيدة خديجة، وعاشا معًاحياة طيبة موفقة، ورزقهما الله تعالى البنين والبنات، فأنجبت له ستة أولادهم: زينب، ورقية، وأم كلثوم، وفاطمة، وعبدالله، والقاسم، وبه يكنى الرسولفيقال: أبو القاسم.
بناء الكعبة وقصة الحجر الأسود:
اجتمعتقريشلإعادة بناء الكعبة، وأثناء البناء اختلفوا فيمن ينال شرف وضع الحجر الأسودفي مكانه، واشتد الخلاف بينهم، وكاد أن يتحول إلى حرب بين قبائل قريش،ولكنهم تداركوا أمرهم، وارتضوا أن يُحكِّموا أول داخل عليهم وانتظر القوم،وكل واحد يسأل نفسه: ترى من سيأتي الآن؟ ولمن سيحكم؟ وفجأة تهللت وجوههمبالفرحة والسرور عندما رأوا محمدًا يقبل عليهم، فكل واحدٍ منهم يحبه ويثقفي عدله وأمانته ورجاحة عقله وسداد رأيه، فهتفوا: هذا الأمين قد رضيناهحَكَما، وعرضوا عليه الأمر وطلبوا منه أن يحكم بينهم، فخلع الرسول صلى اللهعليه وسلم رداءه ووضع الحجر عليه، ثم أمر رؤساء القبائل فرفعوا الثوب حتىأوصلوا الحجر إلى مكانه من الكعبة، عندئذ حمله الرسول صلى الله عليه وسلمبيده الشريفة ووضعه مكانه، وهكذا كفاهم الله
شر القتال.



الجزء (5) : الوحي

كانمحمد صلى الله عليه وسلم يكثر من الذهاب إلى غار حراء، فيجلس وحده فيهأيامًا بلياليها؛ يفكر في خالق هذا الكون بعيدًا عن الناس وما يفعلونه
من آثام، ولقد كان يمشي تلك المسافة الطويلة ويصعد ذلك الجبل العالي، ثميعود إلى مكة ليتزود بالطعام ويرجع إلى ذلك الغار، وظل مدة لا يرى رؤيا إلاوتحققت كما رآها، وبدأت تحدث له أشياء عجيبة لا تحدث لأي إنسان
آخر،فقد كان في مكة حَجَر يسلم عليه كلما مر به، قال صلى الله عليه وسلم: (إنيلأعرف حجرًا بمكة كان يسلم عليَّ قبل أن أبعث، إني لأعرفه
الآن) [مسلم].
وكان النبي صلى الله عليه وسلم يجلس ذات يوم في الغار، وإذا بجبريل -عليهالسلام- ينزل عليه في صورة رجل ويقول له: اقرأ. وكان النبي صلى الله عليهوسلم لا يعرف القراءة ولا الكتابة، فخاف وارتعد، وقال للرجل: ما أنا بقارئ. وإذا بجبريل -عليه السلام- يضم النبي صلى الله عليه وسلم إليه بشدة، ثميتركه ويقول له: اقرأ. فقال محمد: ما أنا بقارئ. وتكرر ذلك مرة ثالثة، فقالجبريل: {اقرأ باسم ربك الذي خلق . خلق الإنسان من علق . اقرأ وربك الأكرم} _[العلق:1-3]. فكانت هذه أولى آيات القرآن التي نزلت في شهر رمضان علىرسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في السنة الأربعين من عمره.
رجع محمدصلى الله عليه وسلم إلى بيته مسرعًا، ثم رقد وهو يرتعش، وطلب من زوجته أنتغطيه قائلا: (زملونى، زملونى) وحكى لها ما رآه في الغار، فطمأنته السيدةخديجة، وقالت له: كلا والله لا يخزيك الله أبدًا، إنك لتصل الرحم وتحملالكلَّ (الضعيف) وتُكسب المعدوم، وتُقري (تكرم) الضيف، وتعين على نوائبالحق، فلما استمع النبي صلى الله عليه وسلم إلى كلام السيدة خديجة، عادتإليه الطمأنينة، وزال عنه الخوف والرعب، وبدأ يفكر فيما حدث.



حكاية ورقة بن نوفل:
وكان للسيدة خديجة ابن عم، اسمه (ورقة بن نوفل) على علم بالديانة المسيحيةفذهبت إليه ومعها زوجها؛ ليسألاه عما حدث، فقالت خديجة لورقة: يابن عماسمع من ابن أخيك، فقال ورقة: يابن أخي ماذا ترى؟ فأخبره النبي صلى اللهعليه وسلم بالذي حدث في غار حراء، فلما سمعه ورقة قال: هذا الناموس الذيكان ينزل على موسى، ثم أخبره (ورقة) أنه يتمنى أن يعيش حتى ينصره، ويكونمعه عندما يحاربه قومه، ويُخرجونه من مكة، فلما سمع الرسول صلى الله عليهوسلم ذلك تعجب وسأل ورقة قائلا: أو مُخرجيَّ هم؟ فقال له: نعم، لم يأتِ أحدبمثل ما جئت به إلا عُودِيَ، ومنذ ذلك اليوم والرسول صلى الله عليه وسلميزداد شوقًا لوحي السماء الذي تأخر نزوله عليه بعد هذه المرة.
عودة الوحي:
وبعد فترة، وبينما كان النبي صلى الله عليه وسلم يمشي إذا به يسمع صوتًا،فرفع وجهه إلى السماء، فرأى الملك الذي جاءه في غار حراء جالسًا على كرسيبين السماء والأرض، فارتعد الرسول صلى الله عليه وسلم من هول المنظر، وأسرعإلى المنزل، وطلب من زوجته أن تغطيه، قائلا: دثرونى . دثرونى، وإذا بجبريلينزل إليه بهذه الآيات التي يوجهها الله إليه: {يا أيها المدثر . قم فأنذر . وربك فكبر . وثيابك فطهر . والرجز فاهجر} _[المدثر: 1-5] وفي هذه الآياتتكليف من الله سبحانه لرسوله صلى الله عليه وسلم أن يدعو الناس.
الدعوة إلى الإسلام سرَّا:
كان الناس في مكة يعبدون الأصنام منذ زمن بعيد، وقد ورثوا عبادتها عنآبائهم وأجدادهم؛ فبدأ الرسول صلى الله عليه وسلم بالدعوة إلى الإسلامسرَّا، وبدأ بأقرب الناس إليه، فآمنت به زوجته خديجة بنت خويلد، وآمن بهأيضًا ابن عمه علي بن أبي طالب، وكان غلامًا في العاشرة من عمره، وكان رسولالله صلى الله عليه وسلم هو الذي يقوم بتربيته، وكان صديقه أبو بكر أولالذين آمنوا به من الرجال، وكان ذا مكانة عظيمة بين قومه، يأتي الناس إليهويجلسون
معه، فاستغل أبو بكر مكانته هذه وأخذ يدعو من يأتي إليه ويثق فيه
إلى الإسلام، فأسلم على يديه عبدالرحمن بن عوف، وعثمان بن عفان، والزبير ابن العوام، وطلحة بن عبيد الله .. وغيرهم.
ولم تكن الصلاة قد فرضت في ذلك الوقت بالكيفية التي نعرفها، ولكن رسولالله صلى الله عليه وسلم كان يصلي بأصحابه الذين أسلموا سرًّا ركعتين قبلطلوع الشمس وركعتين قبل الغروب، وذلك في مكان بعيد عن أعين
الكفار.
وذات يوم كان الرسول صلى الله عليه وسلم يصلي بأصحابه في شِعبٍ من شِعَابِمكة، إذ أقبل عليهم أبو طالب عم النبي صلى الله عليه وسلم والذي لم يؤمنبرسالته، فلما رأى الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه يصلون، سأله عن هذاالدين الجديد، فأخبره الرسول صلى الله عليه وسلم به لأنه يثق في عمه ويأملأن يدخل الإسلام، ولكن أبا طالب رفض أن يترك دين آبائه وأجداده وطمأن النبيصلى الله عليه وسلم وتعهد بحمايته من أعدائه، وأوصى ابنه عليًّا أن يلزمرسول الله صلى الله عليه وسلم، واستمر الرسول صلى الله عليه وسلم يدعو قومهسرَّا، وعدد المسلمين يزداد يومًا بعد يوم، ويقوى الإيمان في قلوبهم بماينزله الله عليهم من القرآن الكريم، وظلوا هكذا ثلاث سنوات.


الجزء (6) :مرحلة الدعوة الجهرية

أمر الله سبحانه رسوله صلى الله عليه وسلم أن يجهر بالدعوة ويبدأ بعشيرتهوأهله، فقال تعالى: {وأنذر عشيرتك الأقربين} _[الشعراء:214] فنادى الرسولصلى الله عليه وسلم قريشًا، وقال: (يا بني كعب أنقذوا أنفسكم من النار، يابني عبد شمس أنقذوا أنفسكم من النار، يا بني عبد مناف أنقذوا أنفسكم منالنار، يا بني هاشم وبني عبد المطلب أنقذوا أنفسكم من النار، يا فاطمةأنقذي نفسك من النار، فإني والله لا أملك لكم من الله شيئًا إلا أن لكمرحمًا سأَبُلُّهَا بِبِلالِهَا (سَأصِلُها) ) _[مسلم].
ونزل هذاالكلام على قلوب الكفار نزول الصاعقة، فقد أصبحت المواجهة واضحة بينهم وبينرسول الله صلى الله عليه وسلم، إنه يطلب منهم أن يتركوا الأصنام التييعبدونها، وأن يتركوا الفواحش، فلا يتعاملون بالربا، ولا يزنون، ولا يقتلونأولادهم، ولا يظلمون أحدًا، لكنهم قابلوا تلك الدعوة بالرفض، وبدءوايسخرون من النبي صلى الله عليه وسلم، ومن دعوته، فصبر صلى الله عليه وسلمعليهم وعلى تطاولهم.
وذات مرة، كان النبي صلى الله عليه وسلم يطوفبالبيت، فتطاول عليه بعض الكفار بالكلام، ولكنه صبر عليهم ومضى، فلما مرَّعليهم ثانية تطاولوا عليه بمثل ما فعلوا، فصبر ولم يرد، ثم مرَّ بهمالثالثة، فتطاولوا عليه بمثل ما فعلوا أيضًا، فقال صلى الله عليه وسلم لهم: (أتسمعون يا معشر قريش؟ أما والذي نفسي بيده، لقد جئتكم بالذبح) فخافالقوم حتى إن أكثرهم وقاحة أصبح يقول للرسول
صلى الله عليه وسلم بكل أدب: انصرف يا أبا القاسم، انصرف راشدًا، فوالله ما كنت جهولا.
وذات يوم، أقبل رجل من بلد اسمها (إراش) إلى مكة، فظلمه أبو جهل، وأخذ منه إبله، فذهب الرجل إلى نادي قريش يسألهم عن رجل ينصره على
أبي جهل، وهنا وجد الكفار فرصة للتسلية والضحك والسخرية من رسول الله صلىالله عليه وسلم، فأمروا الرجل أن يذهب إلى الرسول صلى الله عليه وسلم ليأخذله حقه، فذهب الرجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأخذوا ينظرون إليهليروا ما سيحدث، فقام النبي صلى الله عليه وسلم مع الرجل ليعيد له حقه منأبي جهل، فأرسلوا وراءه أحدهم؛ ليرى ما سوف يصنعه أبوجهل مع رسول الله صلىالله عليه وسلم، فذهب الرسول صلى الله عليه وسلم إلى بيت أبي جهل، وطرقبابه، فخرج أبو جهل من البيت خائفًا مرتعدًا، وقد تغير لونه من شدة الخوف،فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أعطِ هذا الرجل حقه) فرد أبو جهلدون تردد: لا تبرح حتى أعطيه الذي له، ودخل البيت مسرعًا، فأخرج مال الرجل،فأخذه، وانصرف.
وعندما أقبل أبو جهل على قومه بادروه قائلين: ويلك! مابك؟ فقال لهم: والله ما هو إلا أن ضرب عليَّ وسمعت صوته فملئت منه رعبًا،ثم خرجت إليه، وإن فوق رأسه لفحلا من الإبل ما رأيتُ مثلَه قط، فوالله لوأبَيتُ لأكلني. [البيهقي]
وبدأ كفار قريش مرحلة جديدة من المفاوضات،فذهبوا إلى أبي طالب عم النبي صلى الله عليه وسلم، وقالوا له: يا أبا طالب،إن ابن أخيك قد سبَّ
آلهتنا، وعاب ديننا، وسفه أحلامنا، وضلل آباءنا،فإما أن تكفه عنا، وإما أن تخلى بيننا وبينه، فردَّ عليهم أبو طالب ردًّارقيقًا، فانصرفوا عنه.
ولكن رسول الله صلى الله عليه وسلم استمر فيإظهار دين الله ودعوة الناس إليه، فجمع الكفار أنفسهم مرة أخرى وذهبوا إلىأبي طالب، فقالوا له: يا أبا طالب، إن لك سنًّا وشرفًا ومنزلة فينا، وإناقد استنهيناك من ابن أخيك فلم تنهه عنا، وإنا والله لا نصبر على هذا من شتمآبائنا، وتسفيه أحلامنا، وعيب
آلهتنا، حتى تكفه عنا، أو ننازله وإياك في ذلك حتى يهلك أحد الفريقين.
وأرسل أبو طالب إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فلما جاء قال له: يابن أخي! إن قومك قد جاءوني، وقالوا كذا وكذا فأَبقِ علىَّ وعلى نفسك، ولا تُحملنيمن الأمر ما لا أطيق أنا ولا أنت، فاكفف عن قومك ما يكرهون من قولك، فقالالنبي صلى الله عليه وسلم لعمه: (والله يا عم لو وضعوا الشمس في يمينيوالقمر في يساري، ما تركت هذا الأمر حتى يظهره الله أو أهلك فيه) فقال أبوطالب: امضِ على أمرك وافعل ما أحببت، فوالله! لا أسلمك لشيء أبدًا.
لميستطع المشركون أن يوقفوا مسيرة الدعوة للإسلام، ولم يستطيعوا إغراء الرسولصلى الله عليه وسلم بالمال أو بالجاه، وقد خاب أملهم في عمه
أبي طالب، وها هو ذا موسم الحج يقبل، والعرب سوف يأتون من كل
مكان، وقد سمعوا بمحمد ودعوته، وسوف يستمعون إليه وربما آمنوا به
ونصروه، فتسرب الخوف إلى قلوب الكفار في مكة، وفكروا في قول واحد يتفقونعليه ويقولونه عن محمد صلى الله عليه وسلم حتى يصرفوا العرب
عنه،فالتفوا حول الوليد بن المغيرة، وكان أكبرهم سنًّا؛ فقال أحدهم: نقول إنمحمدًا كاهن، فقال الوليد: والله ما هو بكاهن، لقد رأينا الكهان فما هوبزمزمة الكاهن ولا سجعه، فقالوا: نقول إن محمدًا مجنون، فقال لهم: ما هوبمجنون لقد رأينا الجنون وعرفناه، فقالوا: نقول إن محمدًا شاعر، فقال لهم: ما هو بشاعر لقد عرفنا الشعر كله فما هو بالشعر، فقالوا: نقول ساحر، فقاللهم: ما هو
بساحر، لقد رأينا السحرة وسحرهم وما هو منهم.
فقالواللوليد بن المغيرة: فما تقول يا أبا عبد شمس؟ فأقسم لهم أن كلام محمد هوأحلى الكلام وأطيبه، وما هم بقائلين من هذا شيئًا إلا عُرف أنه باطل، وإنأقرب القول فيه أن تقولوا: إن محمدًا ساحر يفرق بين المرء وأخيه وبين الرجلوزوجته والرجل وأبيه، فوافق الكفار على رأيه وانتشروا في موسم الحج يرددونهذه الافتراءات بين الناس، حتى يصدوهم عن دعوة رسول الله صلى الله عليهوسلم، فأنزل الله تعالى في الوليد بن المغيرة قوله: {ذرني ومن خلقت
وحيدًا . وجعلت له مالاً ممدودًا . وبنين شهودًا . ومهدت له تمهيدًا . ثميطمع أن أزيد . كلا إنه كان لآياتنا عنيدًا . سأرهقه صعودًا . إنه فكر وقدر . فقتل كيف قدر . ثم قتل كيف قدر . ثم نظر . ثم عبس وبسر . ثم أدبر
واستكبر . فقال إن هذا إلا سحر يؤثر . إن هذا إلا قول البشر . سأصليه
سقر . وما أدراك ما سقر . لا تبقي ولا تذر . لواحة للبشر . عليها تسعة عشر} _[المدثر:11-30].
إسلام عمر بن الخطاب:
دعا الرسول صلى الله عليه وسلم الله أن يعز الإسلام بأحد العمرين: عمر بنالخطاب، أو عمرو بن هشام، وكان عمر بن الخطاب قبل أن يسلم شديد الإيذاءللمسلمين، وذات يوم حمل عمر سيفه، وانطلق يبحث عن محمد ليقتله، وفي الطريققابله رجل، وأخبره أن أخته فاطمة قد أسلمت هي وزوجها سعيد بن زيد، فاتجهعمر غاضبًا نحو دار أخته، ودق الباب، وكان الصحابي خباب بن الأَرَتِّ -رضيالله عنه- يعلِّم أخت عمر وزوجها القرآن الكريم، فلما سمعوا صوت عمر امتلأتقلوبهم بالرعب والخوف، وأسرع خباب فاختبأ في زاوية من البيت، ودخل عمرفقال: لقد أُخبرت أنكما تبعتما محمدًا على دينه، ثم ضرب زوج أخته، وضربأخته على وجهها حتى سال الدم من وجهها، ولكنها لم تخف، وقالت له في ثباتوشجاعة: نعم أسلمنا وآمنا بالله ورسوله، فاصنع ما شئت.
ندم عمر على ما صنع بأخته، وطلب منها الصحيفة التي كانوا يقرءون
منها، فقالت له: يا أخي إنك نجس وإنه لا يمسه إلا المطهرون، فقام عمرفاغتسل، فأعطته الصحيفة، فقرأ عمر: بسم الله الرحمن الرحيم {طه . ما أنزلناعليكم القرآن لتشقى . إلا تذكرة لمن يخشى . تنزيلاً ممن خلق الأرضوالسموات العلى . الرحمن على العرش استوى . له ما في السموات وما في الأرضوما بينهما وما تحت الثرى . وإن تجهر بالقول فإنه يعلم السر
وأخفى . الله لا إله إلا هو له الأسماء الحسنى} _[طه:1-8].
وكانت هذه الآيات نورًا جذب عمر إلى الإسلام وأضاء له طريق الحق، فما إنقرأها حتى لان قلبه، وهدأ طبعه، وذهب عنه الغضب، وقال -والإيمان يفيض فيجوانحه-: ما أحسن هذا الكلام وما أكرمه، ثم ذهب إلى النبي صلى الله عليهوسلم وأعلن إسلامه، وبعد قليل من إسلام عمر بن الخطاب -رضي الله
عنه- سار رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الكعبة في وضح النهار بين عمر بنالخطاب وحمزة بن عبدالمطلب -رضي الله عنهما- وامتنع أصحاب رسول الله صلىالله عليه وسلم بهما، وكان المسلمون لا يقدرون أن يُصَلُّوا عند الكعبة حتىأسلم عمر بن الخطاب، فلما أسلم هو وحمزة بن عبدالمطلب صلى المسلمون عندالكعبة.



موضوع: الجزء (7) : الهجرة إلى الحبشة

أصبحتمكة سجنًا كبيرًا يعذب فيه ضعفاء المسلمين، فهذا أمية بن خلف يُخرج عبدهبلال بن رباح -رضي الله عنه- في حر الظهيرة ويطرحه على ظهره عريانًا فوقالرمال المحرقة، ويضع على صدره صخرة كبيرة، كل هذا العذاب لأن بلالا أسلموسيده يريد منه أن يكفر بمحمد ويعبد الأصنام، لكن بلالا كان قوي الإيمانصلب العقيدة، لم يلن ولم يستسلم، وكان يردد قائلا: أحد .. أحد. وتحمل كلهذا العذاب حتى فَرَّجَ الله عنه.
وعُذِّبَ المسلمون داخل بيوتهم؛ فهذامصعب بن عمير قد حبسته أمه، ومنعت عنه الطعام، وجمعت أخواله حتى يعذبوهليترك الإسلام، وهكذا أصبحت مكة مكانًا غير مأمون على المسلمين، فتعذيبالكفار لهم يزداد يومًا بعد يوم، ففكر النبي صلى الله عليه وسلم في مكانيطمئن فيه على أصحابه، فوقع اختياره على الحبشة، فأمر أصحابه ممن يطيقونالهجرة بالتوجه إليها، لأن فيها ملكًا لا يُظلم عنده أحد، وخرج بعضالمسلمين المهاجرين إلى هناك سرًّا، وكان من بينهم عثمان بن عفان وزوجتهرقية بنت النبي صلى الله عليه وسلم، وجعفر بن أبي طالب وزوجته أسماء بنتعميس، وعبدالله بن مسعود -رضي الله عنهم- وغيرهم.
ولما علم أهل قريشبذلك اشتد غيظهم ورفضوا أن يتركوا المسلمين المهاجرين إلى الحبشة وشأنهم،بل صمموا على إرجاعهم إلى مكة، فاختاروا من بينهم رجلين معروفين بالذكاء،وهما: عمرو بن العاص وعبدالله بن أبي بلتعة وأرسلوهما بهدايا إلى ملكالحبشة، فدخل عمرو بن العاص على النجاشي، وقال له: أيها الملك، إنه ضَوَى (جاء) إلى بلدك منا سفهاء، فارقوا دين قومهم، ولم يدخلوا في دينكم، وجاءوابدين مبتدع، لا نعرفه نحن ولا أنتم، وقد بعثنا إلى الملك فيهم آباؤهموأعمامهم وعشائرهم؛ لتردهم إليهم، فهم أعلى بهم عينًا وأعلم بما عابواعليهم، فرفض النجاشي أن يسلِّم المسلمين لهم، حتى يبعث إليهم ويتأكد من صحةكلام عمرو وصاحبه.
فأرسل النجاشي في طلب المسلمين المهاجرين إلى بلادهفجاءوا إليه، وأنابوا جعفر بن أبي طالب -رضي الله عنه- حتى يتحدث باسمهم،فسأله النجاشي: ما هذا الدين الذي قد فارقتم به قومكم، ولم تدخلوا في ديني،ولا في دين أحد من هذه الملل؟ فَرَدَّ عليه جعفر قائلا: أيها الملك، كناقومًا أهل جاهلية، نعبد الأصنام، ونأكل الميتة، ونأتي الفواحش، ونقطعالأرحام، ونسيء الجوار، ويأكل القوي منا الضعيف، فكنا على ذلك حتى بعث اللهإلينا رسولا منا، نعرف
نسبه، وصدقه، وأمانته، وعفافه، فدعانا إلىالله لنوحده ونعبده، ونخلع ما كنا نعبد نحن وآباؤنا من دونه من الحجارةوالأوثان، وأمرنا بصدق الحديث، وأداء الأمانة، وصلة الرحم، وحسن الجوار،والكف عن المحارم والدماء، ونهانا عن الفواحش، وقول الزور، وأكل مالاليتيم، وقذف المحصنات.
وأمرنا أن نعبد الله وحده ولا نشرك به شيئًا،وأمرنا بالصلاة والزكاة والصيام فصدَّقناه وآمنا به، واتبعناه على ما جاءبه من الله، فعبدنا الله وحده فلم نشرك به شيئًا، وحرمنا ما حرم علينا،وأحللنا ما أحل لنا، فعدا علينا قومُنا فعذبونا وفتنونا عن ديننا، ليردوناإلى عبادة الأوثان عن عبادة الله -تعالى- وأن نستحل ما كنا نستحل منالخبائث، فلما قهرونا وظلمونا وضيَّقوا علينا، وحالوا بيننا وبين ديننا،خرجنا إلى بلادك، واخترناك على من سواك، ورغبنا في جوارك، ورجونا أن لانُظلَم عندك أيها الملك، فقال له النجاشي: هل معك مما جاء به الله من شيء؟قال جعفر: نعم. فقال النجاشي: اقرأه عليَّ.
فقرأ عليه جعفر أول سورةمريم، فبكى النجاشي، ثم قال: إن هذا والذي جاء به عيسى ليخرج من مشكاةواحدة، ثم قال لعمرو وصاحبه: انطلقا، فلا والله لا أسلمهم إليكما، وردَّالنجاشي الهدايا إلى عمرو ولم يسلم المسلمين إليه، وهكذا فشل المشركون فيالإيقاع بين المسلمين وملك الحبشة.



الجزء (8) : المقاطعة


ازدادعدد المسلمين، وانضم إليهم عدد من أصحاب القوة والسيطرة، فأصبح من الصعبعلى المشركين تعذيبهم، ففكروا في تعذيب من نوع آخر، يشمل كل المسلمين قويهموضعيفهم، بل يشمل كل من يحمي النبي صلى الله عليه وسلم والمسلمين حتى ولولم يدخل في الإسلام، فقرر المشركون أن يقاطعوا بني هاشم ومن معهم، فلايزوجونهم ولا يتزوجون منهم، ولا يبيعون لهم ولا يشترون منهم، ولا يكلمونهم،ولا يدخلون بيوتهم، وأن يستمروا هكذا حتى يُسلِّموا إليهم محمدًا ليقتلوهأو يتركوا دينهم، وأقسم المشركون على هذا العهد، وكتبوه في صحيفة وعلقوهاداخل الكعبة.
وأحكم المشركون الحصار، فاضطر الرسول صلى الله عليه وسلمومن معه إلى الاحتباس في شعب بني هاشم، وكان رجال قريش ينتظرون التجارالقادمين إلى مكة ليشتروا منهم الطعام ويمنعوا المسلمين من شرائه، فيظلواعلى جوعهم، فهذا أبو لهب يقول لتجار قريش عندما يرى مسلمًا يشترى طعامًالأولاده: يا معشر التجار، غالوا على أصحاب محمد؛ حتى لا يدركوا معكم شيئًا،فيزيدون عليهم في السلعة، حتى يرجع المسلم إلى أطفاله، وهم يتألمون منالجوع، وليس في يديه شيء يطعمهم به.
ويذهب التجار إلى أبي لهب فيربحهمفيما اشتروا من الطعام واللباس، حتى تعب المؤمنون ومن معهم من الجوعوالعرى، واستمر هذا الحصار على بني هاشم والمسلمين مدة ثلاث سنوات، ولكنالمسلمين أثبتوا أنهم أقوى من كل حيل المشركين، فإيمانهم راسخ في قلوبهم لايزحزحه جوع ولا عطش، حتى وإن اضطروا إلى أكل أوراق الشجر، فلم ييأسوا، ولمينفضُّوا من حول نبيهم صلى الله عليه وسلم.
وشعر بعض المشركين بسوء مايفعلونه، فقرروا إنهاء هذه المقاطعة الظالمة وأرسل الله تعالى الأرضة (دودة أو حشرة صغيرة تشبه النملة) فأكلت صحيفتهم، ولم تُبْقِ إلا اسم اللهتعالى، وأوحى الله إلى نبيه بذلك، فأخبر النبي صلى الله عليه وسلم عمه أباطالب بما حدث للصحيفة، فذهب أبو طالب إلى الكفار وأخبرهم بما أخبره محمدصلى الله عليه وسلم به، فأسرعوا إلى الصحيفة، فوجدوا ما قاله أبو طالبصدقًا، وتقدم من المشركين هشام بن عمرو، وزهير بن أبي أمية والمطعم بن عدى،وأبو البختري بن هشام، وزمعة بن الأسود، فتبرءوا من هذه المعاهدة، وبذلكانتهت المقاطعة بعد ثلاث سنوات من الصبر، والثبات
والتحمل.

الجزء (9) : عام الحزن


فيالعام العاشر من البعثة كانت الأحزان على موعد مع الرسول صلى الله عليهوسلم، فقد مات عمه أبو طالب الذي كان يحميه من أهل مكة، ثم ماتت زوجتهالوفية الصادقة السيدة خديجة -رضي الله عنها- التي كانت تخفف عنه، وتؤيدهفي دعوته إلى الله -عز وجل- وهي التي آمنت به وساعدته بمالها، ورزقه اللهمنها الأولاد، فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحبها ويقدرها، وبشرهاالرسول صلى الله عليه وسلم بالجنة -قبل موتها- فقد أتى جبريل -عليه السلام- النبي صلى الله عليه وسلم فقال: (يا رسول الله، هذه خديجة قد أتت معهاإناء فيه إدام، أو طعام، أو شراب، فإذا هي أتتك فاقرأ عليها السلام من ربها
ومني، وبشِّرها ببيت في الجنة من قصب (المراد به لؤلؤة مجوفة واسعة كالقصر الكبير) لا صخب فيه ولا نصب) _[البخاري].
فحزن الرسول صلى الله عليه وسلم حزنًا شديدًا على وفاة زوجته وعمه، وازدادقلقه على الدعوة، فقد فقد نصيرين كبيرين، وصدق ما توقعه الرسول صلى اللهعليه وسلم، فقد اشتد تعذيب المشركين له ولأصحابه.
زواج الرسول صلى الله عليه وسلم من السيدة سودة:
كانت السيدة سودة بنت زمعة -رضي الله عنها- قد أسلمت في بداية الإسلاموهاجرت إلى الحبشة مع زوجها السكران بن عمرو، ثم عادت إلى مكة، وقد ماتزوجها، فتزوجها الرسول صلى الله عليه وسلم إكرامًا لها، ورحمة بها.
رحلة الرسول صلى الله عليه وسلم إلى الطائف
لم ييأس الرسول صلى الله عليه وسلم بعد أن أعرض أهل مكة عن قبول الدعوةولكنه بحث عن مكان آخر لنشر الدين، فأرض الله واسعة، وقد أرسله الله تعالىليخرج الناس جميعًا من الظلمات إلى النور.
فسافر رسول الله صلى اللهعليه وسلم ومعه خادمه زيد بن حارثة إلى الطائف وكان ذلك بعد مضي عشر سنواتمن بعثته، وظل في الطائف عشرة أيام يدعو كبار القوم إلى الإسلام، ولكنالطائف لم تكن أحسن حالا من مكة، فقد رفض أهلها قبول دعوته، ولم يكتفوابذلك، بل إنهم سَلَّطوا عليه صبيانهم وسفهاءهم فوقفوا صفين على طول طريقالرسول صلى الله عليه وسلم يسبونه، ويقذفونه بالحجارة هو وزيد بن حارثةالذي كان يدافع عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بنفسه ويصد الحجارة، حتىجرح في رأسه، وسال الدم من قدم الرسول صلى الله عليه وسلم.
عندئذ توجهالرسول صلى الله عليه وسلم إلى ربه، ولجأ إليه، ورفع يديه قائلا: (اللهمإليك أشكو ضعف قوتي وقلة حيلتي وهواني على الناس، يا أرحم الراحمين، أنت ربالمستضعفين، وأنت ربي، إلى من تكلني، إلى بعيد
يتجهمني، أم إلى عدوملكته أمري؟! إن لم يكن بك غضب عليَّ فلا أبالي، غير أن عافيتك هي أوسع لي،أعوذ بنور وجهك الذي أشرقت له الظلمات، وصلح عليه أمر الدنيا والآخرة أنيحل علي غضبك، أو أن ينزل بي سخطك، لك العتبى (التوبة والرجوع والاستغفار) حتى ترضى، ولا حول ولا قوة إلا بك)
[ابن إسحاق].
ووجد النبي صلىالله عليه وسلم بستانًا لعتبة وشيبة ابني ربيعة فجلس فيه يريح جسده المتعبلبعض الوقت، ورأى عتبة وشيبة رسول الله صلى الله عليه وسلم على هذه الحال،فرق قلبهما له مع أنهما مشركان، فأرسلا غلامهما عداسًا بعنقود من عنب،ليقدمه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فتناوله قائلا: بسم الله، فتعجبعداس، وقال: إن هذا الكلام لا يقوله أهل هذه البلاد -يعنى لا يقولون بسمالله- فسأله الرسول صلى الله عليه وسلم عن دينه وبلده، فقال عداس: أنانصراني من أهل نينوى، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم:
(من قريةالرجل الصالح يونس بن متى؟) فقال عداس متعجبًا: وما يدريك ما يونس بنمتى؟! فقال صلى الله عليه وسلم: (ذلك أخي كان نبيًّا وأنا نبي) فانكبَّعداس على رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبل رأسه ويديه وقدميه المجروحتين.
وفي طريق عودة رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى مكة، شاء الله أن يخففعنه ما عاناه في الطائف، فعندما وقف يصلي الفجر مر به نفر من الجن،فاستمعوا له، فلما فرغ من صلاته رجعوا إلى قومهم وقد آمنوا بالله وبرسولهصلى الله عليه وسلم ، قال تعالى مخبرًا عن هذا: {قل أوحي إلي أنه استمع نفرمن الجن فقالوا إنا سمعنا قرآنًا عجبًا يهدي إلى الرشد فآمنا به ولن نشركبربنا أحدًا} _
[الجن: 1-2].



الجزء (10) : الإسراء والمعراج



وهكذاأعرض أهل مكة عن الإسلام، وخذل أهل الطائف النبي صلى الله عليه وسلم،وازداد إيذاء الكافرين له ولصحابته، وخاصة بعد وفاة السيدة
خديجة -رضيالله عنها- وعمه أبي طالب، وأراد الله -سبحانه- أن يخفف عن نبيه ، فأكرمهبرحلة الإسراء والمعراج؛ فبينما كان الرسول صلى الله عليه وسلم نائمًا بعدالعشاء جاءه جبريل، فأيقظه وخرج به حتى انتهيا إلى دابة اسمها (البراق) تشبه البغل، ولها جناحان، فركب الرسول صلى الله عليه وسلم البراق حتى وصلبيت المقدس في فلسطين، وصلى بالأنبياء ركعتين.
وهذه الرحلة من مكة إلىبيت المقدس تسمى (الإسراء) قال تعالى: {سبحان الذي أسرى بعبده ليلاً منالمسجد الحرام إلي المسجد الأقصى الذي باركنا حوله لنريه من آياتنا إنه هوالسميع البصير} _[الإسراء: 1].
ثم بدأت الرحلة السماوية من المسجدالأقصى إلى السماوات العلا وتسمى (المعراج) وإذا بأبواب السماء تفتح للنبيصلى الله عليه وسلم، فسلم على الملائكة، وظل يصعد من سماء إلى سماء يرافقهجبريل؛ فرأى الجنة والنار، ورأى من مشاهد الآخرة ما لم يره إنسان حتى وصلإلى سدرة المنتهى، وهو موضع لم يبلغه نبي أو ملك قبله ولا بعده تكريمًا له،قال تعالى: {فكان قاب قوسين أو أدنى . فأوحى إلى عبده ما أوحى} [النجم: 9-10] وفي هذه الليلة، فرض الله الصلوات الخمس على المسلمين، ثم نزل رسولالله صلى الله عليه وسلم إلى بيت المقدس، وركب البراق عائدًا إلى مكة.
وفي الصباح، حكى رسول الله صلى الله عليه وسلم لقومه ما حدث، فكذبوه وسخروامن كلامه، وأراد الكفار أن يختبروا صدق الرسول صلى الله عليه وسلم، فطلبوامنه أن يصف بيت المقدس -ولم يكن رآه من قبل- فأظهر الله له صورة بيتالمقدس، فأخذ يصفه وهو يراه، وهم لا يرونه، وأخبرهم الرسول صلى الله عليهوسلم بأشياء رآها في الطريق، وبقوم مر عليهم وهم في طريقهم إلى مكة، فخرجالناس ينتظرونهم، فجاءوا في موعدهم الذي حدده النبي صلى الله عليه وسلمفشهدوا بصدقه.
وأسرع بعضهم إلى أبي بكر يقول له في استنكار: أسمعت مايقول محمد؟ وكان أبو بكر مؤمنًا صادق الإيمان، فصدَّق الرسول صلى الله عليهوسلم في كل ما قاله، فسماه الرسول صلى الله عليه وسلم (الصديق) وهكذا كانتهذه الرحلة تسرية عن النبي صلى الله عليه وسلم، وتخفيفًا للأحزان التيمرَّ بها، وتأكيدًا من الله له على أنه قادر على نصرته، وكانت أيضًا
دمى كتب همي
دمى كتب همي

عدد المساهمات : 607
نقاط : 1813
السٌّمعَة : 0
تاريخ التسجيل : 08/05/2012
العمر : 34

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى